عرب أوبك يضيّعون فرصة إقامة جبهة موحدة أثناء كوب 28

الدوحة / دبي – كشف الاجتماع الذي عقده وزراء النفط في الدول العربية الأعضاء في أوبك الاثنين بالدوحة، بدلا من دبي حيث تجري فعاليات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28)، أن هذه الدول قد فوتت فرصة إقامة جبهة موحدة أثناء كوب 28.
وبدا عقد اجتماع الدوحة هروبا من أي التزامات تجاه المساعي الدولية لمواجهة التغير المناخي، وأظهر أن الدول الحاضرة قد خيرت البحث عن مصالحها، في الوقت الذي أظهرت فيه الإمارات وعيا متقدما بقضية المناخ يجمع بين الحفاظ على المصالح ومراعاة حاجة العالم إلى الوحدة في مواجهة الاحتباس الاحتراري.
وتساءل مراقبون عما إذا كان الهروب إلى الدوحة للاجتماع بدلا من عقده في دبي، تحت أنظار المنظمات والخبراء والنشطاء المدافعين عن المناخ، يخفي مسعى للتقليل من النجاح الكبير الذي حققته الإمارات في كوب 28 بدلا من اعتبار نجاحها نجاحا للمنطقة، وبصفة خاصة منطقة الخليج.
واستغرب المراقبون احتضان الدوحةِ اجتماعَ أوبك على الرغم من انسحاب قطر من المجموعة منذ عام 2018. وتعتبر السعودية نفسها قائدة للتجمع النفطي بحكم حجم إنتاجها.
جيم كراين: الإماراتيون أكثر ارتياحًا للتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري لأن اقتصادهم أكثر تنوعًا
وشارك وزراء نفط عرب من العراق والكويت والجزائر وعمان في اجتماع الدوحة بالإضافة إلى وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان الذي كان في دبي لحضور مؤتمر المناخ، في حين غاب عنه وزير الطاقة الإماراتي سهيل محمد المزروعي.
وسعت الإمارات من خلال استضافة كوب 28 إلى إظهار رغبة جدية في المشاركة في الجهود العالمية للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري.
ويقول خبراء إنه ليس مطلوبا من الدول النفطية الاستجابة لمطالب الاستغناء عن الوقود الأحفوري، فتلك مطالب مشطة، ولكن يمكنها أخذ تخوف العالم بعين الاعتبار.
وتعارض السعودية أي إجراءات غير محسوبة يمكن أن تحد من عائدات النفط التي يراهن عليها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لتنفيذ مشاريع كبرى خطط لتنفيذها ضمن “رؤية 2030” وتهدف إلى إعداد السعودية لمرحلة ما بعد النفط.
وقال جيم كراين من معهد “بايكر” في جامعة هيوستن الأميركية “نشهد خلافًا بين الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول النفطية الكبرى بشأن مستقبل الوقود الأحفوري”.
ورأى جيم كراين أنه بالنسبة إلى السعوديين “رغم أنهم يعيشون في إحدى المناطق الأكثر حرًا على الكوكب، فإن إنقاذ النفط أهمّ من إنقاذ المناخ”، أما بالنسبة إلى الإماراتيين ورغم الاستثمارات الهائلة في قطاع النفط فإنهم “أكثر ارتياحًا للتخلي التدريجي عن الوقود الأحفوري لأن اقتصادهم أكثر تنوعًا بكثير من اقتصاد معظم أعضاء أوبك”.
من جانبها استثمرت قطر، وهي إحدى الدول الرائدة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال في العالم، “عشرات المليارات من الدولارات” في هذا القطاع حسب ما ذكره وزير الدولة لشؤون الطاقة سعد بن شريده الكعبي. ودعا الكعبي خلال مؤتمر الطاقة العربي في الدوحة الاثنين إلى “إعطاء الأولوية لمواجهة تحديات تحقيق أمن الطاقة”.
وبالنسبة إلى الدول العربية غير النفطية في الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا، فإن تأييد الموقف السعودي كما جرت العادة تاريخيًا، يصطدم هذه المرة بمصالحها البيئية والزراعية والصحية، بحسب منظمات غير حكومية. والعالم العربي هو إحدى المناطق الأكثر تأثرا بتداعيات التغيّر المناخي.
وأشارت المديرة التنفيذية لمنظمة “غرينبيس” في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غوى نكت أن المنظمة سجّلت هذا العام “آثار تغير المناخ في واحات المغرب، وعلى الزراعة في مصر وتونس والجزائر، وحتى على غابات الأرز في لبنان”. وأضافت أنه حتى في السعودية سيصبح موسم الحجّ في مكة المكرمة “صعبًا جدًا إذا ارتفعت حرارة الأرض درجتين مئويتين”.
ليس مطلوبا من الدول النفطية الاستجابة لمطالب الاستغناء عن الوقود الأحفوري، فتلك مطالب مشطة، ولكن يمكنها أخذ تخوف العالم بعين الاعتبار
لكنّ المملكة هي أيضًا أكبر اقتصاد في الشرق الأوسط، ومن بين أبرز المستثمرين في الدول غير النفطية في المنطقة على غرار لبنان والأردن ومصر. وبدت مقاربة الإمارات واضحة في مسودة البيان الختامي لمؤتمر المناخ التي نشرتها الرئاسة الإماراتية للمؤتمر الاثنين.
ونصت المسودة على الدعوة إلى “خفض استهلاك وإنتاج الوقود الأحفوري” المسؤول عن القسم الأكبر من الانبعاثات الملوثة والمسببة للاحترار العالمي.
ويدعو النص بشكل خاص إلى “خفض استهلاك الوقود الأحفوري واستهلاكه في الوقت نفسه بطريقة عادلة ومنظمة ومنصفة، على نحو يتيح الوصول إلى صافي الصفر (الحياد الكربوني) من الآن وحتى سنة 2050 وحواليها وقبل ذلك، وذلك بناء على ما يوصي به العلم”.
لكنها لم تستخدم كلمة “الاستغناء” عن النفط أو الغاز أو الفحم التي تمثل مصادر للغازات الدفيئة، ومثلت خطا أحمر بالنسبة إلى العديد من الأطراف المشاركة في مفاوضات دبي.
وفيما يتعلق بالفحم يدعو النص إلى “الحد بسرعة من الفحم المستخدم من دون احتجاز الكربون”، فضلاً عن “فرض قيود على التصاريح الممنوحة لمحطات الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم” من دون احتجاز الكربون، وهو ما يعد خطوة إلى الوراء مقارنة بالاتفاق المعتمد في 2021 ضمن كوب 26 في غلاسكو.
وتتطرق المسودة أيضًا إلى الطاقة النووية وتقنيات احتجاز الكربون وتخزينه “من أجل تحسين الجهود المبذولة للاستعاضة عن الوقود الأحفوري من دون احتجاز (الكربون) في أنظمة الطاقة”. وتقنيات احتجاز الكربون مازالت غير ناضجة ولكن الدول المنتجة للنفط والغاز تركز عليها لمواصلة استخراج الوقود الأحفوري.
ويتضمن النص هدف مضاعفة الطاقات المتجددة ثلاث مرات على مستوى العالم ومضاعفة معدل التحسن في كفاءة الطاقة مرتين بحلول عام 2030.