عبدالحميد الدبيبة يظهر حماسا مفاجئا لإجراء الانتخابات

دعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى فتح سجل الناخبين لتحديث بياناتهم وتسجيل من لم يقم بالتسجيل في السابق، ويرى مراقبون أن حماس الدبيبة للاستحقاق الانتخابي يهدف إلى تمرير مبادرته بتنظيم الانتخابات التشريعية وتأجيل الرئاسية.
طرابلس - أظهر رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها في ليبيا عبدالحميد الدبيبة حماسا مفاجئا ومبالغا فيه لإجراء الانتخابات، في خضم أزمة سياسية خانقة ووسط مخاوف من انزلاق البلاد نحو العنف.
ودعا الدبيبة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى “فتح سجل الناخبين لتحديث بياناتهم وتسجيل من لم يقم بالتسجيل في السابق”، وسط تساؤلات من قبل مراقبين حول حقيقة حماس رئيس حكومة الوحدة الوطنية لإجراء الانتخابات، وهل سيسعى إلى تمرير مبادرته التي تقتصر على إجراء الانتخابات التشريعية وتأجيل الاستحقاق الرئاسي.
وأرسل الدبيبة الأربعاء خطابا إلى رئيس مجلس إدارة المفوضية عماد السائح، دعاه فيه أيضا إلى “الاستمرار في عملية تدقيق سجل المرشحين للانتخابات البرلمانية والرئاسية، قبل إعلان القوائم الانتخابية”، بالإضافة إلى “إعلام الرأي العام المحلي بالتطورات في هذا الشأن”، وكذلك “النظر في مقترح قانون الانتخابات المعد من قبل لجنة عودة الأمانة إلى الشعب، المحال إلى المفوضية مطلع يوليو الماضي”.
كما دعا الدبيبة إلى بدء الاستعدادات اللوجستية والتنظيمية وفقا لما هو ثابت في القوانين الانتخابية، وتأجيل ما يتوقع تغييره بحسب القانون إلى وقت لاحق، هذا بالإضافة إلى التخطيط لإجراء يوم محاكاة انتخابية بالتعاون مع وزارتي الداخلية والتعليم وباقي القطاعات المعنية، للتأكد من الجهوزية الكاملة، وذلك وفق تاريخ يحدد من قبل المفوضية.
رئيس حكومة الوحدة الوطنية دعا إلى بدء الاستعدادات اللوجستية والتنظيمية، وفقا للقوانين الانتخابية
وحث رئيس حكومة الوحدة الوطنية المفوضية على التعاون مع قناة ليبيا الوطنية وما وضعته من خطة لإتاحة الفرصة للمرشحين لعرض رؤيتهم وبرامجهم الانتخابية.
وقال الدبيبة في خطابه، إن من شأن كل ذلك أن “يحفز كل الأطراف الرسمية والشعبية للدفع نحو سرعة إنجاز الانتخابات، وانتقال البلاد من المرحلة المؤقتة إلى المرحلة الدائمة المبنية على الشرعية الانتخابية”.
ووفق آخر تحديث لسجل الناخبين أجرته المفوضية في العام الماضي، وصل إجمالي المسجلين إلى نحو 2.8 مليون مسجل، استلم منهم 2.5 مليون بطاقاتهم الانتخابية، وذلك من أصل نحو 6.8 مليون نسمة، هم جملة سكان ليبيا.
وكان الدبيبة قد قدّم في فبراير الماضي خطة لتنظيم انتخابات برلمانية قبل نهاية يونيو الماضي، وترحيل الانتخابات الرئاسية إلى وقت لاحق أطلق عليها مبادرة “إعادة الأمانة إلى أهلها”، لكن يبدو أنه فشل خلال الفترة السابقة في فرض أجنداته مع تصاعد التوتر السياسي ورفض العديد من القوى لتلك المبادرة.
ونصت تلك الخطة التي لم تر النور بعد على “إجراء الاستفتاء على الدستور بالتزامن مع الانتخابات البرلمانية” ولم تتضمن خطته موعدا لإجراء الانتخابات الرئاسية.
وأشار الدبيبة حينها إلى أنه في حال تعذر إجراء الانتخابات، نظرا إلى استخدام القوة ومنعها من بعض الأطراف، فإن خيار “التصويت الإلكتروني” سيكون “قائما”. كما ألمح حينها إلى اللجوء إلى “الانتخابات الجزئية في بعض المناطق” وفقا لتجارب دولية عدة.
وأكد الدبيبة مرارا أن خطته هي “الحل الوحيد” الذي يخرج جميع الكيانات السياسية، بما فيها حكومته، من المشهد الحالي.
وجاءت تلك الخطة وفق مراقبين ردا على العملية السياسية التي قادها مجلسا النواب والأعلى للدولة لتغيير الحكومة، حيث تم تكليف وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا بتشكيل حكومة جديدة.
وكان الدبيبة قد فشل في إيصال البلاد إلى الانتخابات في الرابع والعشرين من ديسمبر الماضي، بعد أن انقلب على تعهده بعدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية، ما كشف عن نوايا رئيس حكومة الوحدة الوطنية للبقاء في السلطة.
ويظهر جليا أن الدبيبة يريد مجددا فرض الأمر الواقع بفرض مبادرته، وهو ما يفسر حماسه الشديد بدعوته للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات إلى فتح سجل الناخبين لتحديث بياناتهم.
واتهم معارضو مبادرة الدبيبة مرارا رئيس الحكومة المنتهية ولايته بأنه يسعى من خلال مبادرته إلى التخلص من البرلمان مع ضمان بقائه في السلطة لأطول فترة ممكنة، في سيناريو أشبه بما عمدت إليه حكومة الوفاق السابقة بقيادة فائز السراج.
وفق آخر تحديث لسجل الناخبين أجرته المفوضية في العام الماضي، وصل إجمالي المسجلين إلى نحو 2.8 مليون مسجل، استلم منهم 2.5 مليون بطاقاتهم الانتخابية
وفي المقابل اتهم الدبيبة معارضيه وعلى رأسهم رئيس البرلمان عقيلة صالح بتعطيل مسار الانتخابات في ليبيا حيث يرفض الأخير، إضافة إلى قوى أخرى، مبادرة عقد الانتخابات التشريعية وتأجيل الرئاسية.
ورد صالح على تهم الدبيبة قائلا إن “مجلس النواب فعل كل ما يجب تجاه الانتخابات حيث أصدر القوانين وأدى مهامه”، مضيفا أن التعطيل تتحمله حكومة الوحدة الوطنية التي اتهمها بإفشال انتخابات 24 ديسمبر الماضي.
وكان عقيلة صالح قد أعلن في سبتمبر الماضي توصله إلى اتفاق مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ينصّ على “استبعاد” شروط الترشح للرئاسة من القاعدة الدستورية المؤدية إلى الانتخابات، وترك المسألة للمشرع الجديد في محاولة لكسر الجمود السياسي.
ورجح مراقبون حينها أن عقيلة صالح وافق على مطلب للمجلس الأعلى للدولة بإجراء الانتخابات البرلمانية أولا، وترك مسألة الاستفتاء على الدستور للبرلمان المقبل، الذي يتولى الإشراف على الانتخابات الرئاسية لكن أعضاء في المجلس الرئاسي على غرار محمد معزب نفوا التوصل إلى اتفاق مع رئيس البرلمان.
ويرى مراقبون أن حماس وتأكيد الدبيبة على إجراء الانتخابات والتحضير لها يأتيان في خضم الجهود الدولية لإنهاء الخلافات السياسية وإعادة الحياة إلى المسار الانتخابي، خاصة بعد تعيين عبدالله باتيلي مبعوثا أمميا جديدا إلى ليبيا.
وأعلن المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند الشهر الماضي، أن هناك جهودا ومساعي لتشكيل خارطة طريق جديدة من أجل إيجاد حل للأزمة الليبية بعد أن وصلت العملية السياسية الحالية إلى مأزق وفشلت في تحقيق الاستقرار.