عباس كامل في طرابلس وبنغازي للتوسط بين حفتر والدبيبة

القاهرة تسعى لفهم ما وراء صمت الحكومة الليبية على تمسك تركيا بالبقاء.
الجمعة 2021/06/18
جولة في ميدان الشهداء

طرابلس – بدأ رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، الخميس، زيارة غير معلنة مسبقا إلى طرابلس وبنغازي، تهدف إلى تبديد التوتر بين القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وإبلاغ السلطة الجديدة بعدة رسائل في مقدمتها عدم رضا القاهرة عن قبول الحكومة الليبية الجديدة ببقاء المرتزقة السوريين في ليبيا.

وقالت مصادر مصرية لـ”العرب” إن عباس كامل أبلغ المسؤولين الليبيين في طرابلس بأن حفتر على استعداد للتفاهم وطلَبَ ترْكَ مهمة تحديد مصيره للشعب باعتباره يرغب في المشاركة في الانتخابات القادمة.

وأوضحت أن كامل لفت انتباه المسؤولين الليبيين إلى أن استمرار بقاء قوات تركيا والمرتزقة السوريين وعدم وضع حد للميليشيات يمنحان حفتر فرصة جيدة للمزايدة على الحكومة التي تبدو راضية عن بقاء القوات التركية.

والتزمت الحكومة الجديدة الصمت إزاء تصريحات المسؤولين الأتراك الرافضة للانسحاب من ليبيا، وهو ما اعتبره مراقبون موافقة رغم التصريحات المثيرة لوزيرة الخارجية نجلاء المنقوش التي تطالب بانسحاب جميع القوات من ليبيا. وهي
تصريحات لم تعد تقابل بنفس الحماس في ظل عدم اتخاذ الحكومة موقفا من ملف المرتزقة سواء الذين أتت بهم تركيا إلى الغرب أو الذين أتت بهم روسيا للقتال إلى جانب الجيش ويرفض الاعتراف بوجودهم.

وشددت المصادر المصرية على أن كامل سيحث الدبيبة على العودة إلى مسار توحيد المؤسسة العسكرية كضامن لمنع انفلات الميليشيات، وخاصة أن تجاهله للجيش بقيادة حفتر وتركيزه على تدريب قوات في الغرب يوحيان بأنه غير معني بمسألة توحيد المؤسسة العسكرية ويمنح الإخوان والتنظيمات المسلحة الضوء الأخضر للتمادي في التصرفات السلبية، وهو ما يفتح الطريق للمزيد من المناوشات والعنف.

وتشرف مصر على ملف توحيد المؤسسة العسكرية حيث احتضنت القاهرة والغردقة طيلة سنوات عددا من اجتماعات العسكريين الليبيين لتوحيد الجيش.

Thumbnail

ورفض الدبيبة الشهر الماضي حضور استعراض عسكري بمناسبة الذكرى الثامنة لإطلاق عملية الكرامة، وهو ما اعتبره مراقبون حينئذ نأيا بالحكومة عن الصراعات باعتبار أن العملية لها عدة مناوئين، لكن حضوره تخريج دفعات من قوات بركان الغضب وجه رسالة مفادها أنه يعول على تلك القوات في بناء المؤسسة العسكرية، وهو ما يتعزز في ظل الحديث عن عدم تخصيص ميزانية للجيش بقيادة حفتر ضمن الميزانية العامة، الأمر الذي يعد -بحسب مراقبين- أحد أسباب رفض البرلمان المصادقة على الميزانية.

وبحسب المصادر المصرية فإن عباس كامل سيحاول كشف ما وراء صمت الحكومة الليبية على التصريحات التركية المتعلقة ببقاء المرتزقة والقوات التركية في ليبيا وأنهم ليسوا أجانب بما يعني أنهم باقون بموافقة الحكومة، وسيحث الدبيبة على اتخاذ خطوات جادة في هذا الصدد قبل مؤتمر برلين الثاني الذي سيناقش ملف المرتزقة، معتبرا أن صمت الحكومة على تصورات أنقرة سيقلل من مصداقيتها.

وأضافت أن كامل شدد على أن استنساخ ما حدث مع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق السابقة غير ممكن من خلال التمديد كأمر واقع فالمجتمع الدولي مصمم على إجراء الانتخابات في موعدها وعلى الدبيبة اتخاذ خطوات تصب في هذا الاتجاه.

وتوجه عباس كامل بعد لقائه بالدبيبة والمسؤولين في طرابلس إلى بنغازي حيث التقى حفتر في مقر القيادة العامة في الرجمة، وأكد كامل على أهمية تأمين الجيش الليبي للانتخابات القادمة.

وتحاول الحكومة الليبية الجديدة ربط علاقات قوية بكل الدول وخاصة الفاعلة في الملف الليبي بغض النظر عن ماضيها في دعم أحد أطراف النزاع. وكانت مصر المعروفة بدعمها للجيش بقيادة حفتر أول دولة يزورها الدبيبة عقب انتخابه من قبل ملتقى الحوار في فبراير الماضي رئيسا للحكومة، لكن ذلك لا يخفي متانة العلاقات التي تجمعه بالدول الداعمة لتيار الإسلام السياسي كقطر وتركيا.

وتسعى القاهرة لكسر الحواجز بينها وبين طرابلس من خلال تخفيف التواصل مع السلطات في الشرق كما كان الأمر سابقا والتعامل بشكل أكبر مع الحكومة الجديدة، حيث أجرى رئيس الحكومة المصري مصطفى مدبولي في أبريل الماضي زيارة رسمية لطرابلس برفقة 11 وزيرا لتعزيز التعاون بين البلدين الجارين في مختلف المجالات.

وكانت القاهرة قد لوحت بتدخل عسكري مباشر من أجل التصدي لمحاولة تركيا السيطرة على سرت عقب خسارة الجيش الليبي المعركةَ على أبواب طرابلس غربا وانسحابه في اتجاه المنطقة الوسطى والشرق.

ويعد سحب المرتزقة السوريين من ليبيا واحدا من أهم شروط القاهرة لاستئناف العلاقات مع أنقرة، ويبدو أن التعنت التركي إزاء هذا الشرط أحد أبرز عوامل تعثر المحادثات المصرية – التركية. في المقابل لا تبدي مصر أي موقف من مرتزقة فاغنر الروسيين الذين تشير تقارير إلى تمركزهم في الحقول النفطية وبعض القواعد العسكرية في الجنوب.

Thumbnail
Thumbnail
Thumbnail
1