عبدالنبي البنيوي.. ممثل يتجدد مع كل دور وشخصية جديدة

الممثل يغير مظهره وفق متطلبات كل دور مع التركيز على الأبعاد النفسية والاجتماعية للشخصية لإبراز المصداقية.
الأحد 2025/02/16
بين أدوار الشر والخير

الرباط - يحرص عبدالنبي البنيوي على الابتعاد عن النمطية في اختياراته الفنية، ويعمل على تقديم أدوار متنوعة تظهر قدراته الإبداعية متجنبا تكرار نفسه. يسعى لتقديم شخصيات جديدة ومختلفة، ويؤكد أهمية أن يكون الممثل مبدعا في اختياراته حتى لا يسقط في دائرة الروتين.

يوضح أيضا أن الفن سواء كان في المسرح أو السينما أو التلفزيون، يحمل رسالة نقدية تهدف إلى تسليط الضوء على السلبيات الاجتماعية دون أن يكون سلبيا في ذاته، مشيرا إلى ضرورة احترام حدود الجمهور في الأعمال التلفزيونية.

كما يعبر الممثل المغربي عن تفاؤله بتطور الدراما المغربية ويشجع الجمهور على دعم المنتج المحلي والمشاركة في الحياة الثقافية من خلال حضور العروض المسرحية والسينمائية.

الفن مسؤولية

الفن سواء كان في المسرح أو السينما أو التلفزيون، يحمل رسالة نقدية تسلط الضوء على السلبيات الاجتماعية

يعتبر عبدالنبي البنيوي أحد الوجوه البارزة في الساحة الفنية المغربية، حيث شارك في العديد من الأعمال السينمائية والتلفزيونية التي تركت بصمة كبيرة في تاريخ الفن المغربي. بدأ مشواره الفني في بداية الألفية الجديدة، حيث تميز بتقديم أدوار متنوعة بين الدراما والكوميديا، وظهر في العديد من المسلسلات والمسرحيات.

وجسد عبدالنبي البنيوي دور إدريس كشخصية طماعة في مسلسل “فوق السلك”، عندما تنطلق الأحداث باكتشافه أن شقيقه الراحل سجل أملاكه باسم العاملين في المنزل، فيجعله يشاركهم الإرث بدل أن يكون الوريث الوحيد، ويتفاجأ إدريس بحصوله على 15 في المئة فقط من الأسهم، بينما يصبح باقي العاملين، مثل البستاني والخادمة والسائق، شركاء في الشركة، فيؤدي ذلك إلى تحولات درامية وانتقالهم من الفقر إلى الغنى، وهذا العمل افتتح به البنيوي موسمه الفني عام 2024.

وظهر بصيغة مختلفة مع المخرج عادل الفاضلي في فيلم “أبي لم يمت”، ويرى البنيوي أن الجرأة في فن السينما عامة يجب أن تكون مبررة دراميا وليست مجرد إثارة مجانية، إذ يهدف الفن إلى عكس الواقع الاجتماعي وتوعية الجمهور بدل الترويج للظواهر السلبية، فهو يؤمن بأهمية التنوع في الأدوار، رافضا الوقوع في النمطية من خلال تجسيد شخصيات متكررة مثل الشرطي أو أدوار الشر، ويسعى لإثبات قدراته التمثيلية عبر تقديم بروفايلات مختلفة.

يشدد البنيوي على ضرورة تغيير الممثل لمظهره وفق متطلبات كل دور، مع التركيز على الأبعاد النفسية والاجتماعية للشخصية لإبراز المصداقية، ويشدد على أن نجاح أي عمل فني مرتبط بانسجام الفريق والطاقة الإيجابية التي تجمعه.

لم يتوقف الممثل عن الدعوة إلى دعم الإنتاجات المغربية سواء في المسرح أو السينما أو التلفزيون، مؤكدا أن الفن والثقافة مسؤولية وطنية تستدعي التعاون والتشجيع للنهوض بهما.

شخصيات متنوعة

اختيار الأدوار أهم رهانات الممثل
اختيار الأدوار أهم رهانات الممثل

عرف عبدالنبي البنيوي في مسلسل “كاينة ظروف” بشخصية خالد، الشاب الشعبي البسيط الذي يحمل قيم “التمغربيت” ويدعم من حوله، كان يساند شخصية حنان بعد خروجها من السجن، لكنه تعرض للانتقاد عندما لم يفتح الباب لجميلة في ليلة اغتصابها، ويرى البنيوي أن جميع الشخصيات أخطأت في تلك الليلة، مؤكدا أن هذه الهفوات ضرورية لتطور الأحداث، فهو يعالج قضية إعادة إدماج السجينات السابقات في المجتمع، محاولا تصحيح بعض الأحكام المسبقة تجاههن.

وعبّر عبدالنبي البنيوي عن سعادته الكبيرة بنجاح دوره في مسلسل “جوديا” بشخصية كريم التي جسدها، وكانت مغايرة تماما للأدوار التي اعتاد الجمهور رؤيته فيها، التي كانت تتسم غالبا بالشر، لكن كريم كان شخصية إيجابية وملتزمة، وهذا أثار إعجاب المشاهدين ولفت انتباههم، وهذا الدور كان مختلفا تماما عن شخصيته الحقيقية، وأنه لا توجد أي نقاط تشابه بينهما، لجعل التحدي أكبر بالنسبة إليه في تقديم هذه الشخصية.

ويعود الممثل عبدالنبي البنيوي لتقديم دور شرير بعد فترة من الغياب في مسلسل “السلعة”، بعدما قدم شخصية هادئة في الفيلم السينمائي “جبل موسى”، لكن في الدراما جسد دورا محوريا يتناول قضية الاتجار بالأعضاء البشرية، وهو موضوع حساس يتعلق بمعاناة مهاجري جنوب الصحراء الذين يقعون ضحايا لعصابات إجرامية.

يؤكد الممثل على أهمية طرح هذه القضية على الجمهور المغربي، مبرزا ضرورة التركيز على هذه الجرائم التي تؤثر على حياة المهاجرين، ويأمل أن يحظى الفيلم بتعاطف ونجاح كبير لدى المشاهدين.

واشتهر عبدالنبي البنيوي مؤخرا في العديد من الأعمال الدرامية التي عرفت في الساحة الفنية المغربية، مثل دور يحيى في مسلسل “الدنيا دوارة”، الذي تدور أحداثه حول صراع بين عائلتين تجمع بين أفرادها العلاقات العاطفية، لكن تفرق بينهم المصالح، بينما في مسلسل “قصر الباشا” تدور الدراما حول أحد أفخم فنادق مدينة الصويرة والمسمى بقصر الباشا وعلاقته بأهل المدينة، وخاصة بإحدى فتيات المدينة والتي تسعى إلى تجاوز الفقر الذي تعيشه، فيكون طريقها لتحقيق ذلك هو دخول أسوار قصر الباشا، فتتاح لها الفرصة عندما تلتقي بابن مدير الفندق.

مبدع متجدد في الساحة الفنية المغربية
مبدع متجدد في الساحة الفنية المغربية

 أما مسلسل “حديدان وبنت الحراز” فهو يعود لسلسلة حديدان في جزئها الخامس مع حكايات وشخصيات جديدة، وذلك عندما يرجع حديدان إلى مسقط رئسه بعدما استنجد به الأمير ليساعد الحراز وابنته اللذين أسرهما زعيم المتمردين، فيستخدم حديدان مكره وذكاءه للعثور على بنت الحراز وتحقيق السلم داخل القصبة، في جو لا يخلو من المواقف الكوميدية والمغامرات المشوقة خلال حقبة زمنية قديمة.

وقدم شخصية سعيد في مسلسل “ولاد المرسى” حول رجوع شخصية تدعى المهدي، يعود إلى عائلته بعد مرور عدة سنوات، وبعد دخوله السجن، تنفصل عنه خطيبته بسمة، التي تسعى والدة المهدي إلى إبعادها عن حياتهما بشتى الطرق، ويتخذ المهدي قرارات مصيرية بشأن عائلته يصدم لها الجميع، بينما لعب دور سعد في مسلسل “ولاد المختار” حول ثلاثة إخوة تفرق بينهم الأقدار يجتمعون من جديد بعد وفاة الأب طلبا لنصيب كل واحد منهم من الإرث الذي خلفه، لكن المفاجأة كانت عندما علموا أن والدهم لم يمت موتة عادية بل قُتل.

الشاشة والخشبة

الفن يعكس الواقع الاجتماعي
الفن يعكس الواقع الاجتماعي

تخرج عبدالنبي البنيوي من المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي بالرباط، ليبدأ مسيرته الفنية التي شملت السينما والتلفزيون والمسرح.

تعددت أعماله وأدواره التي جعلته يحقق شهرة واسعة في الساحة الفنية المغربية، فقد برز في السينما من خلال مشاركته في أفلام مهمة، فلعب دور مسعود في فيلم “كان يا مكان” للمخرج سعيد الناصري، وشارك في فيلم “يا خيل الله” للمخرج نبيل عيوش بدور عزيز، وفي فيلم “المغضوب عليهم” بدور عبدو للمخرج محسن البصري، وفيلم “عقاب” في دور إبراهيم للمخرج هشام عين الحياة، بينما شارك في أعمال تلفزيونية،  كدور سمير في “نداء إجباري” للمخرج محمد نصرة، والقائمة طويلة.

إضافة إلى الشاشتين الكبيرة والصغيرة تميز عبدالنبي البنيوي على خشبة المسرح بمشاركاته في العديد من العروض المسرحية التي شهدها جمهور الخشبة المغربي مثل مسرحية “الحساس – الحارس” للمخرج عبدالهادي المباركي، حيث قدم دور الحارس في واحدة من أبرز العروض المسرحية في تلك الفترة.

كما شارك في “آو التالي”، وهو تكييف لمسرحية “رجل لرجل” لبرخت، جسد فيها شخصية العسكري، وحصل على جائزة أفضل ممثل في مهرجان المسرح الوطني في الرباط عن دوره في مسرحية “لاهواوي قائد النساء” للمخرج مسعود بوحسين، ونال العديد من الجوائز والتكريمات تقديرا لموهبته، وتم ترشيحه لجائزة أفضل ممثل في مهرجان المسرح الوطني بمكناس عن أدائه في مسرحية “الحساس – الحارس” و”آو التالي”.

8