عبداللهيان في بيروت في خضم عجز لبنان عن حل عقدة انتخاب رئيس

وزير الخارجية الإيراني يتجه إلى دمشق لمناقشة ملفات مشتركة يرجح أن يكون تطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا في مقدمتها.
السبت 2023/01/14
عبداللهيان يستعرض مع حسن نصرالله الأوضاع السياسية في لبنان

بيروت – تحمل الزيارة التي أجراها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إلى بيروت الجمعة ومن المقرر أن تشمل دمشق السبت العديد من نقاط الاستفهام خصوصا وأنها تتزامن مع عجز لبنان عن حل عقدة انتخاب رئيس للجمهورية، ومع خطوات التقارب بين تركيا وسوريا.  

وتأتي التحركات الإيرانية في وقت تواجه ضغوطا داخلية مع استمرار احتجاجات شعبية منذ منتصف سبتمبر الماضي وخارجية مع حزمة عقوبات غربية ردا على قمع الحراك الاحتجاجي وأخرى على صلة ببرنامجيها النووي والصاروخي وبرنامج الطائرات المسيرة.

وخلال زيارته لبنان التقى وزير الخارجية الإيراني أمين عام جماعة "حزب الله" اللبناني حسن نصر الله، الجمعة، وبحث معه "تهديدات" الحكومة الإسرائيلية الجديدة على المنطقة.

وذكر بيان للجماعة، أن نصرالله التقى عبداللهيان والوفد المرافق له، في العاصمة بيروت، واستعرضا آخر التطورات والأوضاع السياسية في لبنان وفلسطين ‏والمنطقة.

وأوضح البيان، أن الجانبين بحثا "التهديدات الناشئة عن تشكيل حكومة جديدة للكيان الصهيوني (برئاسة بنيامين نتنياهو) واستعداد محور المقاومة لمواجهة المستجدات والأحداث ‏الإقليمية والدولية".

وفي وقت سابق الجمعة، التقى عبداللهيان رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي في مقر الحكومة وسط بيروت، واجتمع أيضا برئيس مجلس النواب نبيه بري في منزله غربي العاصمة.

وتبدو زيارة عبداللهيان لبنان في هذا التوقيت بالذات تطرح أكثر من سؤال مع بروز بوادر انفراجة لفك عقده انتخاب رئيس جديد للبلاد، حيث تعمل قوى دولية مؤثرة في الساحة اللبنانية السعودية وفرنسا والولايات المتحدة على تحريك الجمود السياسي في لبنان لجهة استكمال الاستحقاقات الدستورية المعطلة.

ويواجه لبنان أزمة حكم غير مسبوقة مع عدم وجود رئيس للبلاد بعد انتهاء ولايات الرئيس السابق ميشال عون في موفى أكتوبر الماضي، وفي ظل حكومة تصريف أعمال برئاسة ميقاتي محدودة السلطات وبرلمان منقسم، لذا لا تملك جهة قوة فرض رئيس بالانتخاب الحر كما ينص الدستور.

ووصل عبداللهيان إلى بيروت، الخميس في زيارة رسمية استمرت يومين التقى خلالها مسؤولين لبنانيين لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين.

وقال عبداللهيان، في مؤتمر صحافي مشترك، الجمعة، مع نظيره اللبناني عبدالله بوحبيب، إن إيران مستعدة في إطار الدعم الكامل الذي تودّ أن تقدّمه للبنان أن تلتزم بالأمور الملقاة على عاتقها من خلال هذا الاتفاق.

وسبق أن زار فريق تقني وفني لبناني إيران، واجتمع مع المعنيين في إطار تأمين الفيول والمحروقات التي يحتاجها لبنان لتأمين الطاقة الكهربائية.

وفي ملف الانتخابات الرئاسية اللبنانية، قال عبداللهيان إن "إيران لا تتدخل في الشؤون اللبنانية.. نحن ندعو ونرحّب بتلاقي وتحاور كل التيارات السياسية اللبنانية للتوصّل إلى حل لمسألة الشغور الرئاسي، ونحن على ثقة بأن التيارات السياسية لها الوعي والبصيرة والتجربة لتجد مخرجاً للشغور، وتنتخب رئيساً جديداً في أقرب وقتٍ ممكنٍ".

واعتبر وزير الخارجية الإيراني أن "الأمن والتطور في لبنان هما من أمن وتطور إيران، بل من أمن وتطور المنطقة برمّتها"، مشدداً "نشعر بالسعادة عندما نرى أن المشكلات والمتاعب التي يعاني منها لبنان تخفّ يوماً بعد يوم".

وبدوره، تحدث وزير خارجية اللبناني، في المؤتمر الصحافي المشترك، عن وجود عوائق واختلاف سياسي وضغوط خارجية تحول دون الاستفادة من المساعدات الإيرانية للبنان، لكنه أكد في المقابل أن المساعي مستمرة والمحاولات جدية للاستفادة منها.

وقال بوحبيب إنه "جرى التباحث في عدد من المواضيع، واستمعنا من عبداللهيان إلى حرص إيران على استقرار لبنان وأهمية نجاح اللبنانيين في التوصل لانتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت ممكن"، مشيراً إلى أنه "استمع من وزير الخارجية الإيراني إلى الوضع في إيران على ضوء الأحداث الأخيرة، وعبّر عن حرص لبنان على استقرار إيران ورفضه المبدئي تدخل أي دولة في شؤون الدول الأخرى".

ومن المقرر أن يصل عبداللهيان إلى دمشق السبت لإجراء محادثات مع مسؤولي النظام السوري، وفق صحيفة "الوطن"، المقربة من النظام.

وذكرت الصحيفة أن عبداللهيان سيجري مباحثات رسمية، السبت، مع وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، "تتناول عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، والتنسيق بين البلدين في كل المجالات".

وقبل التوجه إلى دمشق أعلن عبداللهيان ترحيب بلاده بالتقارب بين النظام السوري وتركيا، قائلاً إن إيران "سعيدة بالحوار بين سوريا وتركيا، ونعتقد أنّه يمكن أن ينعكس إيجاباً لمصلحة البلدين".

ورأى أن "الطريقة الأنجع والأفضل لإيجاد مخرج لمسألة العلاقات السورية التركية تكمن في الالتزام بالمفاوضات في إطار أستانة، مع إعطاء دور للحضور السوري في هذا الحوار".

والأحد الماضي، أكد وزير الخارجية السوري لنظيره الإيراني على "ضرورة أن تلعب إيران دوراً في أي مبادرة سياسية في سوريا"، مشيداً بـ"الدور الإيراني الفعّال للمساعدة في تسوية الأزمة السورية".

وكانت وزارة الخارجية الإيرانية، أعلنت الإثنين الفائت، أنّه يجري التخطيط لإجراء الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، زيارة مرتقبة إلى سوريا وتركيا في المستقبل.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، في إفادة صحافية إنّه "يجري التخطيط لزيارة الرئيس الإيراني إلى سوريا وتركيا بعد تلقيه دعوتين من البلدين".

ويبدو أن إيران التي تشارك مع روسيا وتركيا في إدارة "مسار أستانة"، الذي تعتبره الدول الثلاث محورياً لتنسيق عملياتها ومصالحها في سوريا، مستاءة من تجاهل أنقرة وموسكو لدورها في خطوات التقارب التركي مع النظام السوري.

وحول دلالات هذه الزيارة وأهدافها، قال الباحث في مركز "جسور" للدراسات، وائل علوان، إن هناك قلقاً إيرانياً حول مسار العلاقات السياسية بين تركيا والنظام خاصة في ظل وجود ضغوطات روسية تمارس على النظام لا تناسب المصالح الإيرانية.

وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام محلية "ربما من المستبعد أو من المبكر الحديث عن تطورات في هذا المسار خاصة أن تأثير الموقف الأميركي قد يكون كبيراً بالإضافة إلى عدم التقارب في ظل الشروط الصعبة المتبادلة بين تركيا والنظام السوري".

وتوقع علوان أن "يكون السبب الرئيسي للزيارة هو الهواجس الكبيرة الإيرانية من التحركات الإقليمية والدولية التي قد تحد من النفوذ الإيراني جنوب سوريا خاصة بعدما وقعت الإدارة الأميركية على مشروع محاربة النظام السوري كمصدر للمخدرات".

وأوضح أن "قوات ضمن النظام السوري التي تتعامل بالمخدرات وتروج لها هي الأذرع الإيرانية المباشرة وأذرع "حزب الله" اللبناني أو الأذرع المحلية التي تعمل لصالحهما، لذلك أعتقد أن هناك خشية إيرانية من تفاعل إقليمي ودولي تقوده واشنطن ضد مصالحها في سورية عموماً والجنوب السوري بشكل خاص".