عبء العمال الأجانب في العراق يكتسب بعدا أمنيا

بغداد - بدأ العبء المترتّب في العراق عن تزايد أعداد العمال الأجانب غير النظاميين يتجاوز النطاق الاقتصادي والاجتماعي، إلى نطاق أمني برز بشكل أوضح مع التطورات الجارية في المنطقة وما أثارته الأحداث في سوريا المجاورة من مخاوف بشأن تجديد عناصر تنظيم داعش لتحركهم داخل الأراضي العراقية.
وتخشى الجهات الأمنية العراقية من أن يجد التنظيم في بعض هؤلاء العمّال خزانا بشريا له مستغلّا ظروفهم السيئة وعدم قدرة السلطات على ضبطهم وتتبعهم نظرا لوجودهم في البلاد بشكل غير قانوني وعدم امتلاك الكثير منهم لوثائق ثبوتية صحيحة وواضحة.
وبدأت السلطات الأمنية باتخاذ إجراءات استباقية داخل أوساط هذه الشريحة الوافدة وشرعت في “دراسة جميع الملفات الشخصية الخاصة بالعاملين الأجانب في البلاد، وذلك ضمن الجهود الأمنية المكثفة لضبط أمن البلد وسط المتغيرات السياسية والأمنية في المنطقة”، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية عن مصدر حكومي.
المفارقة أن العراق لا يعدّ من الدول المزدهرة اقتصاديا ولا يعيش بحبوحة على غرار بلدان الخليج كما أنّ ظروف العيش فيه ليست جيدة، فيما ترتفع نسبة الفقر بين سكانه، وكذلك نسبة البطالة
ونقلت وكالة شفق نيوز الإخبارية عن المصدر قوله إنّ “تلك الإجراءات لن تستثني أحدا وتشمل جميع الوافدين من دون أي استثناء، وقد أسهمت في كشف عدد لا بأس به من العمال المطلوبين في بلدانهم،” مضيفا أنّ الجهود متواصلة في ذلك الملف وتشمل الجميع.
وبعد سنوات من تجاهل السلطات العراقية لتنامي ظاهرة توافد الآلاف من الأجانب للعمل في العراق بشكل مخالف للقوانين، وما يترتّب عن ذلك من ضغط إضافي على سوق الشغل بالبلد المتخم أصلا بأعداد كبيرة من العاطلين، وما يفتحه من بوابة أخرى لاستنزاف رصيد الدولة من العملة الصعبة، فضلا عن الظواهر السلبية الاجتماعية والأمنية المرافقة للظاهرة، اعترفت الحكومة العراقية الحالية أخيرا بوجود مشكلة حقيقية تتعلق بهذا الملف.
وقال وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي في وقت سابق إن عشرات الآلاف من العمال الأجانب غير النظاميين يعملون بشكل غير قانوني في البلاد مشيرا إلى أن هؤلاء لا يمتلكون إجازات عمل ولا هم مسجلون في الضمان الاجتماعي، موجها تحذيرا شديدا إلى دوائر العمل كافة، ومحملا إياها المسؤولية في حال حدوث أي تقاعس أو تهاون في معالجة هذه القضية.
وكثيرا ما يستغل عدد من مواطني البلدان الآسيوية الفقيرة سهولة دخول العراق بذريعة زيارة الأماكن الشيعية المقدسة وخصوصا في المناسبات الدينية الكبرى التي تشهد تدفق الآلاف دفعة واحدة، لدخول البلد والتسرب من ثم إلى عدد من المحافظات والانخراط في أعمال بسيطة بأجور متدنية ودون أي ضمانات اجتماعية.
4
مليارات دولار تدفع سنويا للعمال الأجانب بالعملة الصعبة ويتم تسريبها إلى الخارج
وعبّر الأسدي عن قلق السلطات وقال في بيان صحفي إن العراق يشهد توافد سياح من مختلف البلدان “إلاّ أن العديد منهم بدأوا بالانخراط في سوق العمل دون التصاريح القانونية المطلوبة.”
ويحمل التزايد المسجّل في تدفق الأجانب على سوق العمل العراقية مفارقة، تتمثّل في أنّ العراق لا يعدّ من الدول المزدهرة اقتصاديا ولا يعيش بحبوحة على غرار بلدان الخليج كما أنّ ظروف العيش فيه ليست جيدة، فيما ترتفع نسبة الفقر بين سكانه، وكذلك نسبة البطالة في صفوف شبانه المقبلين على العمل.
وتظهر أرقام رسمية وجود أكثر من مليون عامل أجنبي في العراق سبعة في المئة منهم فقط حصلوا على تصاريح عمل من سلطاته، بينما تُظهر إحصائيات دولية وجود أكثر من ستة ملايين عراقي عاطلين عن العمل.
ومع تدفق العمالة الأجنبية ترتفع الفاتورة المالية المترتّبة على ذلك. وتقول لجنة العمل في البرلمان العراقي إن أكثر من أربعة مليارات دولار تدفع سنويا للعمال الأجانب بالعملة الصعبة ويتم تسريبها إلى الخارج.
كما أن عدم وجود معلومات رسمية موثّقة لدى السلطات بشأن هوية العمال الأجانب وأماكن تواجدهم تجعل منهم تهديدا أمنيا للبلد الذي لم يتجاوز بعد بالكامل خطر التنظيمات الإرهابية مثل تنظيم داعش والتي كثيرا ما تعمل على تجنيد أتباع لها ومقاتلين في صفوفها داخل الأوساط الأكثر هشاشة.