عراقيون يقيمون مهرجانا للتمور لإعادة الاعتبار للنخيل

رغم تفشي فايروس كورونا أقام عدد من العراقيين مهرجانا للتمور، سعيا منهم إلى إعادة الاهتمام بالنخيل كونها رمزا من رموز بلاد الرافدين على مر العصور، بالإضافة إلى أن ثمارها تعد طوق نجاة من الأزمة الصحية.
بغداد – مع بداية موسم جني ثمار التمور في العراق ورغم تفشي فايروس كورونا، أقيم أول مهرجان للتمور بهدف إعادة الاهتمام بالنخيل.
ففي مدينة الضلوعية (الواقعة على بعد 100 كم شمال العاصمة بغداد)، أقام مجموعة من المهتمين بالنخيل والساعين لتشجيع المزارعين على زراعة هذه الشجرة المثمرة والتي تعد رمزا من رموز العراق على مر العصور التاريخية مهرجانا للاحتفاء بهذه الثمرة.
ويهدف القائمون على هذا المهرجان الذي عرض فيه أكثر من 200 نوع من التمور إلى التشجيع على زراعة النخيل لما لهذه الشجرة من مدلول تاريخي ورمزي في حياة العراقيين، وكذلك يهدفون إلى لفت انتباه الحكومة للاهتمام بهذه الشجرة المهمة ومساعدة الفلاحين لتطوير إنتاجهم من التمور.
ووفقا لوكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، قال عمر بابان الحاصل على شهادة الدكتوراه في الزراعة، وأحد المشرفين على المهرجان، “النخلة هي رمز من رموز بلاد الرافدين على مر العصور، وعلينا الاهتمام بها والإكثار من زراعتها، فهي توفر مردودا اقتصاديا جيدا وتساهم في استقرار الأمن الغذائي للبلاد”.
وأضاف بابان “رغم التأثيرات السلبية للجائحة، إلا أننا أقمنا هذا المهرجان وعرضنا فيه أكثر من 200 نوع من أنواع التمور”، مبينا أنه الأول من نوعه في العراق بعد تفشي كورونا.
وأكد عبدالحكيم ادهام، أحد المشرفين على المهرجان، “نهدف بالإضافة إلى التشجيع على زراعة النخيل والاهتمام به، إلى توجيه دعوة إلى الحكومة للاهتمام بهذه الشجرة ودعم من يزرعها”.
وأشار إلى أن كورونا أثر على زراعة النخيل لأنه ظهر في العراق خلال شهر مارس الماضي، وهو موسم بداية زراعة النخيل، فضلا عن أن الإجراءات الحكومية قيدت حركة المزارعين في رعاية نخيلهم الأمر الذي انعكس سلبيا على كميات الإنتاج.
وتابع “نريد من الحكومة أن تدعم الفلاح وتوقف استيراد التمور من دول الجوار “متسائلا هل من المعقول أن بلدا كان يحتل المركز الأول في إنتاج التمور يستوردها”.
ويعد العراق من أقدم مواطن زراعة النخيل في العالم، إذ تشير المصادر التاريخية إلى ظهور أول نخلة في العالم بمدينة أريدو التاريخية جنوبي العراق قبل أكثر من أربعة آلاف سنة قبل الميلاد.
وتحتوي مسلة حمورابي، أول قانون في العالم على سبعة قوانين تتعلق بالنخيل منها قانون يفرض غرامات كبيرة على من يقطع نخلة، وقوانين أخرى تتعلق بتلقيح الأشجار وبالعلاقة بين الفلاح ومالك الأرض وعقوبات على الإهمال وعدم العناية حيث تفرض على الفلاح أن يدفع إيجار البستان كاملا إلى المالك إذا تسبب إهماله أو عدم عنايته بالأشجار في قلة إنتاج التمر.
وكان العراق يمتلك أكثر من 30 مليون نخلة في سبعينات ومطلع ثمانينات القرن الماضي، إلا أن أعدادها بدأت بالانخفاض تدريجيا حتى وصلت إلى نحو 11 مليون نخلة منتجة للتمر، بسبب الحروب والإهمال على مدى العقود الأربعة الماضية ما دفع العراق إلى استيراد التمور في بعض الأوقات من دول الجوار التي كانت تستوردها منه.
ولطالما شكلت زراعة أشجار نخيل التمر التي أدرجت في 2019 على قائمة التراث غير المادي لليونسكو، عاملا مهمّا في تأسيس الحضارات وامتدادها في المناطق الحارة والجافة في العالم العربي، وشكلت النخلة، التي تضرب جذورها عميقا في التربة، مصدرا للغذاء والكسب الاقتصادي.
وقال الخبير الاقتصادي عبدالله الجبوري، “علينا أن نتعلم الدروس من هذه الأزمة، وأن نعتمد على توفير المواد الغذائية الأساسية التي تمنع حصول مجاعة، ومنها التمر، إذا علينا أن نولي اهتماما كبيرا بزراعة النخيل وتطويرها، فالتمور تعد وجبة غذائية كاملة”.
وتابع أن “الإكثار من زراعة النخيل سيساهم في إحياء صناعات تراثية كان أجدادنا يصنعونها من النخيل حيث يستخدمون السعف وجريد النخيل لصناعة الأسرة والسلال والكراسي وطاولات الطعام وغيرها”.
وأكد أن الاهتمام الحكومي بزراعة النخيل سيوفر فرص عمل للعاطلين ما يقلل من نسبة البطالة المرتفعة، داعيا الحكومة العراقية إلى إنشاء بورصة للتمور في محافظة البصرة كونها أكثر محافظة فيها نخيل فضلا عن وجود الموانئ فيها ما يسهل عمليات التصدير للخارج.
وبدأت عمليات جني التمور في العراق خلال الأسبوع الماضي وتتواصل خلال الأيام المقبلة، حيث يأمل التجار في تصدير كميات منها للخارج.