عداء متطرفي إسرائيل للتطبيع لا يقل عن عداء رافضيه من العرب

سيطرة اليمين الإسرائيلي على حكومة بنيامين نتنياهو ستُنتج خطابا فلسطينيا متشددا، وهو ما سيعيق مساعي التطبيع الإقليمي.
السبت 2023/01/07
خطوة تصعيدية

نيويورك – كشف الجدل الذي رافق اقتحام وزير إسرائيلي للمسجد الأقصى عن حجم الفجوة بين دعاة السلام والمتطرفين من الجانبين الذين يتزايد عداؤهم للتطبيع، ولا يقتصر الأمر على جمهور المتطرفين بل يطغى هذا العداء على الحكومة الإسرائيلية كطغيانه على السلطة الفلسطينية، وهو ما ظهر جليا من خلال المواجهة الحامية في مجلس الأمن بين السفيرين الفلسطيني والإسرائيلي.

وبناء على طلب من الصين والإمارات اجتمع مجلس الأمن بعد ظهر الخميس لبحث مسألة هذه الزيارة التي يعتبرها الفلسطينيون “اقتحاما” لباحة الحرم القدسي، فيما رأى الإسرائيليون أنها مجرد “زيارة شرعية” إلى المسجد.

وقبيْل دخوله قاعة الاجتماع قال السفير الإسرائيلي جلعاد إردان للصحافيين “أنا فعلاً مصدوم حقاً. لماذا؟ لأنّه ليس هناك أيّ سبب على الإطلاق لعقد هذه الجلسة الطارئة اليوم؛ لا شيء. إنّ عقد جلسة لمجلس الأمن حول لا شيء هو أمر عبثيّ حقاً”. وعندما دخل السفير الإسرائيلي إلى قاعة مجلس الأمن عاد وكرّر خطابه كما هو.

وردّ المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتّحدة السفير رياض منصور بشنّ هجوم عنيف على السفير الإسرائيلي والحكومة الإسرائيلية الجديدة التي وصفها بـ”الاستعمارية والعنصرية”.

وقال منصور في خطاب مطوّل “أيّ خط أحمر ينبغي على إسرائيل أن تتجاوزه لكي يقول مجلس الأمن في النهاية كفى ويتحرك تبعاً لذلك؟ متى ستتحركون؟”.

وفي رام الله دعا واصل أبويوسف، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الدول العربية إلى مراجعة العلاقات مع إسرائيل. وأضاف “المطلوب اليوم هو فرض طوق وعزلة شاملة على دولة الاحتلال وعلى هذه الحكومة بسياساتها الفاشية، وأن يتم فضح جرائمها أمام العالم”.

ويقول مراقبون إن سيطرة اليمين الإسرائيلي على حكومة بنيامين نتنياهو ستُنتج خطابا فلسطينيا متشددا، وهو ما سيعيق مساعي التطبيع الإقليمي، ويجعل القادة العرب الذين انضموا إلى قطار السلام في وضع حرج، إذ يتعين عليهم التعامل مع قوميين متطرفين في إسرائيل وفي الوقت نفسه محاولة القيام بما هو أكثر من مجرد إطلاق تصريحات متفائلة بشأن القضية الفلسطينية.

ووجدت فصائل فلسطينية وحركات عربية متطرفة في صعود اليمين الإسرائيلي فرصة للعودة إلى خطاب قديم يحضّ على العنف. ورغم أن الهدف منه هو الاستثمار السياسي، إلا أنه سيسهم في توسيع دائرة التوتر في المنطقة، ويعيق مساعي التطبيع الجديدة.

وتضم حكومة نتنياهو، التي أدت اليمين الدستورية الأسبوع الماضي، أحزابا يمينية متشددة تريد ضم أراضي الضفة الغربية المحتلة التي يسعى الفلسطينيون منذ أمد لإقامة دولة مستقلة عليها.

ويمثل هذا الوضع تحديا لدول عربية من بينها الإمارات والبحرين والمغرب التي تحركت نحو إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل قبل عامين ويتعين عليها الآن أن توازن بين هذا التطبيع والدعم التاريخي للتطلعات الفلسطينية.

وعندما أصبحت الإمارات في عام 2020 أول دولة خليجية عربية تبرم اتفاقا مع إسرائيل لإقامة علاقات، كانت تأمل في أن يتم حل قضايا قائمة منذ وقت طويل وكفيلة بإشعال فتيل التوترات مثل المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي المحتلة.

ورغم أن نتنياهو يقول إنه سيكون صاحب القول الفصل في السياسة، فإن التزام حكومته بتوسيع مستوطنات الضفة الغربية وضم قوميين متطرفين إلى ائتلافه يحول دون التوصل إلى أي تسوية مع الفلسطينيين.

فوزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير سبق أن حمل السلاح وكان عضوا في جماعة يهودية متشددة ومحظورة. وبدأ ظهوره من خلال جماعة ‘كاهانا حي’ المدرجة على القوائم السوداء في إسرائيل والولايات المتحدة بسبب توجهاتها شديدة العداء للعرب.

Thumbnail

وأثار بن غفير يوم الثلاثاء غضب الفلسطينيين وموجة من الاستنكار بأدائه زيارة إلى حرم المسجد الأقصى.

وقال عزيز الغشيان، المحلل السعودي المتخصص في العلاقات الخليجية الإسرائيلية، إن “الإمارات والبحرين لم تكونا تفضلان بالتأكيد هذه الحكومة لأن هذا يختبر علاقاتهما مع إسرائيل”.

وفي الوقت نفسه يرى الغشيان أن البلدين الخليجيين استثمرا رأس مال سياسيا في الاتفاقيات مع إسرائيل ومن غير المرجح أن يقطعا العلاقات إذا اندلع قتال مفتوح بين إسرائيل والفلسطينيين مجددا.

وبالنسبة إلى الإمارات، تَوّج الاتفاق الدبلوماسي مع إسرائيل سنوات من الاتصالات في مجالَيْ التجارة والتكنولوجيا المهميْن. وتتبنى الإمارات فلسفة خاصة تقوم على الدفع إلى تجاوز خلافات الماضي وبناء علاقات تهدف إلى تحقيق الأمن والاستقرار لشعوب المنطقة وتأمين تعاون يقوم على تبادل المصالح بدل خطاب الحرب الذي يجعل المنطقة مهددة بالتوترات والحروب.

اقرأ أيضا:

1