عبدالله ديدان ممثل يتقمص شخصياته المتناقضة ببراعة

أدوار ديدان في الدراما المغربية تنوعت بين الدراما الاجتماعية والكوميديا الخفيفة.
الأحد 2025/05/04
موهبة استثنائية

الرباط- يعد عبدالله ديدان من الممثلين المغاربة البارزين في السينما والتلفزيون، إذ يتميز بتنوع أدواره وقدرته على تقديم شخصيات مختلفة بأسلوب متوازن، وتشمل أعماله الأخيرة، خاصة خلال مواسم رمضان، أدوارا تتراوح بين الدراما الاجتماعية والكوميديا الخفيفة.

ويؤكد عبدالله ديدان مكانته كأحد أبرز نجوم الدراما المغربية لعام 2025 من خلال تقديمه لمجموعة أدوار متنوعة تبرز قدرته على تجسيد شخصيات مركبة بأبعاد نفسية واجتماعية متباينة.

أدوار ومسلسلات

تنوعت أدوار ديدان في الدراما المغربية ففي مسلسل “الدم المشروك”، من إخراج أيوب الهنود، يجسد الممثل شخصية “العم قاسم”، الرجل البخيل والطماع الذي يرى في بنات عائلته وسيلة للربح المادي، مقدما أداء يبرز تناقضات الشخصية بين الانتماء العائلي الظاهري والأنانية الداخلية، معتمدا على تعابير دقيقة تعبّر عن جشعه دون مبالغة.

◄ اسم عبدالله ديدان برز في الساحة الفنية من خلال تألقه في مجموعة متنوعة من الأدوار في المسلسلات والأفلام

وفي “الشرقي والغربي” للمخرج شوقي العوفير، يؤدي دور “إسماعيل الشرقي”، الابن المسؤول عن عائلته لكنه يقودها إلى الفساد، حينها يبرز ديدان مزيجا من القوة والضعف من خلال أداء يوضح طموح الشخصية وسقوطها الأخلاقي بأسلوب متوازن.أما في “جرح قديم”، للمخرج مراد الخودي، فيجسد “الكولونيل التهامي”، الزوج الصارم المهووس بزوجته، مقدما أداء يركز على السلوك النفسي الناتج عن الحب المفرط الذي يتحول إلى سيطرة، معتمدا على لغة جسد هادئة تنقل الصراع القوي للشخصية، وهذا التنوع يبين قدرة ديدان على تقمص شخصيات مختلفة تماما، ويجمع بين العمق الدرامي والواقعية في أدائه، وهذا يبرز حضوره كممثل بارز يلامس وجدان المشاهدين ويثري المشهد الفني المغربي.

وفي مسلسل “رحمة” للمخرج علي المجبود، يؤدي ديدان دور الأب الذي يتخلى عن أسرته بعد ولادة طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة، وهنا قدم أداء يعبّر عن التوجه الأخلاقي والعاطفي للشخصية، موازنا بين الضعف البشري والمسؤولية الاجتماعية، معتمدا على تعابير دقيقة لإبراز تأثير الصراعات على الشخصيات، ويبين التنوع في هذه الأدوار قدرة ديدان على التكيف مع سياقات درامية مختلفة، يجمع بين الحساسية الإنسانية والتعقيد الدرامي.

 ويجسد الممثل في مسلسل “رحمة” شخصية “داوود”، وهو زوج وأب يواجه تحولات درامية عميقة في الحلقة الأولى، مقدما أداء يكشف مهارته في التعامل مع الأدوار العاطفية المعقدة، إذ يظهر داوود في البداية كشخصية متفائلة وسعيدة بقدوم مولوده الذكر “اليزيد”، ويعبّر عن فرحه من خلال التخطيط لـ”عقيقة كبيرة” (احتفال ديني تتخلله دعوات المباركة)، ويبرز جانبه العائلي التقليدي.

يقدم ديدان دوره بتعابير دافئة وطبيعية تجعل الشخصية قريبة من المشاهد، ومع تصاعد الأحداث، يتحول مزاج داوود إلى التوتر والقلق عند ملاحظة بكاء الطفل المستمر، ويبلغ الأداء ذروته عند مواجهته للصدمة المدمرة بتشخيص إعاقة دماغية لابنه، حيث ينقل ديدان حالة الانهيار النفسي بأسلوب متقن، معتمدا على لغة جسد ونظرات تعبر عن الضعف والحيرة دون الوقوع في المبالغة.

ويؤكد هذا الدور قدرة ديدان على التنقل بين المشاعر المتناقضة، من الفرح إلى اليأس، ممّا يمهّد لتطورات درامية مرتقبة في الحلقات القادمة، ويعزز مكانته كممثل قادر على حمل أعباء الشخصيات المركبة في الدراما الاجتماعية المغربية.

شخصيات متناقضة

جسد عبدالله ديدان دور “نبيل” الزوج النرجسي، في مسلسل “المختفي”، وهو عمل بوليسي من إخراج زكية الطاهري،  وتطلب الدور تجسيد شخصية معقدة تجمع بين الجاذبية الظاهرية والسلوك الأناني، ونجح ديدان في تقديم “نبيل” بطريقة تجمع بين التحكم العاطفي والغموض، ويبرز أداؤه في هذا العمل قدرته على فهم الجوانب النفسية للدور، وتقمص دوافع الشخصية دون اللجوء إلى التهويل.

وظهر ديدان في مسلسل “حياة خاصة” بدور “يوسف”، الزوج الذي يبدو مثاليا لكنه يخفي جانبا من الخيانة وضعف الإرادة، إذ يقدم ديدان أداء يبين التناقض بين الصورة العامة للشخصية وسلوكها الخاص، معتمدا على تعابير دقيقة لإظهار الصراعات المختلفة، ويساهم هذا الأداء في جعل “يوسف” شخصية قريبة من الواقع، وتبرز نقاط ضعفه الإنسانية دون أن يفقد تعاطف المشاهدين، ويعبّر هذا الدور عن مهارته في التعامل مع الأدوار ذات البعد الأخلاقي المركب.

ولعب ديدان دور “باعباس”، حارس عمارة مسن يدعم الفتيات المقيمات في المبنى، وفي مسلسل “أحلام بنات” وقدم أداء يتسم بالدفء والصدق، كشخصية أبوية تقدم الدعم في المواقف الصعبة والمفرحة، وبرز هذا الدور قدرة ديدان على الانتقال إلى أدوار اجتماعية هادئة، مع الاحتفاظ بجاذبية الأداء من خلال تفاصيل صغيرة تعكس طيبة الشخصية وتجربة الحياة.

وشخّص في مسلسل “جوج وجوه”، دور “علال” المجرم والنصاب ذي التاريخ المليء بالسرقة والخصومات، وجسد أداء قويا يبرز الجوانب الجريئة والمخيفة للشخصية، مع إضفاء لمسة من الكاريزما التي تجعل علال مثيرا للاهتمام، وظهر هذا الدور مهارته في التعامل مع الشخصيات السلبية، إذ حافظ على توازن يجعل الشخصية مقنعة دون أن تصبح مبالغا فيها.

البداية في المسرح

◄ المسرح منزل الفنان الأول
المسرح منزل الفنان الأول

برز اسم عبدالله ديدان في الساحة الفنية من خلال تألقه في مجموعة متنوعة من الأدوار في المسلسلات، السيتكومات، والأفلام التلفزيونية والسينمائية، واكتسب شهرة واسعة في المغرب بفضل أعمال مميزة مثل “الشاوش” و”ليالي بيضاء”، حيث أظهر موهبة استثنائية جعلته واحدا من الأسماء اللامعة في الوسط الفني.

ولد ديدان في مدينة الرباط، ونشأ في حي رأس الشجرة الشعبي بمدينة سلا، رغم أصوله المراكشية، وعاش طفولة مليئة بالتحديات، خاصة بعد طلاق والديه، وهو ما أدى إلى قضائه فترات في الشارع وتعرضه لتجربة إدمان المخدرات، لكن مسيرته تغيرت عندما اكتشفه المخرج المسرحي أنور الجندي، الذي منحه فرصة الظهور في مسرحية “كلها يلغي بلغاه”، ثم تألق في مسرحية “سعدي براجلي” وكان ممثلا رئيسيا فيها.

وحققت مسرحية “الدبلوم والدربوكة” نجاحا كبيرا، قدمت الممثل عبدالله ديدان كموهبة شابة قادرة على إثراء الساحة الفنية المغربية بنفس جديد، من هنا انطلق نحو بطولة أفلام ناجحة مثل “illusion” و”المهمة” و”ليالي بيضاء”، بالإضافة إلى مشاركته في مسلسلات وسيتكومات مميزة مثل “شجرة الزاوية” و”هدا حالي”.

وشارك ديدان في مجموعة واسعة من الأعمال التلفزيونية، منها مسلسلات مثل “قطار الحياة”، “أولاد العم”، “من دار لدار”، “السراب”، “دواير الزمان”، “جنان الكرمة”، “خط الرجعة”، “البعد الآخر”، “شبح الماضي”، “بنات لالة منانة”، “الماضي لا يموت”، “بيا ولا بيك”، “بغيت حياتك”، “المختفي”، “أحلام بنات”، “حياة خاصة”، و”جوج وجوه”.

كما تألق في السيتكومات مثل “كلنا مغاربة”، “عيش نهار تسمع خبار”، “قناة سي بي بي”، “أنا وياك”، “هذا حالي”، “خير وسلام”، “حاولوا على مستور”، و”نايضة فالدوار”.

كما قدم عبدالله ديدان أدوارا لافتة ومختلفة إلى حد التناقض أحيانا في أفلام مثل “باي باي سويرتي”، “وداعا فوران”، “عطش”، “ليالي بيضاء”، “الشاوش”، “النظرة”، “الوجه الآخر”، “خيط البحرار”، “صفي تشرب”، “الزين اللي فيك”، و”غزية”. وبفضل هذه الأعمال، أثبت ديدان قدرته على تقديم أداء فني متنوع ومؤثر، مما جعله رمزا بارزا في الفن المغربي.

تنوع شخصياته في الفنون الدرامية

 

8