عالم المؤثرين الصغار.. الأطفال حزمة نقود

العلامات التجارية تستخدم أطفالا حقيقيين كمؤثرين على مواقع التواصل وهو ما يعني أموالا ضخمة تضخ لأسر المؤثرين الصغار.
الخميس 2019/03/07
النجم الصغير رايان كسب 22 مليون دولار أميركي في عام

لسنوات استهدفت العلامات التجارية الشخصيات المؤثرة التي تحظى بمتابعين كُثر على مواقع التواصل الاجتماعي، سواء كانوا مشهورين أم لا، أملا في أن تدفع شعبيتهم بالمُعجبين لشراء المنتجات التي يروّجون لها. ثم بدأ الأطفال المؤثرون (Kidfluencers) بالظهور على صفحات آبائهم، ويبدو الأمر وكأنه “تطور” للظاهرة.

واشنطن - صُمم تطبيق إنستغرام المملوك لشركة فيسبوك، وموقع يوتيوب المملوك لشركة غوغل، للراشدين بشكل أساسي بسبب قانون الخصوصية الفيدرالي الذي يحمي الأطفال تحت عمر 13 عاما.

تَذْكُر المعلومات الشخصية لكثير من المؤثرين الصغار على موقع إنستغرام أن الحسابات “تدار بواسطة الأهل”، أما قنوات يوتيوب فهي مسجلة باسم أوليائهم.

لكن تحقيقا لصحيفة نيورك تايمز الأميركية ينقل عن جوش غولين، المدير التنفيذي لحملة طفولة خالية من الإعلانات التجارية (the Campaign for a Commercial-Fre Childhood) الذي يقول إن الشركات ليس لديها أي نية لإبعاد الأطفال عن مواقعهم.

وأضاف غولين “في الحقيقة إن العلامات التجارية تستخدم أطفالا حقيقيين كمؤثرين، وهي إشارة واضحة للغاية إلى أن المشرفين يستهدفون الأطفال الذين يعلمون بتواجدهم على هذه المنصات”.

هذا يمكن أن يعني أموالا ضخمة لأسر المؤثرين الصغار. قال كايلر فيشر، الأب لتوأمتين متماثلتين في الثانية من عمرهما ولديهما أكثر من مليوني متابع على موقع إنستغرام، يمكن أن يجلب المنشور الترويجي المدفوع على حساب الصغيرتين ما بين 10 آلاف و20 ألف دولار أميركي.

روّجت التوأمتان تايتم وأوكلي عبر إنستغرام لمقاعد سيارات وخطوط رحلات بحرية. وهما أيضا محور نجاح قناة والديهما على موقع يوتيوب التي تحمل اسم “مايد وكيلر” (Kyler & Mad) والتي تحظى بحوالي ثلاثة ملايين مشترك.

وقال فيشر “لم يكن بإمكاننا الوصول إلى هذا الحد الذي بلغناه إذا لم تكن لدينا الصغيرتان”.

وشارك والد آخر الأسعار التي يُطالب بها أهالي الأطفال، بشرط بقاء هويته سرية معللا ذلك بالقلق من تأثير كشف المعلومات الضار على المفاوضات مع العلامات التجارية.

وقال الوالد إن العلامات التجارية قد تدفع من 10 آلاف إلى 15 ألف دولار أميركي مقابل منشور دعائي على موقع إنستغرام، بينما فيديو إعلاني مدفوع على يوتيوب قد يدر 45 ألف دولار أميركي.

أما الإشارة إلى منتج أو شركة لمدة 30 إلى 90 ثانية في فيديو أطول يمكن أن تكلف المُعلن ما بين 15 ألفا إلى 25 ألف دولار.

منصة انستغرام تمنع المستخدمين في عمر 12 عاما أو أقل، لكن أهاليهم يمكنهم إنشاء حسابات لهم
منصة انستغرام تمنع المستخدمين في عمر 12 عاما أو أقل، لكن أهاليهم يمكنهم إنشاء حسابات لهم

وتستهدف العلامات التجارية الأطفال ذوي المتابعين الأصغر. وأرسلت شركة ألعاب أميركية بريدا إلكترونيا الصيف الماضي إلى الأهالي تعلمهم بتنظيم حملة لمدة ستة أسابيع لشخصية مؤثرة.

وعرضت دفع مبلغ نقدي وتقديم ألعاب مجانية في مقابل منشورات أسبوعية على إنستغرام لأحد أطفالهم وهو “يلعب مستمتعا بالألعاب”! قالت الشركة إنها ستدفع 10 دولارات لكل ألف متابع مقابل المنشور الواحد على موقع إنستغرام وما قيمته 5 دولارات لكل ألف متابع مقابل كل قصة من قصص إنستغرام.

أثار ظهور هذا النوع من الإعلان أسئلة حول الأجور المنصفة والرقابة وتصاريح العمل، خاصة بسبب اختلاف قوانين عمالة الأطفال.

قالت أندريا فافيل، المتحدثة باسم موقع يوتيوب، إن الموقع لا يسمح لأي شخص تحت عمر 13 عاما بإنشاء أو امتلاك قناة.

وفُتحت النيران على موقع يوتيوب الشهر الماضي، بعد اكتشاف تعليقات بذيئة من مُشتهين للأطفال جنسيا على فيديوهات بريئة للأطفال، قالت الشركة نتيجة لذلك إنها “ستعطل التعليقات على أغلب فيديوهات القصر”.

وليس معروفا بعد إذا ما كان منع التعليقات سيضر بنوع التواصل الذي يحاول المؤثرون الصغار إقامته مع المعجبين.

وقالت سرافانثي ديف، المتحدثة باسم إنستغرام، “بينما تمنع المنصة المستخدمين في عمر 12 عاما أو أقل. فإن أهاليهم أو ممثليهم يمكنهم إنشاء حسابات لهم طالما يُذكر بوضوح في المعلومات الشخصية للحساب أن الحساب يُدار بواسطة الأهل أو ممثل عن الطفل”.

وتبعا لما ذكرته مجلة فوربس الأميركية، يوجد على موقع يوتيوب، الوجه الأكبر للمؤثرين الصغار، حسابات للألعاب مثل رايان تويز ريفيو (Ryan Toys Review) التي كسب نجمها الصغير 22 مليون دولار أميركي في عام.

وتريد العلامات التجارية أن تعمل مع الأطفال للأسباب نفسها التي يريدون من أجلها العمل مع شخصيات مواقع التواصل الاجتماعي الأكبر؛ عدد المتابعين، والقدرة على النشر بأسرع وقت مما تنجزه شركات الإعلانات التقليدية، وكيفية إشعار المعجبين بأن المنشورات ترشيحات من صديق.

لكن المدافعين يقولون عن الأطفال إن هذه التقنيات يمكن أن تضلل الأطفال في مراحلهم الأولى لفهم وتمييز الإعلانات التجارية.

وتنص قواعد تلفزيون الأطفال الذي تراقبه هيئة الاتصالات الفيدرالية، على فصل الإعلانات عن المحتوى والحد من استخدام مُضيفي البرامج والشخصيات للمنتجات بغرض الدعاية والترويج. لكن شبكة الإنترنت لا تخضع لذلك.

يمتلك يوتيوب قواعده الإرشادية الخاصة لإعلانات الأطفال، لكنها غالبا ما يكون ضبطها صعبا. على سبيل المثال، ينبغي ألا يحتوي تطبيق يوتيوب كيدز على محتوى إعلاني بمقابل مدفوع، لأن التطبيق مصمم للأطفال بعمر 12 عاما وأصغر.

لكن صحيفة نيويورك تايمز وجدت عليه العديد من الفيديوهات الإعلانية المدفوعة لمؤثرين لصالح شركات أميركية.

قالت كاثرين مونتغومري، الأستاذة بكلية الإعلام والتواصل بالجامعة الأميركية سابقا، “هذا تلاعب شديد بالأطفال الصغار، هناك طمس متعمد للخطوط بواسطة هذا النوع من الإعلان والدعاية”.

لا يعتبر القانون نجوم مواقع التواصل الاجتماعي ممثلين. في ولاية كاليفورنيا الأميركية يُقتطع جزء من أرباح الممثلين الأطفال ويوضع في وديعة تحت وصاية، استنادا لقانون قديم من عقود يسمى قانون كوغان، وقد سمي على اسم ممثل طفل أنفق والداه كل أمواله قبل أن يبلغ 21 عاما من عمره.

ويفرض قانون ولايات نيويورك ولويزيانا ونيومكسيكو ودائع مماثلة. لكنه غالبا ما يكون قرارا تطوعيا من أهالي المؤثرين الصغار الذين ينشئون هذه الحسابات.

قالت العديد من العائلات إنهم أسسوا الحسابات بعد عملهم في التلفزيون التقليدي أو في إعلانات محلية.

19