عدم اليقين يلف استئناف تصدير نفط كركوك إلى تركيا

تلكؤ أنقرة في تسوية ملف التعويضات والسماح بالضخ نحو ميناء جيهان يفقدان بغداد عوائد خام الإقليم.
السبت 2023/05/13
انتظر قليلا فالموعد لم يحن بعد!

يحمل تلكؤ تركيا في السماح لصادرات النفط العراقية بالعبور إلى ميناء جيهان عبر خط أنابيب من إقليم كردستان رغم الطلب الذي تقدمت به بغداد لاستئناف عمليات الضخ، في طياته ضبابية، بالنظر إلى موقف أنقرة المتعنت بشأن تسوية ملف التعويضات.

بغداد - يُفترض أن يُستأنف السبت تصدير النفط من إقليم كردستان العراق عبر ميناء جيهان التركي بعد فترة من توقفه، وإثر توصل بغداد وأربيل إلى تسوية بشأن هذا الملف الشائك الذي سمم العلاقات بين الطرفين لسنوات.

ولكن تصريح وزير النفط العراقي حيان عبدالغني بأن بغداد لم تتلق ردا من شركة بوتاش التركية على طلب لعودة تدفقات الخام يجعل الموعد الذي حدده العراقيون قد يتأجل إلى وقت غير معلوم.

وأوضح عبدالغني للصحافيين خلال زيارة إلى حقل نفطي في البصرة الجمعة أنه في حال استئناف التدفقات فإنه سيتم ضخ 500 ألف برميل يوميا.

وأوقفت تركيا أواخر مارس الماضي ضخ 450 ألف برميل يوميا من صادرات نفط حقول كركوك من خلال خط الأنابيب بعد حكم في قضية تحكيم صدر عن غرفة التجارة الدولية.

حيان عبدالغني: لم نتلق ردا من شركة بوتاش التركية لعودة تدفقات الخام
حيان عبدالغني: لم نتلق ردا من شركة بوتاش التركية لعودة تدفقات الخام

وأمرت غرفة التجارة تركيا بدفع تعويضات لبغداد بقيمة 1.5 مليار دولار عن سماحها لحكومة إقليم كردستان بتصدير النفط بشكل غير قانوني خلال الفترة من 2014 إلى 2018، ونفى وزير الطاقة التركي فاتح دونميز أن يكون على بلاده دفع تعويضات.

وكان مسؤول كبير بوزارة النفط فضّل عدم الكشف عن هويته، قد قال لفرانس برس إن “مبلغ الغرامات التي ينبغي على تركيا دفعها قد يتخطى 1.8 مليار دولار”.

وسبق أن أوضحت مصادر لرويترز أن تركيا تسعى للتفاوض بشأن التعويضات، كما تتطلع إلى حل دائم لقضايا تحكيم أخرى مفتوحة قبل استئناف التدفقات.

وتستعد تركيا لإجراء انتخابات رئاسية الأحد المقبل، وهو أمر توقع البعض من المراقبين أن يؤدي إلى تأخير استئناف الضخ.

وتقدم العراق بطلبه بعد أن وقع متعاملون يشترون الخام من إقليم كردستان عقودا مع شركة تسويق النفط العراقية الحكومية (سومو). وقال عبدالغني الخميس إن “سومو أبلغت بوتاش باستئناف عمليات التصدير والتحميل اعتبارا من الثالث عشر من مايو الجاري”.

وأضاف حينها أنه تمّ “الانتهاء من إبرام التعاقدات مع الشركات الدولية لبيع وتسويق النفط الخام من منفذ جيهان التركي وفق الآليات التي تعتمدها شركة سومو”.

ووافقت حكومة الإقليم على قيام سومو بتسويق نفطها الخام. وقالت مصادر مطلعة إن عائدات تصديرها ستودع في حساب مصرفي لحكومة الإقليم لدى بنك سيتي في الإمارات، وسيكون بمقدور بغداد إجراء أعمال تدقيق.

وقال باسم محمد وكيل وزير النفط لشؤون الاستخراج لرويترز إن “مسألة ديون الإقليم ستُناقش مع حكومة كردستان عبر وزارتي النفط والمالية”. وتابع أن بغداد “جادة في التوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين”.

وكبّد توقف الصادرات طوال تلك المدة خسائر بنحو “المليار دولار”، وفق ما قاله الخبير النفطي كوفند شيرواني لفرانس برس. إذ منذ أكثر من عقد، يمثّل النفط الرئة الاقتصادية للإقليم، مع 475 ألف برميل تصدّر منه يومياً عبر ميناء جيهان التركي.

ومطلع مايو الجاري تحدّث عبدالغني خلال مشاركته في “منتدى العراق” عن أسباب تأخر استئناف التصدير، مشيرا إلى “الفحوصات التي أجراها الجانب التركي للأنابيب” لتلافي التسربات المحتملة بعد الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا في فبراير.

لكنه تحدّث كذلك عن نقاط مالية لا تزال عالقة، مثل “كيفية التعامل مع الحساب المالي أو الأموال التي تأتي عبر هذا التصدير”.

منى تستأنف عمليات الضخ
منى تستأنف عمليات الضخ

ويتعلق الأمر كذلك بموازنة الدولة العراقية التي لم يتم إقرارها بعد في البرلمان، إذ في حين تدير بغداد الموارد النفطية، لكنها تخصص للإقليم نحو 12 في المئة من الموازنة الاتحادية.

ومن جهة ثانية، لا يزال هناك مبلغ “الغرامات” الذي ينبغي على أنقرة أن تقوم بدفعه إلى السلطات العراقية، وفق وزير النفط.

وحدد اتفاق موقّع في عام 1973 بين أنقرة وبغداد ينظم استخدام أنابيب النفط والصادرات 1.19 دولارا كمبلغ أجور النقل لكلّ برميل ينقل عبر جيهان.

لكن إقليم كردستان كان يدفع “أكثر من هذا المبلغ بكثير”، وفق الوزير، مضيفا “لذلك نحن نعتقد أن هذه المبالغ الزائدة ترجع إلى الحكومة العراقية”.

وبعد سنوات من تصديره منفردا للنفط عبر تركيا، بات على الإقليم المتمتع بحكم ذاتي الالتزام اعتبارا من أواخر مارس بقرار هيئة تحكيم دولية أعطى لبغداد الحقّ في إدارة كاملة لنفط كردستان.

وينص اتفاق مؤقت وقّع بين بغداد وأربيل مطلع أبريل على أن تتم مبيعات نفط كردستان عبر شركة سومو. أما الإيرادات المحققة من حقول الإقليم، فتودع في حساب مصرفي لدى البنك المركزي العراقي، أو أحد المصارف المعتمدة من قبله.

ومن شأن ذلك تعزيز عائدات بغداد من الخام، والتي بلغت 7.5 مليار دولار في مارس، إذ يعدّ العراق ثاني أكبر دول منظمة أوبك ويصدّر معدّل 3.3 مليون برميل يوميا.

500

ألف برميل يوميا يتوقع أن يبدأ العراق ضخها من إقليم كردستان بموجب اتفاق بين بغداد وأربيل

ويخطط العراق إلى رفع الطاقات الإنتاجية من الخام للوصول إلى ما بين 5 و6 ملايين برميل في إطار برنامج بالتعاون مع الشركات النفطية الأجنبية العاملة في إدارة عدد من الحقول النفطية منها توتال إنيرجيز.

وشكّل النزاع في موضوع النفط مصدر توتر أساسي بين بغداد وأربيل لسنوات، فقد وصل الأمر العام الماضي إلى القضاء، حيث كانت أربيل ترى أن الحكومة المركزية تسعى لوضع يدها على ثروات الإقليم.

وفي فبراير 2022 أمرت المحكمة الاتحادية في بغداد الإقليم بتسليم النفط المنتج على أراضيه إلى بغداد، وإلغاء عقود وقعها الإقليم مع شركات أجنبية. ووصل الأمر إلى حدّ إبطال القضاء في بغداد لعقود مع شركات أجنبية عديدة لاسيما أميركية وكندية.

وتفتح التسوية الآن الباب أمام إقرار قانون للنفط والغاز يدير هذا الملف، وينهي الجدل القانوني فيه القائم منذ العام 2005.

ويرى شيرواني أن الطرفين “رابحان من الاتفاق النفطي”، ويضمن الاتفاق “للإقليم استمرارية تصدير النفط بالاتفاق مع شركة سومو التي لها قائمة من المشترين، ويمكّنها من بيع النفط بأسعار أفضل”.

وكان الإقليم يبيع نفطه بأسعار “تفضيلية” أقلّ لجذب المشترين الذين أبعدتهم “الضغوطات الاقتصادية” وتهديدات الملاحقات القضائية من بغداد.

10