عرض مسلسل "تشكيلت" يختبر نوايا تركيا تجاه الإمارات

تركيا تريد اعتماد نهج إزاء الإمارات يشبه ذلك الذي تتبناه تجاه مصر، أي تجميد المواجهة السياسية والقيام بمناوشات إعلامية من حين إلى آخر.
الاثنين 2021/09/06
حرص تركي على تعميق العلاقات الإيجابية مع الإمارات

إسطنبول – سيكون تدخل الرئيس رجب طيب أردوغان لمنع بث مسلسل أعدته المخابرات التركية ويستهدف الإمارات اختبارا حقيقيا لنوايا أنقرة تجاه أبوظبي، في الوقت الذي تشهد فيه العلاقات بين البلدين انفراجا بعد سنوات من القطيعة والمواجهة.

وبدأت قناة “تي.أر.تي1” التركية بث إعلانات عن قرب عرض الموسم الثاني من مسلسل “تشكيلت” (أي التشكيل أو المنظمة) الذي يقدم قصة متخيلة لعالم الصراع بين جهاز المخابرات التركية وجهاز مخابرات يتبع السياسي الفلسطيني المقيم في أبوظبي محمد دحلان الذي تتهمه السلطات التركية بالتنسيق مع تنظيم فتح الله غولن والترتيب لمحاولة الانقلاب ضد أردوغان عام 2016.

ويقدم المسلسل شخصية “زايد فادي” التي تقود التنظيم التابع لدحلان، وقد اختير الاسم بشكل مقصود للإيحاء بالعلاقة مع دولة الإمارات حيث تضمّن اسم “فادي” المأخوذ من كنية “أبوفادي” التي يُعرف بها دحلان. وأصدرت تركيا مذكرة اعتقال بحق دحلان بتهمة العلاقة مع تنظيم غولن والقادة العسكريين الذين قاموا بمحاولة الانقلاب.

ويروي المسلسل تفاصيل استهداف وحدة خاصة من المخابرات التركية لتنظيم “زايد فادي” في سوريا بالخطط والهجمات بالمسيّرات، عارضًا علاقة التنظيم بجهات تعتبرها تركيا عدوا لدودا مثل حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وشمال سوريا وحركة النازيين الجدد في أوروبا.

ويرى مراقبون أن العلاقات الإماراتية – التركية شهدت انفراجا بعد المؤشرات الواضحة التي تمثلت في استقبال أردوغان للشيخ طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني في الإمارات، ثم التعليقات الإيجابية التي أطلقها أردوغان بخصوص حرص تركيا على تعميق العلاقات الإيجابية مع الإمارات، وأيضا المكالمة التي أجراها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي مع أردوغان، والتي أكد فيها الطرفان على أهمية تطوير العلاقات بين البلدين، وخصوصا العلاقات الاقتصادية.

تركيا ترسل إشارات إيجابية إلى المنطقة من بوابة الدراما
تركيا ترسل إشارات إيجابية إلى المنطقة من بوابة الدراما

وحاولت تركيا إرسال إشارات إيجابية إلى المنطقة بعد أن حكم موقفها من الإخوان علاقتها بالدول العربية وتدخلت تدخلا مباشرا في عدد من الأزمات وصل إلى حد إرسال قوات عسكرية نحو ليبيا واجتياح مناطق في شمال سوريا وشمال العراق، كما بلغ هذا التدخل حد استضافتها قيادات الإخوان في مصر وتحويلها أسطنبول إلى منبر إعلامي معادٍ للقياديّين المعتدلين في المنطقة ممن تنسب إليهم مواجهة تداعيات ما يسمى بـ”الربيع العربي” الكارثية.

واستهدفت تركيا الإمارات والسعودية ومصر وسخّرت كل جهودها السياسية والإعلامية والاستخبارية ضد هذه الدول بدعم من قطر.

لكن المشروع التركي في المنطقة لم يحقق نجاحات ملموسة في مواجهة هذه الدول، وتدخلت عوامل كثيرة لتضعف موقف أردوغان المتشدد، أهمها الأزمة الاقتصادية التركية ومحاولة قطر كسر المقاطعة ضدها بالتصالح مع دول الخليج ومصر، واللامبالاة الواضحة التي أظهرها مواطنو الدول المستهدفة بالمشروع التركي.

وتحركت تركيا لتحسين علاقتها مع مصر عبر تفاهمات بين جهازي مخابرات البلدين بعد أن عملت القاهرة على التنسيق مع اليونان وقبرص، الندين التقليديين لتركيا، وقامت أنقرة بكبح بعض أنشطة الإخوان المصريين الإعلامية من إسطنبول.

لكن العلاقة بين مصر وتركيا ظلت متأرجحة وشهدت توترات خلال العام الجاري بمؤشرات تقاس بمدى حرية الإخوان المصريين المقيمين  بتركيا في استهداف النظام المصري سياسيا وإعلاميا.

ويعتقد مراقبون أن تركيا تريد أن تعتمد تجاه الإمارات نهجا يشبه ذلك الذي تتبناه إزاء مصر، أي تجميد المواجهة السياسية والقيام بمناوشات إعلامية من حين إلى آخر، وفتح آفاق التعاون الاقتصادي والاستثمارات.

1