"عرس كليب".. دراما عن أبناء الشرق تعيد المسرح إلى شمال سيناء

عروض مسرحية مميزة تتناول تراث مدينة سيناء دون تشويه.
الاثنين 2022/10/24
الثقافة تحافظ على الهوية

سيناء (مصر) - بعد عودة خجولة العام الماضي تلاها انقطاع، تعود الحياة الثقافية في شمال سيناء إلى سالف عهدها، حيث تنفض عنها غبار التطرف والإرهاب الذي كان يخيم على المدينة ويهدد أمنها وحياة أهاليها لنحو عشر سنوات.

وفي هذا الإطار، بدأ قصر ثقافة العريش بمحافظة شمال سيناء بعرض مسرحية “عرس كليب” الاستعراضية الغنائية التي تتناول التراث السيناوي دون تشويه.

وتعود الفرقة القومية للفنون المسرحية بثقافة شمال سيناء بهذا العمل لتقديم العروض التي ينتظرها جمهور المسرح في سيناء وخاصة بعد توقفه منذ سنوات.

المسرحية تحكي، من خلال الراوي وهو ذاته المغني لأحداث العرض، التراث السيناوي في محاولة لتجديده والحفاظ عليه

والعرض مصنف على أنه ملحمة غنائية استعراضية شعبية من تأليف درويش الأسيوطى وإخراج مجدي الشريف، ومن تقديم وعرض فرقة العريش للفنون المسرحية بطولة نجوم في حب سيناء.

ويقول الفنان مجدي الشريف مخرج العرض المسرحي إن “عرس كليب” هي بمثابة عودة للمسرح الجاد المنضبط فنيا وإداريا من حيث الشكل والمضمون إلى جمهور شمال سيناء المتعطش لمشاهدة مثل هذه الأعمال.

وأشار الشريف إلى أنه منذ ما يزيد على إحدى عشر عاما لم تقدم ثقافة شمال سيناء أي عروض مسرحية بسبب الظروف التي شهدتها المنطقة وإغلاق المسرح منذ2010 وإعادة افتتاحه في أبريل 2021.

ولفت إلى أن مسرحية “عرس كليب” أول عرض يقام على قصر ثقافة العريش وهي الدراما التي كتبها الشاعر الكبير درويش الأسيوطي في جو من التراث الشعبي الصعيدي، موضحا أنه قام بإعادة صياغة المسرحية من خلال مفردات السامر السيناوي وتطويع الفكرة والموضوع من خلال الدراما ليتناسب العرض مع الأحداث التي شهدتها المحافظة خلال السنوات الماضية.

وأضاف أن مسرحية “عرس كليب” تحكي، من خلال الراوي وهو ذاته المغني لأحداث العرض، التراث السيناوي في محاولة لتجديده والحفاظ عليه من التشويه الذي أصابه خلال حقبة ما بعد عام 1967 وتداخل بعض المفردات الغربية على المجتمع السيناوي.

ولفت الشريف إلى أن “عرس كليب” تحكي قصة عن أبناء الشرق، في إشارة للمنطقة التي تشهد الصراعات دائما، وما لأهل الشرق من دور قوي في حماية الأرض والعرض على مدى التاريخ.

وتابع “منذ أول مشهد نجد الطقوس السيناوية من خلال طلب الشيخ مرة من أخيه الشيخ ربيعة يد ابنته ضباع إلى ابنه همام ويطلب الشيخ ربيعة من أخيه مرة ابنته الجليلة بالمثل لولده كُليب، ويقام حفل حمام العريس ويسعد أهل الشرق بالفرح إلا أن أهل الشر بالمرصاد دائما لأهل الشرق فيطمع أمير الشر التبعي حسان في الجليلة بعدما سمع عنها وعن جمالها الفتان وهي تستعد لفرحها مع ابن عمها كُليب ويطلب مصاهرة الشيخ مرة بعد ما أذاق أهل الشرق الويلات”.

"عرس كليب" هي عودة للمسرح الجاد المنضبط فنيا وإداريا من حيث الشكل والمضمون إلى جمهور شمال سيناء

ويضيف “من العادات أن يختار العريس له وكيلا يوم عرسه يكون بمقام الشيخ أو ملك العُرس ويقع اختيار كليب العريس على عمران المجذوب ليكون هو المتحكم في الأحداث لمدة يوم واحد (يوم الفرح)، حيث تنص القوانين على أنه لا يجوز التدخل في الحكم من أي شخص آخر حتى شيخ القبيلة ذاته والذي بدوره يتنازل عن المشيخة لمدة يوم واحد مسلماٌ الراية وهى العباية إلى عمران المجذوب ليجد عمران نفسه في ورطة عندما يدخل عليهم أهل الشر لتزويج جليلة بالإكراه، لكن المجذوب ينجح في نسج خطة عبقرية مع كُليب وأهل الشرق ويتخلصون من أهل الشر نهائيا”.

وتلعب المسرحية على الأضداد حيث تتطرق إلى الخير والشر، الخوف والشجاعة، الحزن والفرح، الوفاء والغدر، وتجمع بين كل هذه الثنائيات مع التركيز على العادات والتقاليد المنتشرة في شمال سيناء، لتؤكد أن “أهل الشرق” قادرون دوما على الصمود في وجه الدسائس والأعداء والمكائد، وقادرون على المحافظة على هويتهم وأرضهم.

ويقارب العرض المسرحي الساعتين، وفيهما يستعرض صورة رمزية لما حدث ويحدث على أرض شمال سيناء خلال الفترة الماضية في جو من المتعة السمعية والبصرية. وهو أشبه بامتداد لتوثيق الأحداث الواقعية من خلال الدراما المسرحية.

وليست هذه المرة الأولى التي يعمل فيها مخرج العمل الشريف على التأريخ بالمسرح بل سبق وأن قدم الملحمة الغنائية “حكاية بنت اسمها روضة” وهو توثيق مسرحي للعملية الإرهابية التي استهدفت مسجد الروضة التابع للطرق الصوفية في سيناء عام 2017، ويؤمن المخرج بأن القوى الناعمة تحارب جنبا إلى جنب مع القوة الأمنية ضد تزييف التاريخ وانتشار التطرف الفكري.

15