عباس يركب موجة حل الدولتين بعد فيتو أميركي – إسرائيلي على دوره المستقبلي

باريس– أعرب الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن تأييده لقيام حماس “بإلقاء السلاح” و”استقدام قوات عربية” كجزء من دولة فلسطينية مستقبلية، في رسالة وجّهها إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قبل مؤتمر في الأمم المتحدة بشأن حل الدولتين.
ويبحث الرئيس الفلسطيني عن باب جديد للظهور بركوب موجة مؤتمر حل الدولتين الذي تتزعمه السعودية وفرنسا وذلك بعد أن فشل في إيجاد دور له في مرحلة ما بعد الحرب كأحد البدائل التي تطرحها الولايات المتحدة وإسرائيل لغزة دون حماس.
لكن مؤتمر حل الدولتين قد لا يكون السفينة الآمنة التي تقود عباس إلى الواجهة من جديد خاصة أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لم تعد تتحمس لفكرة إقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة.
مؤتمر حل الدولتين قد لا يكون السفينة الآمنة التي تقود عباس إلى الواجهة خاصة أن إدارة ترامب لم تعد تتحمس لفكرة إقامة دولة فلسطينية في غزة والضفة
وسبق لعباس أن جرّب كل الطرق لضمان دور مستقبلي له بالاتجاه إلى بعض دول الخليج وتركيا وروسيا، وبعرض إصلاحات داخل السلطة الفلسطينية لا تتضمن أيّ إشارة إلى انسحابه، لكنه قوبل بفيتو أميركي – إسرائيلي بشأن مشاركته في مرحلة ما بعد الحرب، ولذلك فهو يراهن على التوجه إلى فرنسا بصفة خاصة كونها تقود مساعي عقد حل الدولتين على أمل أن يجد مدخلا له للمرحلة المقبلة.
ولا يبدو عباس، بالرغم من كل الانتقادات التي وجهت له، مقتنعا بأن مرحلته قد انتهت وأن عليه تسليم الحكم لجيل جديد يقدر على إخراج السلطة من الأزمة الحالية التي تعيشها، وحرص على استثمار ورطة حركة حماس وترديد المطالب الإقليمية والدولية بشأن إخراجها من الحكم ومطالبتها بتسليم سلاحها.
وفي رسالة وجهها الاثنين إلى ماكرون وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي سيشارك في رئاسة المؤتمر حول حل الدولتين من 17 إلى 21 يونيو في نيويورك، قال عباس أيضا إنه “مستعد لدعوة قوات عربية ودولية للانتشار كجزء من مهمة الاستقرار/الحماية بتفويض من مجلس الأمن”.
وأضاف أن دولة فلسطينية مستقبلية “لن تكون لديها نية بأن تكون دولة عسكرية وهي مستعدة للعمل نحو ترتيبات أمنية تعود بالنفع على جميع الأطراف طالما أنها تستفيد من حماية دولية”.
وكتب “ما فعلته حماس في أكتوبر 2023 من قتل وأسر مدنيين أمر غير مقبول،” داعيا الحركة إلى “الإفراج الفوري عن جميع الرهائن”. ورّحب الإليزيه “بالتزامات ملموسة وغير مسبوقة، تظهر رغبة حقيقية في التحرك نحو تنفيذ حل الدولتين”.
وتريد فرنسا أن تجعل من المؤتمر الدولي الذي سيعقد في الأمم المتحدة محطة محورية لإعادة إطلاق حل الدولتين، وهو ما ترفضه الحكومة الإسرائيلية.
وكان ماكرون الذي سيسافر إلى نيويورك في 18 يونيو، دعا عباس في أبريل الماضي إلى “استبعاد” حماس من غزة و”إصلاح” السلطة الفلسطينية من أجل “التقدّم نحو حل سياسي قائم على دولتين”.
وفي رسالته، أكد عبّاس التزامه مواصلة إصلاح السلطة الفلسطينية، مشيرا إلى أنه يريد تنظيم “انتخابات رئاسية وتشريعية خلال عام” تحت “إشراف” دولي.
وتابع “نحن مستعدون للقيام بدورنا الكامل للترويج لمسار موثوق ولا عودة فيه نحو إنهاء الاحتلال، والتحرك نحو إنشاء دولة فلسطين مستقلة ذات سيادة وتنفيذ حل الدولتين، في إطار جدول زمني واضح ومع ضمانات دولية قوية”.
وتعهد الرئيس الفلسطيني في الاجتماع الطارئ للقمة العربية الذي عقد في القاهرة في الرابع من مارس الماضي بـ”إعادة هيكلة الأطر القيادية للدولة الفلسطينية، وضخ دماء جديدة في منظمة التحرير وحركة فتح وأجهزة الدولة.” لكن هذه الإصلاحات انتهت إلى تفصيل صغير بتعيين نائب لعباس بهدف سد الشغور. ورحّبت الرئاسة الفرنسية في بيان الثلاثاء بـ“الالتزامات الملموسة وغير المسبوقة التي تثبت رغبة حقيقية في المضي قدما نحو تنفيذ حل الدولتين”.
اعتراف فرنسا بدولة فلسطينية "لن يكون ذا قيمة إلا إذا انضمت دول أخرى" إليه
ويرى محيطون بماكرون أن اعتراف فرنسا بدولة فلسطينية “لن يكون ذا قيمة إلا إذا انضمت دول أخرى” إليه، بينما يعتقد آخرون أنها قادرة على القيام بذلك منفردة، وسيكون لقرارها تأثير “كبير” لأنها إحدى الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو الأسبوع الماضي أن هدف باريس هو “أن نضم إلينا عددا من الدول، ونضم أيضا كل الأطراف المعنيين، خصوصا السلطة الفلسطينية والدول العربية.” وشاركت بريطانيا وكندا فرنسا “تصميمها” على “الاعتراف بدولة فلسطينية” في إعلان مشترك في مايو.
ووجه ماكرون خلال الفترة الماضية انتقادات شديدة اللهجة إلى الحكومة الإسرائيلية على خلفية مواصلتها الحرب في غزة وتدهور الوضع الإنساني في القطاع المحاصر. وقد أكد مساء الاثنين أن حصار غزة “فاضح” و”عار”.
وتزامنا مع الانتقادات، أرسل ماكرون الأسبوع الماضي مبعوثا إلى الدولة العبرية ليؤكد لسلطاتها أن مؤتمر الأمم المتحدة لا يهدف إلى عزلها بل البحث عن حل يضمن الأمن في المنطقة. واتهمت وزارة الخارجية الإسرائيلية ماكرون أواخر مايو بشنّ “حملة صليبية ضد الدولة اليهودية”.
لكن المبادرة الفرنسية قد تسقط في الماء في حال تمسك الأميركيون بمعارضة خطة حل الدولتين، في ضوء مؤشرات واضحة على غياب التفاعل من إدارة ترامب مع هذا المؤتمر.
وقال سفير واشنطن لدى إسرائيل مايك هاكابي في حديث نشرته وكالة بلومبيرغ نيوز الثلاثاء إنه لا يعتقد أن قيام دولة فلسطينية مستقلة لا يزال هدفا للسياسة الخارجية الأميركية.
وذكرت بلومبيرغ أنه حينما سُئل هاكابي عمّا إذا كانت الدولة الفلسطينية لا تزال تمثل هدفا للسياسة الأميركية، أجاب “لا أعتقد ذلك”. واختار ترامب هاكابي، حاكم ولاية أركنسو السابق، ليشغل منصب سفير الولايات المتحدة لدى إسرائيل وهو من أشد المؤيدين لإسرائيل.
واقترح هاكابي اقتطاع أرض من دولة إسلامية بدلا من مطالبة إسرائيل بإفساح المجال. وقال “هل يجب أن تكون (الدولة الفلسطينية) في يهودا والسامرة؟” وهو تعبير تستخدمه الحكومة الإسرائيلية للإشارة إلى الضفة الغربية المحتلة التي يقطنها نحو ثلاثة ملايين فلسطيني.