عباس يرد على طرح بلينكن لإقامة دولة فلسطينية بلا للتهجير

وزير الخارجية الأميركي يؤكد دعم واشنطن لتدابير ملموسة لإقامة دولة فلسطينية، بينما يطالب الرئيس الفلسطيني بالإفراج عن أموال المقاصة.
الأربعاء 2024/01/10
مناقشة مرحلة ما بعد الحرب على غزة

رام الله (الأراضي الفلسطينية)  -عقد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء اجتماعا مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الضفة الغربية المحتلة بعد الضغط على قادة إسرائيل لطرح مسار لإقامة دولة فلسطينية.

وعبر بلينكن نقاط التفتيش الإسرائيلية للوصول إلى رام الله حيث مقر السلطة الفلسطينية، وفقا لصحافيين سافروا مع الوزير الأميركي.

وفيما أكد بلينكن لعباس دعم الولايات المتحدة لتدابير ملموسة لإقامة دولة فلسطينية، شدد الرئيس الفلسطيني على ضرورة الإفراج عن أموال المقاصة الفلسطينية فورا، في إشارة منه إلى أموال الضرائب الخاصة بالسلطة الفلسطينية التي ضمنتها اتفاقية أوسلو والتي ترفض إسرائيل تحويلها.

وأضاف أن تصريحات الوزراء الإسرائيليين التي تدعو لطرد الشعب الفلسطيني خطيرة، مشددا على عدم السماح بتهجير أي مواطن فلسطيني سواء في غزة أو الضغة الغربية، ويقصد بها ما قاله مسؤولون في تل أبيب حول تهجير سكان القطاع إلى سيناء المصرية ومناطق أخرى.

وأكد عباس على "ضرورة الوقف الفوري لحرب الإبادة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، لنتمكن من تنفيذ الحل السياسي المستند للشرعية الدولية، بدءا بنيل دولة فلسطين عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بقرار من مجلس الأمن، وعقد مؤتمر دولي للسلام ينهي الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين، وعاصمتها القدس الشرقية، الأمر الذي يحقق السلام والأمن للجميع".

وبدورها، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن بلينكن أجرى مشاورات مثمرة مع الرئيس عباس حول الإصلاحات الإدارية بالسلطة.

وتأتي زيارة بلينكن ضمن جولة جديدة هي الرابعة له في المنطقة منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر. وتمحورت الجولة حول تفادي اتساع الحرب الى جبهات أخرى، والبحث في "اليوم التالي" لما بعد انتهائها، والدعوة الى حماية المدنيين وزيادة المساعدات للقطاع الذي يواجه أزمة إنسانية متعاظمة.

وتجمع زهاء 30 شخصا في الساحة الرئيسية لرام الله احتجاجا على زيارة بلينكن والدعم الذي تقدّمه بلاده لإسرائيل منذ اندلاع الحرب. ورفع البعض لافتات بالإنجليزية كتب في بعضها "بلينكن ليس مرحبا بك هنا".

وكان من اللافت أنّ أجهزة الأمن الفلسطينية تركت المسيرة تكمل سيرها من دوار المنارة إلى أن وصلت على بعد 300 متر تقريباً من مقر الرئاسة "المقاطعة"، حيث أغلقت أجهزة الأمن الفلسطينية الطريق أمام المتظاهرين.

وفي وقت لاحق اليوم، سيلتقي عباس في العقبة في الأردن، العاهل الأردني عيدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، "لبحث التطورات الخطيرة في غزة"، وفق ما جاء الثلاثاء في بيان للديوان الملكي الأردني.

وأشار البيان الى أن "القمة الثلاثية" ستتناول "تنسيق المواقف العربية للضغط للوقف الفوري لإطلاق النار في غزة وإيصال المساعدات الإنسانية بدون انقطاع".

وكان بلينكن التقى الثلاثاء في تل أبيب مسؤولين إسرائيليين بينهم رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت.

واعتبر أن على إسرائيل أن "تكون شريكا للقادة الفلسطينيين الذين يريدون قيادة شعبهم"، و"أن تكفّ عن اتخاذ خطوات تقوّض قدرة الفلسطينيين على حكم أنفسهم في شكل فعال".

وسبق زيارة بلينكن عرض وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت خطته "لما بعد الحرب" التي تقوم على ألا يكون في القطاع "لا حماس" ولا "إدارة مدنية إسرائيلية"، وأن تديره "كيانات فلسطينية" بشرط "ألا يكون هناك أيّ عمل عدائي أو تهديد ضدّ دولة إسرائيل".

ومن السيناريوهات المحتملة، وفق محللين، أن تتولى السلطة الفلسطينية حُكم القطاع رغم تدني شعبيتها فيه.

واعتبر بلينكن أن على "السلطة الفلسطينية مسؤولية إصلاح نفسها وتحسين حوكمتها. هذه هي التحديات التي سأطرحها مع الرئيس عباس".

وشملت جولة بلينكن الإقليمية تركيا وقطر والإمارات والسعودية، ومن المقرر أن يزور مصر الخميس. والأربعاء، أكد مسؤول أميركي أنه سيتوجه الى البحرين في محطة غير معلنة مسبقا.

ودعا وزير الخارجية الأميركي الثلاثاء إسرائيل الى محاولة تجنب سقوط هذا العدد الكبير من المدنيين خلال عملياتها العسكرية في غزة.

وقال "ندرك أن مواجهة عدو يتخفّى بين السكان المدنيين ويحتمي في المدارس والمستشفيات لإطلاق النار، يجعل الأمور بالغة الصعوبة. لكن الثمن الذي يدفعه المدنيون يوميا (في قطاع غزة)، لا سيما الأطفال، باهظ جدا".

وتوعدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس بعد الهجوم غير المسبوق الذي شنّته الحركة على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر. وأدى الهجوم الى مقتل نحو 1140 شخصا غالبيتهم من المدنيين، وفق تعداد لوكالة فرانس برس يستند الى أرقام رسمية إسرائيلية.

كما تمّ أخذ نحو 250 رهينة خلال الهجوم، لا يزال 132 منهم محتجزين في القطاع، بحسب الجيش الإسرائيلي.

وتردّ إسرائيل بقصف جوي ومدفعي عنيف، وعمليات برية اعتبارا من 27 أكتوبر، على قطاع غزة المحاصر ما أدى الى مقتل 23210 أشخاص غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحماس أن الغارات الإسرائيلية أدت إلى سقوط "أكثر من 70 شهيدا" ليل الثلاثاء الأربعاء.

وأعلن الجيش الإسرائيلي الأربعاء مواصلة عملياته في مخيم المغازي في وسط القطاع ومدينة خان يونس بجنوبه، مؤكدا ضرب "أكثر من 150 هدفا". كما أعلن كشف 15 فتحة نفق في مخيم المغازي، إضافة الى قاذفات صواريخ ومسيّرات وعبوات ناسفة.

وكان الجيش أعلن هذا الأسبوع الانتقال إلى مرحلة جديدة تشمل تنفيذ عمليات أكثر استهدافا في وسط قطاع غزة وجنوبه حيث يحتشد مئات الآلاف من النازحين، بعدما تركّز العمليات مطلع الحرب على شمال القطاع خصوصا مدينة غزة والمناطق المحيطة بها.

وقال بلينكن الثلاثاء إن إسرائيل وافقت على مبدأ ارسال "بعثة تقييم" أممية لدراسة الوضع في شمال القطاع تمهيدا لعودة الفلسطينيين النازحين.

ودخلت الحرب هذا الأسبوع شهرها الرابع وسط تحذيرات متزايدة من الأمم المتحدة ومنظمات وأطراف دولية من الاوضاع الكارثية مع تواصل الحصار والقصف الإسرائيليين والمعارك البرية.

وتؤكد منظمات دولية أن المساعدات المحدودة التي تدخل القطاع بموافقة إسرائيلية، لا تكفي لسدّ حاجات سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.

وأكد بلينكن الحاجة إلى توصيل مزيد من المواد الغذائية والمياه والدواء.

وقال "يتعيّن توصيل مزيد من الأغذية ومزيد من المياه ومزيد من الأدوية وغيرها من الأساسيات إلى غزة. وفور دخولها إلى غزة، ينبغي أن تصل في شكل أكثر فعالية لمن يحتاجون إليها".

وعبرت حركة حماس اليوم الأربعاء عن رفضها تصريحات لوزير الخارجية الأميركي، بشأن تمركز المقاومة الفلسطينية بين المدنيين في قطاع غزة، مشيرة إلى أنها رواية "مضللة".

وقالت الحركة في بيان "نعتبر أن محاولات بلينكن تبرير الإبادة الجماعية التي يرتكبها جيش الاحتلال الإرهابي ضد المدنيين هي محاولات بائسة لغسل أيدي الاحتلال المجرم من دماء أطفال ونساء وشيوخ غزة، الذين تجاوَز عددهم الثلاثين ألف شهيد، وهو ما يعكس مدى التورُّط الأميركي في هذه الجرائم والانتهاكات الواسعة".

وأشارت في بيان ثان إلى أن مواقف بلينكن من الدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، هي استخفاف بالقانون الدولي، ومحاولة أميركية لتعطيل أدوات العدالة الدولية عن القيام بدورها.

ودعت حماس الإدارة الأميركية إلى العمل فوراً على وقف العدوان الإسرائيلي، والكفّ عن العبث بالقوانين والأنظمة الدولية، لصالح إسرائيل.

وكان بلينكن قد قال، في ختام مباحثات أجراها مع المسؤولين الإسرائيليين، إنّه اتفق مع الجانب الإسرائيلي على دخول بعثة أممية إلى شمال قطاع غزة لضمان عودة الفلسطينيين إلى منازلهم.

واعتبر أنّ رفع جنوب أفريقيا قضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية "يشتت جهود احتواء التصعيد" في قطاع غزة، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تعتقد أن "دعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بلا أساس".

ومن المقرر أن تبدأ محكمة العدل الدولية، غداً الخميس، الاستماع إلى مواقف إسرائيل وجنوب أفريقيا على مدار يومين، بشأن الدعوى التي رفعتها الأخيرة ضد تل أبيب، بهدف محاكمتها على ارتكاب "جرائم إبادة جماعية" في قطاع غزة الذي يتعرض لحرب قاسية منذ أكثر من 3 أشهر.