عبدالله شاكيري.. العقل المؤسس للمسرح الجامعي بالمغرب

الرباط- يتمتع عبدالله شاكيري بحضور لافت في الدراما والسينما المغربية، حيث شارك في العديد من الأفلام والمسلسلات مختلفة الأدوار والقصص كدور “المكي” في مسلسل “حياة” للمخرج عادل الفاضيل، والفيلم السينمائي “دقات القدر” لمحمد ليونسي، و”دموع الرمال” لعزيز السالمي، و”مسافة ميل بحذائي” للمخرج سعيد خلاف.
ويتألق الفنان أيضا في أفلام أخرى مثل “رقصة الوحش”، “المطمورة”، و”ملائكة الشيطان”، وشارك في “محاكمة امرأة”، و”أوشتام”، و”ياريت”، و”عرس الآخرين”، حيث أبدع شاكيري في أدوار درامية متعددة مثل دوره في مسلسل “بنات الحديد” للمخرج علاء أكعبون، ودور “علال” في مسلسل “بغيت حياتك” لشوقي العوفير، كما يتألق في مسلسل “يبان يبان” وسيتكوم “التي را التي” مع حسن الفد، بالإضافة إلى مسلسل “حديدان وبنت الحراز” لمحمد نصرات، و”سلمات أبوالبنات” بجزأيه الثاني والثالث.
بدايات التجربة
لا يقتصر دور الممثل المغربي على التمثيل فقط، بل أيضًا له مساهمات في كتابة السيناريو، حيث شارك في تأليف مسلسل “بيا ولا بيك” وفيلم “فين ماشي يا موشي”، بالإضافة إلى “محاكمة امرأة” و”أوشتام”، وساهم في كتابة حوار فيلم “اختيار أسماء”.
ويُعرف شاكيري بأدواره في السينما المغربية مثل “كازا نيجرا”، و”ملائكة الشيطان”، و”رقصة الوحش”، و”الوتر الخامس”، و”المنسيون في التاريخ”، وأيضا شارك في أكثر من 20 فيلمًا أجنبيًا، منها “حالة تأهب”، و”عملية بيروت”، و”توت عنخ آمون: الفرعون الملعون”، و”قائد داعش”، و”نداء الصحراء”، و”البقرة”، و”نحن الثلاثة أو لا شيء”، و”المغامرات الجديدة لألف ليلة وليلة”، و”مكتب الأساطير”، و”أوديسي الأميركية”، و”رجال وآلهة”، و”التمرير السابع”.
بدأت المسيرة الفنية المتعددة للممثل المغربي شاكيري قبل نحو خمسين عامًا، بين المسرح والسينما والدراما التلفزيونية، كبداية رصينة لمشوار جعله ينوّع في تقديم أعمال مميزة منحته مكانة خاصة في الوسط الفني.
نشأ شاكيري في بيئة بسيطة ساهمت في خلق اهتمامه بالتمثيل في سن مبكرة خلال دراسته الابتدائية، وتأثر بظهور أخيه عبدالرؤوف على خشبة المسرح في أحد الحفلات الوطنية، رغم عدم فهمه الكامل لما كان يفعله أخوه في البداية، إذ دفعه هذا الفضول للاستكشاف فتعرف على زميله المدعو بنيني حفيظ، الذي ساعده في بناء الأساس الأول لمهنة التمثيل، إذ بدأ الثنائي في حفظ نصوص قصيرة وتمثيلها أمام مدير المدرسة، وكانت تلك البداية نقطة انطلاق لمشواره الفني الابتدائي.
عبدالله شاكيري شغوف بالمشاركة في المناسبات الوطنية والأعياد، حيث قرأ النصوص المسرحية وقام بتوزيع الأدوار على زملائه، مما ساعده على بناء أساس متين في عالم الفن، وعلى الرغم من قلة ظهوره الإعلامي واشتغاله في الخفاء، حقق هذا الممثل الرائد إنجازات كبيرة وترك بصمة واضحة في مجاله، فلا ننسى أن مسيرته الفنية بدأت في أوائل السبعينات حين كان يدرس في المدرسة الابتدائية، فتغيرت مسيرته عندما التقى بأستاذه المرحوم أبوالخصيب عبدالسلام، عضو فرقة البدوي، الذي يقدمه لأول مرة كممثل عبر اختبار الكاستينغ، ورغم الصعوبات الأولى والخوف من عدم قدرته على قراءة النص بشكل صحيح تم اختياره للدور.
وتكون هذه البداية فاتحة خير على الممثل المغربي عبدالله شاكيري، حيث شارك في تصوير مسلسل “طريق النجاح” مع فرقة البدوي، الذي يتألف من 30 حلقة، مما أتاح له الفرصة للتعرف على كبار الفنانين في المغرب وبناء علاقات قوية معهم، ومنذ ذلك الوقت بدأ عبدالله في كتابة أعمال للأطفال، وبدعم كبير من الأستاذين عبدالقادر البدوي وعبدالرزاق البدوي، اللذان منحاه الفرصة للتعبير عن إبداعه، وهو يقوم بجولات مسرحية في أنحاء المغرب مع فرقة البدوي، رغم كونه في سن التاسعة أو العاشرة، ومن خلال سنواته الأولى في المسرح شارك في جولات مكثفة تشمل عروضًا يومية، بما في ذلك عروض صباحية لطلبة المدارس وأخرى لعموم الجمهور في الليل دون مقابل مادي، مما يعكس تفانيه والتزامه في تلك الفترة.
يُعتبر عبدالله شاكيري مثالاً للالتزام والشغف بالفن ويُسهم بشكل كبير في تطوير المشهد المسرحي في المغرب، في ظل تراجع اهتمام الأطفال بالفنون المسرحية في المدارس والفرق المسرحية الحالية، يظل شاكيري شغوفا بالمسرح رغم دراسته الكيمياء في الجامعة.
المسرح الجامعي
وبعد إكمال دراسته الثانوية واصل ممارسة المسرح بجد وحقق نجاحًا في تكوين فرقته المسرحية الخاصة خلال بداية الثمانينات، وكان يواجه تحديات كبيرة في محاولته لتأسيس فرقة مسرحية في الجامعة، حيث استغرق الأمر عامين للحصول على موافقة عميد الكلية.
وفي عام 1984 انتقل لدراسة المسرح في فرنسا، وعاد إلى المغرب عام 1987، ومنذ ذلك الوقت وهو يشهد فترة نجاحات بارزة بما في ذلك تنظيم أسبوع ثقافي في الكلية والتعرف على العديد من الفنانين البارزين، بفضل دعم شخصيات مثل الحسن الصمايلي، وهناك ساهم عبدالله شاكيري في تأسيس مهرجان المسرح الجامعي الذي بدأ دورته الأولى في سبتمبر 1988، وشغل منصب مدير المهرجان لفترة طويلة، مما ساهم في فتح المجال أمام الشباب للتعبير عن مواهبهم.
يعتبر شاكيري أن نجاحات المسرح والسينما في المغرب تعود إلى جهود هؤلاء الذين دعموا هذه المبادرات، ويشيد بدور المهرجان الدولي للمسرح الجامعي في تقديم تجارب مسرحية متنوعة وتعزيز التبادل الثقافي.
وعلاوة على ذلك واصل الفنان العمل الجاد على تجهيز المسرحيات وإعدادها لعرضها في مهرجانات دولية، مما فتح له أبوابًا واسعة للتعرف على المسرح العالمي، وفي أوائل التسعينات وبفضل المهرجانات، اكتسب شاكيري وأعضاء فرقته رؤى جديدة حول المسرح من مختلف أنحاء العالم، مما ساعد في إنتاج جيل من المبدعين الذين يؤثّرون في الساحة الفنية المغربية، بينما السياسات الحالية تقلل من الاهتمام بالأنشطة الثقافية. ويظل المسرح الجامعي منبعًا للإبداع، إذ يحرص عبدالله شاكيري على متابعة ودعم الشباب في مسيرتهم الفنية ويشدد على أهمية أن تكون الأنشطة الثقافية جزءًا أساسيًا من حياة الطلبة، ويؤكد على ضرورة إعادة النظر في كيفية توزيع الدعم لتشجيع الفرق الجادة والمستدامة، ومن خلال تجربته في الجامعة منذ الثمانينات.
كما يتواضع عبدالله شاكيري ليتعلم من الشباب ويتبادل معهم الأفكار والخبرات، وهو يرى أن الاحترافية الحقيقية في المسرح تعني الاعتماد على الجدية والإبداع وليس فقط على التمويل ويشجع على إنشاء مهرجانات مسرحية جهوية في المغرب، مع التركيز على التصفيات بين الفرق الجامعية والمحترفة، لتعزيز الفنون وتطويرها، كما يطالب المسؤولين بتوفير دعم حقيقي للمجال الفني وتوفير الفرص المناسبة للتقدم، مشددًا على أهمية المبادرة والعمل بجد لتحقيق التقدم في هذا المجال.