عبداللهيان في الرياض: توصيل السفير الجديد وصمت عن حقل الدرة

الرياض – عكست زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان والمؤتمر الصحفي المشترك مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان أن لا أساسات حقيقية لما يسمى بالتقارب وأن الموضوعات الجدلية بين البلدين لم تثر بشكل كبير وأن أفضل ما يمكن تحقيقه الآن هو تجميد التوتر بعد جولة تصعيد أعقبت زيارة وزير الخارجية السعودي إلى طهران وركزت على ما تسميه إيران حقوقها في حقل الدرة.
وبدا أن مهمة عبداللهيان هي توصيل السفير الجديد إلى سفارة بلاده في السعودية علي رضا عنايتي الذي شغل في السابق منصب مساعد لوزير الخارجية، وهي خطوة إجرائية لإظهار أن البلدين قد دخلا فعلا مرحلة التقارب.
وأكد عبداللهيان أنه أجرى مباحثات مثمرة في الرياض، مضيفا “بإمكاننا العمل مع السعودية لحل الموضوعات العالقة بالمنطقة بشكل فوري”.
لكن إعلانه عن أن “إيران والسعودية تتفقان على تشكيل لجان فنية وتخصصية متنوعة”، يظهر أن الزيارة ركزت على تبادل الوعود والنوايا الحسنة من دون تجاوز لأيّ نقطة خلافية، وأن تشكيل اللجان عادة يحيل إلى التأجيل والتسويف، وأن الطرفين ليست لديهما الرغبة في حل القضايا مثار الخلاف بشكل حاسم.
ويقول متابعون لهذا التقارب إن ما تبحث عنه إيران من خلال هذه الزيارات هو تقديم نفسها كطرف متعاون في المنطقة، في رد على تحذيرات ومخاوف أميركية وإسرائيلية من أن طهران تمثل خطرا على الأمن الإقليمي، أي أن هدف إيران من الزيارات والتصريحات دعائي بالدرجة الأولى.
ومنذ بداية اللقاءات السعودية – الإيرانية قبل سنتين لم تبد طهران أيّ تراجع في الملفات الإقليمية في المنطقة بما في ذلك اليمن. وتراهن الرياض على أن انفتاحها على طهران سيؤمن لها الخروج من الحرب والتوصل إلى حل عبر التفاوض مع الحوثيين.
لكن المتابعين توقعوا أن تقدم إيران، بالتزامن مع زيارة عبداللهيان، على مبادرة لتحريك أحدث ملفات الخلاف بينها وبين السعودية، وهو حقل الدرة، في رسالة طمأنة للسعوديين على أنها جادة في الحوار.
وكانت إيران قد هددت بمواصلة أعمال التنقيب في الحقل من جانب واحد من دون انتظار أيّ اتفاق مع السعودية والكويت.
وقال وزير النفط الإيراني جواد أوجي إن بلاده “تتابع حقوقها ومصالحها فيما يتعلق باستغلال واستكشاف الحقل.. إذا لم تكن هناك رغبة في التفاهم والتعاون” من جانب السعودية والكويت. ولاحقا قالت السعودية والكويت إنهما وحدهما تمتلكان الحقل.
وفي المؤتمر الصحفي المشترك مع عبداللهيان قال وزير الخارجية السعودي إن بلاده حريصة على متابعة جميع النقاط الرئيسية للاتفاق الذي توسطت فيه الصين سواء كانت اقتصادية أو سياسية، وأضاف أن سفيري البلدين سيتوليان منصبيهما في السفارتين بعد إعادة فتحهما.
وأعادت إيران في يونيو فتح سفارتها رسميا في السعودية وذكرت وسائل إعلام حكومية إيرانية في وقت سابق من هذا الشهر أن سفارة المملكة في طهران استأنفت نشاطها.
وتأتي زيارة أمير عبداللهيان بعد نحو شهرين من قيام الأمير فيصل بن فرحان بزيارة رسمية إلى إيران كانت الأولى لوزير خارجية سعودي إلى طهران منذ سبعة عشر عامًا، حيث عقدا مباحثات تناولت قضايا الأمن والاقتصاد والسياحة والنقل.
وأشارت آنا جاكوبس كبيرة محللي شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية إلى أنّ الزيارات وإعادة فتح السفارات تمثلان “إجراءات مهمة لبناء الثقة” بين البلدين.
وقالت جاكوبس “التقارب السعودي – الإيراني لا يزال في مراحله الأولى، ولا يزال من غير الواضح تمامًا كيف سيتعامل الجانبان مع نقاط الخلاف العديدة بينهما”.
وتابعت أنّ “استئناف العلاقات الدبلوماسية والمشاركة في المزيد من الحوار هما بداية جيدة، ولكن من الصعب معرفة ما إذا كان ذلك سيكون كافياً لحل القضايا العالقة طويلة الأمد في علاقتهما”.
وأعقبت المصالحة الإيرانية – السعودية سلسلة من التغييرات في المشهد الدبلوماسي في الشرق الأوسط، فقد أعادت المملكة علاقاتها مع سوريا التي استأنفت نشاطها الكامل في جامعة الدول العربية.
وكثّفت إيران من جهتها في الأشهر الأخيرة نشاطاتها الدبلوماسية وعملت على تعزيز علاقاتها مع دول عربية أخرى بهدف الحدّ من عزلتها وتقوية اقتصادها.
وقالت جاكوبس “لا ينبغي أن يكون الخلاف حول حقل الدرة عقبة رئيسية أمام تحسين العلاقات، فقد يكون فرصة للحوار”. وأضافت “لكن من وجهة نظر السعوديين، فهم أكثر قلقا بشأن اليمن والتهديدات للأمن البحري في الخليج والملفات الإقليمية مثل سوريا”.
وفي سابقة أخرى منذ تراجع حدة التوتر بين إيران والسعودية اجتمع مسؤولون عسكريون من البلدين في موسكو على هامش مؤتمر للأمن، بحسب ما ذكرت الأربعاء إحدى وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية.