عبر عن نفسك بسيارتك الفاخرة: هوس الشباب لا يعيقه المال

اقتناء السيارات الفاخرة واستعراضها تحوّل إلى هوس لدى الشباب في السنوات الأخيرة، ولم تعد محدودية الدخل المادي عائقا أمامهم بوجود وكالات السيارات التي تؤمن للشاب رفاهية حتى ليوم واحد بسعر معقول.
تشكلت صورة الممثل المصري محمد رمضان بأذهان معجبيه من الشباب، مرفقة بأسطول من السيارات الفاخرة؛ فيراري، ماكلارين، لامبورغيني، لاند روفير ورولز رويس، بصفة استعراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، غير آبه بالانتقاد والهجوم من قبل الكثيرين، لكن رمضان لا يشكل ظاهرة فريدة من نوعها، إذ لطالما كانت السيارات هوسا للشباب بمن فيهم ذوو الدخل المحدود.
وتسيطر ظاهرة شراء السيارات باهظة الثمن على سلوك بعض الشباب، الذين يتسابقون على اقتناء الأحدث والأغلى منها، ليس في دول الخليج العربي التي تعتبر سوقا نشطة مستهدفة من قبل شركات السيارات العالمية فحسب، بل تشمل أيضا دولا أخرى في المنطقة ولو أن الأمر فيها أقل انتشارا.
ويحيل الحديث عن اقتناء الشباب للسيارات بالضرورة إلى استعراضها والمغامرة بقيادتها في أماكن عديدة من الجبال والوديان إلى المناطق الصحراوية وتحولها إلى رياضة، لكن المشكلة تكمن في تجاهل الشباب لإجراءات الأمن والسلامة المتبعة، والمبالغة في الاستمتاع بأجواء الاستعراض التي تؤدي أحيانا إلى وقوع أخطار وأضرار جسيمة على سائق السيارة أو الآخرين.
ويعتبر موسم التخييم في الإمارات مناسبة ينتظرها الشباب لممارسة شغفهم بالقيادة واستعراض قدرات سياراتهم على رمال الصحراء، إلا أن التنافس بين الشباب يصل إلى حدود المغامرة غير المحسوبة أثناء الصعود والهبوط على الكثبان الرملية دون أن يحملوا رخصة سياقة وبالتالي تنتج عنها حوادث ومخاطر عديدة، وتتحول أجواء الترفيه والاستمتاع إلى كوارث، إضافة إلى تخريب البيئة الصحراوية والبرية وإبادة النباتات.
ويؤكد الممارسون لهذه الرياضة أن استعراض السيارات وفن القيادة يحتاج إلى الكثير من مبادرات التوعية والإرشاد، التي تسهم إلى حد ما في تقليل نسبة الحوادث الناتجة عن هذا النشاط، وتشهد منطقة العديد في الإمارات الكثير من الاستعراضات ولكنها ما زالت بحاجة إلى تنظيم قواعد تحكم المنافسات والسباقات وشروط أمان لمنع غير المؤهلين من الشباب لممارستها، تجنبا لوقوع الحوادث بين الحين والآخر.
هواية تعديل السيارات لا تحمل مخاطر مثل استعراض فنون القيادة الخطرة، وهي متنفس جيد للشباب تثنيهم عن سلوك دروب أخرى
ويعتبر الممارسون لهذه الرياضة، أن حماية الشباب والحفاظ على أرواحهم تعد مسؤولية مجتمعية، وهنا يأتي دور الرقابة من الجهات المعنية وتوفير آليات محددة وواضحة لتلك الاستعراضات وعدم تركها لمن يرغب في ممارستها أو في ظل غياب الرقابة والهدف من ذلك في المقام الأول هو الحفاظ على حياة الشباب من أيّ أذى أو أخطار.
واقترح البعض وضع لوحات إرشادية وتوعوية للشباب في أماكن الاستعراض فضلا عن وجود مشرفين من الجهات المعنية وتوفير عدد من المسعفين خاصة أن موسم التخييم يحصد عددا من الشباب بسبب رياضة الاستعراضات لذلك يجب أن تكون هناك ضوابط محددة تنظمّ هذه الرياضة.
وقبل أيام تم إنقاذ شابين إماراتيين بعد أن علقت سيارة الدفع الرباعية التي كانا يركبانها في رمال الصحراء على الحدود السعودية. حيث فُقدا إثر مرورهما بمنطقة تبعد حوالي 68 كم جنوب مركز الشبيطة في منطقة الربع الخالي.
وقد نشر حرس الحدود السعودي صورا للمركبة ومالكيها على موقع تويتر مع بيان يكشف كيف نجحت عملية الإنقاذ بعد خمسة أيام من تعطل المركبة في الربع الخالي بالصحراء السعودية.
وتنظم الإمارات العديد من البطولات في سباق السيارات، وتستقطب هواة القيادة، وتوجد في أبوظبي حلبة ياس وفي دبي أوتودروم وفي الشارقة نادي الإمارات للسيارات وفي أم القيوين نادي الإمارات موتوربلكس.
المال ليس مشكلة
وقيادة السيارات الفاخرة واستعراضها لم تعد حكرا على طبقات محددة من المجتمع، إذ انتشرت ظاهرة استئجار السيارات بين الشباب الجزائري بشكل كبير بمن فيهم ذوو الدخل المحدود، ووجد بعض الشباب أن امتلاك سيارة فاخرة، لا يمكن أن يتحقق إلا بعد سنوات طويلة من العمل الشاق في ظل الظروف الحالية التي تمر بها البلاد، فيختصر العديد منهم هذه السنوات باستئجار سيارة، في كل مرة تتوفر لديه القيمة المالية المطلوبة للحصول عليها.
ولا يحتاج الأمر سوى إلى جواز سفر ومبلغ ليس كبيرا لاستئجار السيارة، ويجري استعراضها في الشوارع العامة والساحات، وخاصة في المناسبات والأعياد، لهدف واحد وهو الاستمتاع بقدر من الرفاهية ولو ليوم واحد، ويختلف نوع السيارة بحسب قدرة الشاب المالية، لكنه في كل الأحوال لا يعتبر مرهقا له.
والمفارقة أن أحد الشباب دأب على استئجار سيارات متنوعة من عدة وكالات لتفوق القيمة الإجمالية ثمن سيارة حديثة، وهي حالة تشير إلى الكثير من الشباب اليوم الباحث عن الرفاهية وهوس قيادة السيارات الفاخرة.
وفي بعض الحالات، لم يكن الشاب يملك حتى رخصة قيادة لكنه لا يجد حرجا في القيام بحركات خطيرة في الشوارع العامة، كانت نتيجتها حوادث مرور مميتة أودت بحياة العديد من الناس، وأغلب هؤلاء لم يصلوا إلى السن القانونية للقيادة.
يهدف الشباب غالبا من استعراض السيارات والمفاخرة بها إلى نيل إعجاب الفتيات والاستحواذ على قلوبهن، ومع انتشار ظاهرة استئجار السيارات الفاخرة في الجزائر أصبح الأمر أشبه بوسيلة للتحايل والخداع، واستطاع البعض من الشباب إيقاع فتيات في شباكهم، ليكتشفن لاحقا حقيقة عدم امتلاك الشاب ثمن دراجة نارية.
واستفاقت الكثير من الفتيات على واقع الارتباط بزوج لا يملك سوى دخل شهري يعينه على إكمال المستلزمات الضرورية حتى آخر الشهر، وقد تكون أحيانا محظوظة بذلك.
وتشير الدراسات النفسية إلى أن حب الظهور والتميز بمظهر لا يعكس الواقع الصحيح للفرد، قد يعرض الإنسان إلى بعض المشاكل نتيجة سعيه إلى إشباع رغباته لعوامل عديدة منها الشخصية أو المادية أو الاجتماعية.
وهنا تأتي قدرة الإنسان الطبيعي على التكيف مع هذه الظروف وتحقيق التوافق المطلوب والعيش بحسب قدراته، لأن التكيف مع وضعه المادي يحمي حاضره ومستقبله.
إلا أن البعض من الشباب قد يصاب بأمراض وأزمات نفسية مثل الاكتئاب والإحباط بسبب عدم قدرته على التكيف مع ما يراه حوله من مغريات ومظاهر ثراء وتفاخر ونتيجة لقلة الوعي وثقافة المجتمع التي أصبحت تركز على المظاهر بشكل كبير، فيتحول تفكيره نحو البحث عن حلول مؤقتة وتعتبر حيلا دفاعية حتى يظهر بالشكل الذي يتمناه فيظهر مثلا كرجل ذي شخصية مهمة من خلال سيارته الفاخرة، لنكتشف بعد ذلك أنه شخص غارق في الديون ودخله محدود.
ولن يحقق هذا الشخص الرضا المطلوب لأن سعادته مؤقتة وسيعيش حالة من التوتر والاضطراب لأنه لا يعيش واقعا حقيقيا بل هو يعيش حالة من خداع النفس.
تعديل السيارات
انتشرت هواية تعديل السيارات بين الشباب في مختلف أنحاء العالم في السنوات الأخيرة مما دفع بعضهم إلى إنفاق مبالغ طائلة عليها، وبالرغم من الإبداعات الجميلة لهواة تعديل السيارات إلا أنهم يعانون من ملاحقة المرور والشرطة لهم بسبب مخالفة القانون، بعد تعديل مواصفات المنشأ. ويصبحون عرضة لحجز المركبات أو تغريمهم مخالفات كبيرة، كما يحدث في السعودية.
ويصف أحد الهواة تجربته في هذا المجال بالقول ”السيارات الكلاسيكية تعتبر أحسن من الجديدة، ولأن صناعتها أفضل فتعديلها أيضا أفضل، مثل سيارات الكابرس، الكامري والألتيما، فالتعديل هواية جميلة لكن للأسف لا توجد مسابقات أو منافسات تتيح لنا التعديل بكل راحة وسهولة، كما أن الدوريات المرورية تخالفنا بشكل مستمر بسبب التعديل”.
ويعتبر البعض أن هواية تعديل السيارات لا تحمل مخاطر مثل استعراض فنون القيادة الخطرة، وهي متنفس جيد للشباب تثنيهم عن سلوك دروب أخرى، وفق ما يؤكده أحمد المدني من الأردن، إذ يقول إنه تعرض لمخالفات عديدة بسبب تعديل مواصفات السيارات، ويتمنى أن يسمحوا للشباب بممارسة هذه الهواية.
وأضاف، إنها “هواية مفيدة وممتعة في نفس الوقت ومن الممكن أن تبعد الشباب عن الانحراف أو المخدرات خاصة أنها تحتاج إلى جمع مبلغ من المال ليصل إلى التصميم الذي يريده، وهي أفضل استثمار لطاقة الشباب، فأيهم أفضل، أن يتوجه الشاب لتعديل سيارته الشخصية أو يتوجه إلى اهتمامات أخرى سلبية”.
وفي مصر أيضا فقد أصبح اهتمام الشباب بتعديل السيارات من أجل التظاهر والتفاخر فقط، حيث توجد العديد من كماليات السيارات باهظة الثمن.
ولم يقتصر تزيين السيارات من أجل الشكل الخارجي فقط، كالملصقات والزجاج الملون، بل من الضروري عند الشاب، تعديل محرك السيارة من أجل تطوير السيارة والزيادة من قوتها، بالإضافة إلى تعديل حجم عجلات السيارة، وأيضا فرش المقاعد، إضافة إلى تطوير أنظمة الصوت، والإضاءة الخارجية لها، بمعنى آخر تعديل كامل للسيارة.
وتعد هواية تعديل السيارات صناعة إذا تم تبنيها وفق خطط وبرامج صناعية مدروسة وطموحة، فبحسب خبراء اقتصاد فإن تقنين ورعاية هواة تعديل السيارات سيشجع على دخول الشركات المهتمة بإكسسوارات السيارات في الداخل والخارج إلى السوق المحلية، والعمل على إيجاد هذا النوع من الصناعة، كما يحصل في بعض دول العالم.