عبداللهيان سمع من السعوديين ما لا ينتظره اللبنانيون

الرياض هي الأكثر قدرة من بين دول الخليج على دعم لبنان ومساعدته في الخروج من أزماته.
الجمعة 2023/09/01
السعودية خبرت الطبقة السياسية اللبنانية طويلا

بيروت - قال وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان، الخميس، إنهم سمعوا "تصريحات إيجابية" من المسؤولين السعوديين بشأن دعم لبنان، وهو ما لا ينتظره المسؤولون اللبنانيون الذين يعرفون جيدا طريق مغادرة الرياض لانكفائها.

وجاء تصريح عبداللهيان خلال مؤتمر صحفي في مطار بيروت الدولي، إذ وصل قادما من سوريا في زيارة للبنان تستمر يومين. وأضاف عبداللهيان "واثقون من قدرة لبنان على انتخاب رئيس للجمهورية، وقد سمعنا تصريحات إيجابية بشأن لبنان خلال المباحثات التي أجريناها مع السعودية".

وفي السابع عشر من أغسطس المنقضي، زار عبداللهيان السعودية للمرة الأولى منذ استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المملكة وإيران، بموجب اتفاق بوساطة الصين في العاشر من مارس الماضي، ما أنهى قطيعة استمرت 7 سنوات.

ولبنان إحدى ساحات التنافس بين السعودية وإيران، ويأمل اللبنانيون في أن يقود استئناف العلاقات بين البلدين إلى معالجة الأزمات اللبنانية. وتقول أوساط سياسية لبنانية إنه بالنظر إلى تاريخ العلاقات بين السعودية ولبنان، فإن الرياض هي الأكثر قدرة من بين دول الخليج على دعم لبنان ومساعدته في الخروج من أزماته.

أمير عبداللهيان: سمعنا تصريحات إيجابية من السعوديين بشأن دعم لبنان
أمير عبداللهيان: سمعنا تصريحات إيجابية من السعوديين بشأن دعم لبنان

ولا يزال الموقف السعودي من العودة إلى دعم لبنان اقتصاديا وماليا رهين التحركات السياسية في الداخل اللبناني لجهة تبديد تحفظات المملكة التي ظل السياسيون اللبنانيون ينظرون إليها على أنها داعم مالي دون التقيد بالتزاماتهم تجاهها، وهو ما لم يعد ينسجم مع إستراتيجيات الرياض الجديدة في المنطقة.

وبذلت الرياض كل ما في وسعها على مدى سنوات لدعم لبنان وحث الفرقاء على منع ارتهانه إلى أيّ جهة خارجية، لكن اللبنانيين ظلوا ينظرون إلى المملكة كجهة مهمتها ضخ الأموال وتحريك الاقتصاد والسياحة دون أيّ التزام سياسي تجاهها، وهو خيار لم يعد يتماشى مع سياستها الجديدة.

وقدّمت المملكة المليارات من الدولارات في سبيل إعادة إعمار لبنان بعد الحرب الأهلية (1975 - 1990)، لكنّها بدت في السنوات الماضية غاضبة جراء فشل القادة السياسيين في كبح جماح حزب الله المسلّح والنافذ والمدعوم من إيران.

وكانت السعودية يوما من الدول المانحة السخية للبنان، لكن العلاقات توترت لسنوات بسبب تنامي نفوذ جماعة حزب الله المدعومة من إيران. ويقول متابعون للشأن اللبناني إن السعودية التي خبرت لبنان طويلا تعرف أن أمر البلد بات معقدا وأن إيران ليست بصدد تقديم أيّ تنازل هناك، وأن المناخ في لبنان لا يشجّع على التدخل والوساطات وعلى أي شكل من أشكال المبادرة في ظل سيطرة حزب الله على المشهد.

وأضاف المتابعون أن المملكة خبرت الطبقة السياسية اللبنانية طويلا وقدمت الكثير من الدعم والاستثمارات وظلت تنفق بلا حساب في لبنان، لكن حزب الله ظل كما هو في انتشاره وسيطرته على البلاد، فيما تنقسم الطبقة السياسية اللبنانية بشأنه بين مستفيد وصامت.

ولا يخفي السعوديون اقتناعهم بأن ملف لبنان لم يعد يعنيهم، خاصة في ظل تطبيع مختلف القوى اللبنانية مع سيطرة حزب الله على الوضع الداخلي، وصمتها على تزايد النفوذ الإيراني وتحكّمه في مستقبل البلد منذ التسوية التي أدت إلى صعود ميشال عون إلى سدة الحكم، وبعد أن تأكد أن وصول عون إلى الرئاسة بدعم حزب الله لم يكن تسوية مرحلية، بل حصة سياسية لإيران، إذ صارت منذ ذلك الحين تتصرف على أساس أن الرئاسة لها ولحلفائها.

ولذلك تعتبر الرياض أن أيّ دعم يمكن تقديمه للدولة اللبنانية سيسهم في تقوية حزب الله وتعزيز النفوذ الإيراني في لبنان بشكل أكبر. وجراء خلافات بين القوى السياسية، يعاني لبنان فراغا رئاسيا منذ أن انتهت ولاية ميشال عون الرئاسية بنهاية أكتوبر الماضي. ولم يفلح البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس جديد للبلاد بعد عقده 12 جلسة انتخابية بسبب الخلافات والحسابات السياسية بين الفرقاء اللبنانيين.

ومنذ 2019، يعاني لبنان من أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة، مع انهيار قيمة عملته الليرة مقابل العملات الأخرى، وشح في مواد أساسية منها الأدوية والوقود، بالإضافة إلى انخفاض كبير في القدرة الشرائية.

2