عباس والمجلس التشريعي يتنازعان على شرعية مفقودة

غزة - تستمر فصول الخلافات الداخلية الفلسطينية لتأخذ منحى أكثر دراماتيكية، وسط إصرار كلّ من حركة حماس والسلطة بقيادة محمود عباس على اعتماد سياسة كسر عظام في مواجهة الآخر، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من إضعاف القضية الفلسطينية التي تواجه تحديات خطيرة وفي مقدمتها “صفقة القرن” الأميركية.
وفي خطوة جديدة لا تخلو من إثارة أقدم المجلس التشريعي الفلسطيني المنحلّ، الأربعاء على المصادقة على نزع شرعية الرئيس محمود عباس. وكان المجلس نفسه قد أعلن الرئيس الفلسطيني عن حلّه في 22 ديسمبر الماضي بناء على قرار المحكمة الدستورية المثيرة للجدل، والتي شكلها الأخير في أبريل من العام 2016.
وأثار قرار عباس بحلّ المجلس التشريعي الذي تسيطر عليه حماس حفيظة الأخيرة ورفض باقي الفصائل الفلسطينية لأن من شأنها أن تزيد من تأزيم الأوضاع في ظل مسعى للرئيس إلى تشكيل مجلس بديل يدين له بالولاء.
ويرى مراقبون أن اجتماع المجلس التشريعي المنحلّ الأربعاء ومصادقته على نزع شرعية عباس المفقودة بطبعها، حيث إنه كان من المفروض إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية منذ أمد طويل، تأتي كردّ فعل على قرار حلّه وعلى توجّهات الرئيس العقابية بحق حماس في القطاع والتي يبقى المتضرر الأصلي منها الغزيون وآخرها حينما أقدم على سحب موظفي السلطة من معبر رفح الحدودي مع مصر. وقال النائب الأول للمجلس التشريعي أحمد بحر، خلال الجلسة التي بثّتها “إذاعة صوت الأقصى” ما يقوم به محمود عباس من مخالفات دستورية ووطنية كفيلة بنزع أهليته كرئيس للشعب الفلسطيني”.
وأضاف بحر “التنازلات السياسية المجانية التي يقدّمها عباس للاحتلال وحربه على المقاومة وتفاخره بالتعاون الأمني ووصف أبناء شعبنا بالإرهاب واتهام الشهداء بالقتلى، كل ذلك يجعل عباس فاقدا للأهلية الأمنية والسياسية والوطنية كرئيس للشعب الفلسطيني”. وأكد النائب أن “ما أقدم عليه عباس بسحب موظفي السلطة من معبر رفح يعدّ خطوة خطيرة لفصل غزة عن الضفة وتمرير صفقة القرن في تواطؤ خطير مع الاحتلال، مطالبا منظمات حقوق الإنسان والجامعة العربية والدول العربية والإسلامية وبرلماناتها ومنظمة التعاون الإسلامية وأحرار العالم بأن يكون لهم موقف واضح من عدم جواز استمرار عباس باغتصابه السلطة ومن عدم تمثيله للشعب الفلسطيني وفقا للقانون الوطني”.
وناشد، النائب الأول للمجلس التشريعي “مصر راعية المصالحة الفلسطينية، بأن توقف التدهور الفلسطيني الخطير بسبب سياسيات عباس التعسفية”، مطالبا “الفصائل الفلسطينية والمؤسسات الأهلية، بأن تدعو إلى اجتماع موسّع لتشكيل جبهة إنقاذ وطني للخروج برؤية استراتيجية لإنقاذ المشروع الوطني الفلسطيني”.
ويرى مراقبون أن قرار المجلس التشريعي لن يكون له أثر على أرض الواقع، وإن كان سيزيد من حالة الكباش في الساحة الفلسطينية، والتي يخشى من انتقالها من مربع السياسة إلى العنف.
واتهم أحمد أبوحلبية النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن حماس، الرئيس عباس بتجاوز ما وصفه بـ“الخطوط الحمراء” بحق أبناء الشعب، وذلك عقب انتهاء ولايته كرئيس للسلطة، بحسب القانون الذي وضعه الرئيس الراحل ياسر عرفات.
وقال القيادي في حماس في تصريحات لـ“العرب” من قطاع غزة، “إن قرار المجلس التشريعي حول نزع الشرعية الأهلية من الرئيس عباس يستند على المادة 36 في القانون الأساسي الفلسطيني”، متهما الأخير “بالتعدي بصورة مباشرة على السلطتين القضائية والتشريعية، حينما عمل على إصدار قرار من المحكمة الدستورية لحلّ المجلس وبات يجمع في يده كافة السلطات والصلاحيات”.
وأكد أبوحلبية أن حركة حماس “ستلاحق أبومازن عبر عدة جهات دولية وسترسل تقريرها الذي ناقشته في المجلس التشريعي لتوضيح البعد القانوني لعدم اعتماد ترأس عباس للسلطة الفلسطينية”. بالمقابل اعتبر القيادي في حركة فتح، عضو المجلس التشريعي، فيصل أبوشهلا، أن قرار المجلس التشريعي “يعدّ استمرارا لأخطاء حماس وكتلتها البرلمانية، داعيا الحركة إلى احترام القانون وقرارات المحكمة الدستورية الصادرة بخصوص حلّ المجلس التشريعي”.
وأكد أبوشهلا لـ”العرب” من غزة، أن القيادة الفلسطينية هي الشرعية التي يعترف بها المجتمع الدولي، محذّرا من محاولات الحركة لفصل القطاع عن الضفة الغربية والتحرّك لإفشال المشروع الوطني الفلسطيني.
وتتراشق كل من فتح وحماس بتهم المساهمة في تهيئة الأرضية لصفقة القرن الأميركية التي تقوم على تثبيت واقع انفصال الضفة عن غزة، فيما يُجمع المحللون على أن الطرفين مساهمان بذات القدر في تكريس الصفقة على أرض الواقع.
ويسود الانقسام السياسي أراضي السلطة الفلسطينية منذ منتصف يونيو 2007، عقب سيطرة حماس على غزة بقوة السلاح، في حين تدير حركة فتح التي يتزعمها الرئيس عباس الضفة الغربية. ويخشى الفلسطينيون من أن تقود الخطوات التصعيدية المتبادلة بين حماس وفتح إلى الوصول إلى نقطة اللاعودة، وأن تتطور الأمور إلى نزاع مسلح وتفجيرات متبادلة بالضفة وغزة.