عدنان درجال ومكسب اللاعب قبل الوزير

تونس - تتباين تجارب بعض اللاعبين وقد تتمايز أحيانا وتصل إلى حالة التفرد لتؤول مكسبا لبلدانهم خصوصا إذا كانوا من ذوي الخبرة والكفاءة العالية وحاسمين على أرضية الملعب. أمثلة عديدة لهؤلاء النجوم الكبار والأساطير الذين رسموا البهجة وكتبوا تاريخهم مع منتخبات بلدانهم عالميا وعربيا وفي رياضات مختلفة لتمنحهم الحياة فرصة ثانية. فرصة اعتلاء منصب إداري. قد يختلف هذا المنصب ويتباين وفق الحاجة، لكنه يمثل فرصة ثانية تعكسها الثقة في هذا الشخص وقدرته على ملء الفراغ قولا وفعلا.
عدنان درجال أسطورة كرة القدم العراقية الذي تمّ منحه حقيبة الرياضة في حكومة رئيس الوزراء الجديد مصطفى الكاظمي فرض نفسه كلاعب قبل أن يكون وزيرا. فهذا المدافع الذي عرفت عنه حنكته في ما مضى وصلابته الدائمة في الدفاع عن مرمى “أسود الرافدين” رأى فيه “الخصوم” قبل المقرّبين صمام أمان أيضا في وزارة ينتظرها عمل كبير. رغم أن ذلك لا ينفي “الجدل” الذي قام بعد الإعلان عن اسمه والذي لا يخدم الرياضة العراقية في شيء.
مناصب رياضة
تعيين درجال لم يكن مفاجئا للكثيرين، حيث اعتاد الجمهور الرياضي منذ زمن بعيد رؤية أبطال الرياضة الشعبية ونجوم الكرة الكبار في العالم يعتلون مناصب رياضية ومنهم من تولى رئاسة الاتحادات الرياضية وآخرون عيّنوا لرئاسة اتحادات قارية ودولية إلى جانب تولي بعضهم مناصب متقدمة في الدولة.
أمثلة عديدة في هذا الخصوص يتوجّب ذكرها والوقوف عندها إدراكا لقيمة هؤلاء أولا ولحجم المسؤولية التي يمكن أن تكون مناطة بعهدتهم في مستوى ثان. من المهمّ التذكير في هكذا إطار بمنصب نجم الكرة الفرنسية الشهير ميشيل بلاتيني كرئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” والألماني توماس باخ بطل المبارزة الأولمبي السابق والذي يقود حاليا اللجنة الأولمبية الدولية، وبدرجة أقل كارل هاينس رومينغيه الرئيس التنفيذي الحالي لبايرن ميونخ الألماني.
أما عربيا فقلما شاهدنا رياضيا يحظى بمنصب عال في بلده إلا بعض الأمثلة التي مازالت تعدّ على الأصابع. ربما حصل ذلك مرات قلائل مثلا في المغرب حين تولت النجمة الأولمبية نوال المتوكل منصب وزيرة الشباب والرياضة، وفي تونس بعدما وقع الاختيار على النجم السابق للترجي والمنتخب طارق ذياب ليكون وزيرا للرياضة.
لذلك حريّ بأن يلقى خبر تصويت البرلمان العراقي على اختيار عدنان درجال وزيرا للشباب والرياضة كلّ هذا الصدى الإيجابي في العراق وفي أكثر من بلد عربي. كون هذا الاختيار هو أولا وقبل كل شيء انتصار للرياضة العراقية التي عانت كثيرا من التهميش وآن الأوان لتعود إلى سالف عهدها بعد مراحل طويلة من الصبر والعذاب، وهي التي اكتوت طويلا بنار الحظر المفروض عليها والحرمان من خوض منافساتها الكروية على أرضها وبين جمهورها وما زالت تمني النفس بأن يرفع هذا الحظر كليا.
يرى كثيرون أن اختيار درجال هو مكسب مهمّ للرياضة العراقية عموما ولكرة القدم على وجه الخصوص لاسيما وأن الرجل يعدّ من نجوم الكرة الكبار ومن جيل العمالقة المعروفين من أمثال فلاح حسن وعلي كاظم وناظم شاكر وغيرهم. ذلك الجيل الذي قاد الكرة العراقية إلى حصد العديد من البطولات العربية والخليجية والآسيوية وحفروا أسماءهم في سجلات المجد ليذكرهم جيل اليوم بالكثير من الفخر والاعتزاز.
من شأن هذا الاختيار أن يعزز أيضا من مكانة الرياضة العراقية ويدفع بها خطوات كبيرة نحو مراتب المقدمة إلى جانب الدعم الذي سيوليه الرجل أيضا للرياضة العربية لجهة ما عرف عنه من مواقف مشهودة في هذا الاتجاه.
ظواهر سلبية
اختيار درجال لهذا المنصب يدفع إلى طرق باب مهمّ يتعلق بقدرة نجوم الرياضة على التصدي للعديد من الظواهر السلبية التي أصابت القطاع في مقتل ومنها الفساد والرشاوى والصفقات المشبوهة في مواقع مختلفة تحتلها شخصيات لا ترتبط بالرياضة وجاء اختيارها بحكم الولاءات أو لعدة اعتبارات أخرى بعيدا عن النزاهة والكفاءة.
عموما ما أحوج قطاع الرياضة في العراق اليوم إلى نجوم كبار من أمثال درجال ليكونوا في واجهة العمل الإداري، ذلك لأنهم وحدهم القادرون على استكشاف بواطن الأمور وتقفي المعاناة التي يعيشها الرياضيون بحكم خبرتهم الكبيرة والأهم من ذلك التجارب التي مروا بها ومعرفتهم بكل كبيرة وصغيرة داخله. فمرحبا بنجم “أسود الرافدين” وصمام دفاعه عدنان درجال لاعبا ووزيرا، وهنيئا للعراق والعراقيين بهذا الرجل الذي يلوح قادرا على إعادة الرياضة وكرة القدم أساسا إلى سالف عهدها وألقها.