عراقجي في لبنان لفتح صفحة جديدة في العلاقات

بيروت – وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، إلى لبنان اليوم الثلاثاء، في زيارة رسمية هي الأولى له منذ تولي الرئيس جوزيف عون رئاسة الجمهورية اللبنانية لعقد محادثات سياسية رفيعة المستوى، استهلتها بلقاء نظيره اللبناني يوسف رجّي.
وتأتي الزيارة في توقيت بالغ الحساسية، حيث تتسارع المتغيرات الإقليمية والدولية وتصطف المفاوضات النووية الإيرانية في الواجهة، فيما يسعى عراقجي نحو التقارب، مستخدما محطة توقيع كتابه كمدخل رمزي لإعادة صياغة العلاقات مع بيروت، في ظل مشهد لبناني جديد يتجه نحو استعادة سيادته ودوره الطبيعي.
يمر لبنان بمرحلة مفصلية تتسم بتحديات جسيمة على الأصعدة السياسية، الأمنية، والاقتصادية. فبعد سنوات من الشلل السياسي والاقتصادي، أسفر انتخاب الرئيس جوزيف عون وتشكيل حكومة جديدة برئاسة نواف سلام مطلع العام الجاري عن سلطة تنفيذية تبدي عزما راسخا على استعادة سيادة الدولة، وبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية، وحصر السلاح بيد المؤسسات الرسمية.
وهذا التوجه يشكل تحديا مباشرا لنفوذ حزب الله، المدعوم من إيران، والذي لطالما احتفظ بسلاحه خارج إطار الدولة تحت ذريعة "المقاومة".
وعلى الصعيد الإقليمي، تشهد المنطقة تحولات متسارعة، بما في ذلك المفاوضات الجارية بشأن الملف النووي الإيراني، والتي تتابعها طهران عن كثب. كما أن الاغتيالات الإسرائيلية المتزايدة لقيادات حزب الله وتدمير جزء كبير من بنيته التحتية، تُشكل ضربة قوية للحزب، وتُضعف من نفوذه التقليدي على الساحة السياسية اللبنانية، مما يفتح الباب أمام ديناميكيات جديدة قد لا تكون في صالح الأجندة الإيرانية.
وهذه المتغيرات تفتح الباب أمام ديناميكيات جديدة قد لا تكون في صالح الأجندة الإيرانية التقليدية، مما يستدعي من طهران إعادة تقييم استراتيجياتها في المنطقة. وعلى الرغم من محدودية العلاقات الرسمية المباشرة بين الجمهورية الإسلامية والدولة اللبنانية، إلا أن زيارة عراقجي تأتي في سياق محاولة إيران لتأكيد سياستها، وإبداء الانفتاح تجاه الحوار، في ظل هذه التحوّلات الإقليمية المتسارعة.
وأكد رئيس الجمهورية جوزيف عون خلال لقاءه عراقجي أن لبنان يتطلع إلى تعزيز العلاقات من دولة إلى دولة مع إيران، مشددا على أن الحوار الداخلي هو المدخل لكل المسائل المختلف عليها، وكذلك الحوار بين الدول بعيداً عن العنف.
ولفت إلى أن إعادة إعمار ما هدمته الحرب الإسرائيلية على لبنان من الأولويات التي نعمل عليها مع الحكومة، بالتعاون مع الدول الشقيقة والصديقة، وفق القوانين المرعية الإجراء.
ومن جهته، أكد عراقجي على أن إيران تدعم استقلال لبنان وسيادته ووحدة أراضيه، والجهود التي يبذلها لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدا أن دعم إيران للبنان يأتي في إطار العلاقات الجيدة بين البلدين ومبدأ عدم التدخل في السياسة الداخلية. كما أشار إلى أن إيران تدعم الحوار الوطني في لبنان بين الطوائف والمجموعات والاتجاهات المختلف
وقبل لقاءه عون بحث عراقجي فور وصوله إلى لبنان، مع نظيره اللبناني آخر المستجدّات على الساحتين الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى المفاوضات الجارية بشأن الملف النووي الإيراني.
وأعلن رجّي أن" لبنان يعول على حرص الجمهورية الاسلامية الايرانية على أمنه واستقراره وسلمه الأهلي، تمكيناً له من تجاوز التحديّات الجسام التي يواجهها، بدءا باستكمال الجهد الديبلوماسي الرامي الى تحرير الأراضي التي ما زالت تحتلّها إسرائيل ووقف إعتداءاتها المتواصلة، وبسط سلطة الدولة اللبنانية على كامل أراضيها و حصر السلاح بيدها، وصولا الى تأمين الدعم اللازم من الدول الصديقة للبنان من خلال الحكومة اللبنانية والمؤسسات الرسمية حصراً لكي تتمكن من القيام بدورها في اعادة الإعمار والنهوض الاقتصادي المنشود".
ومن جهته، أكد عراقجي أن زيارته تأتي في إطار" فتح صفحة جديدة في العلاقة مع لبنان انطلاقا من الظروف المستجدة التي يشهدها لبنان والمنطقة".
ووصل عراقجي إلى بيروت قادما من مصر، في زيارة رسمية يجري خلالها محادثات مع كبار المسؤولين.
ويشير تزامن زيارة عراقجي مع المفاوضات النووية الإيرانية إلى أن طهران إلى احتمال استخدام هذه الزيارات الإقليمية لتعزيز موقعها التفاوضي، أو إرسال رسائل حول نفوذها ودورها في المنطقة. كما أن ملف الطاقة، الذي يُعد حيويا للطرفين، قد يكون حاضرًا في النقاشات وإن لم يُعلن عنه صراحة.
وقد يكون حفل توقيع كتابه الذي يوثّق مسيرته التفاوضية في الملف النووي، بحضور شخصيات فكرية وإعلامية لبنانية، محطة رمزية تعطي الزيارة طابعا حواريا وانفتاحيا، كمقدمة لإعادة صياغة العلاقات.
وبعد تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة ذات التوجه السيادي، وتراجع نفوذ "حزب الله" على الساحة السياسية، إضافة إلى الضربات الإسرائيلية التي تلقاها الحزب، تسعى إيران إلى إعادة تموضعها وضمان استمرار نفوذها بطرق دبلوماسية وربما غير مباشرة.
وبحسب المعلن فإن زيارة عراقجي لن تشمل لقاءات مع مسؤولين في حزب الله الذي تلقى ضربة قوية نتيجة اغتيال إسرائيل لعدد كبير من قياداته وتدمير بناه التحتية، وتراجع نفوذه على الساحة السياسية منذ انتخاب عون رئيسا وتشكيل حكومة في لبنان برئاسة نواف سلام منذ مطلع العام.