عائلات من غزة تخشى إطالة أمد إعمار منازلها المدمرة

المشاريع المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة تتضمن 3 مدن سكنية وتأهيل وتطوير طرق أهمها كورنيش في منطقة شمال القطاع.
الخميس 2023/07/20
فجوة تمويلية تعرقل إعادة الإعمار

غزة - تجلس الشابة حنين من ذوي الاحتياجات الخاصة على أنقاض منزلها المدمر منذ نحو شهرين جراء غارة إسرائيلية، مستذكرة غرفتها الخاصة التي كانت تنام فيها لكنها الآن أصبحت عبارة عن كومة من الحجارة.

فالمنزل الذي كان يؤويها هي وكرسيها المتحرك الذي كان يساعدها على الحركة في بلدة بيت لاهيا شمال القطاع تحول إلى حطام بعد قصفه من قبل الطيران الحربي الإسرائيلي في مايو الماضي ما جعلها وعائلتها دون مأوى.

وفي التاسع من مايو الماضي نشب خلاف عسكري دموي بين حركة الجهاد الإسلامي والجيش الإسرائيلي استمر 5 أيام بعد غارات جوية إسرائيلية مفاجئة على القطاع قتلت 3 من كبار القادة العسكريين للحركة.

ونتيجة لذلك تبادلت غرفة العمليات المشتركة التي تضم عددا من الأجنحة العسكرية المسلحة للفصائل الفلسطينية بما فيها حركتا الجهاد الإسلامي وحماس القصف مع الجيش الإسرائيلي، ما أسفر عن مقتل 33 فلسطينياً وإسرائيلي واحد، وفق إحصائيات رسمية.

ودمر الجيش الإسرائيلي خلال ذلك 120 وحدة سكنية بالكامل و120 وحدة أخرى بشكل جزئي فصارت غير صالحة للسكن، مما أدى إلى نزوح أكثر من 1000 شخص من السكان، بحسب وزارة الأشغال والإسكان التي تديرها حماس في غزة.

قرابة 2000 وحدة سكنية مهدمة كليا لم تتم إعادة إعمارها، إضافة إلى تضرر أكثر من 90 ألف وحدة لم يتلقّ أصحابها المبالغ اللازمة لجبْر الأضرار

وفي المقابل، قال الجيش الإسرائيلي في بيانات منفصلة إن قواته هاجمت مواقع عسكرية ومنصات صواريخ تحت الأرض ومنازل قادة من حركة الجهاد الإسلامي في القطاع طيلة أيام التوتر الخمسة.

وتقول حنين بينما تتلعثم في الحديث إن كرسيها المتحرك وعلاجها فقدتهما تحت الأنقاض نتيجة قصف المنزل “وحلمي الوحيد في الدنيا العيش مرة أخرى في غرفتي داخل بيت العائلة”.

وتضيف حنين التي تعاني عائلتها من الفقر ولها 6 أشقاء من ذوي الاحتياجات الخاصة “أطالب كافة الجهات العربية والمانحة النظر لنا بعين الشفقة وإعادة بناء المنزل من جديد لستر أفراد العائلة”.

و بينما يلتف حولها عدد من أفراد العائلة تخشى حنين الانتظار لأشهر طويلة قبل إعادة إعمار منزلهم المدمر بسبب نقص التمويل اللازم لعملية الإعمار، وأن يصبح مصيرهم كمصير عائلات أخرى تنتظر إعمار منازلها منذ عدة أعوام.

وبدا الحال مشابها للشاب أحمد طه (38 عاما) الذي فقد منزله خلال الخلاف الأخير وأصبح يعيش برفقة زوجته وخمسة من أبنائه في خيمة أقيمت بجانب ركام المنزل.

ويقول طه الذي فقد ممتلكاته تحت أنقاض المنزل لـ”شينخوا” إن المنزل المكون من طابقين “بنيناه بشق الأنفس وأصبحنا لا نملك سوى خيمة وركام”.

وأعرب طه عن تخوفه من طول مدة انتظاره لإعادة إعمار منزله كونه لم يتواصل معه أحد بشأن ذلك، ومازالت عائلات ممن فقدوا بيوتهم في توترات سابقة تنتظر بفارغ الصبر إعادة الإعمار مثله.

الجيش الإسرائيلي دمر في مايو الماضي 120 وحدة سكنية بالكامل و120 وحدة أخرى بشكل جزئي فصارت غير صالحة للسكن

وفي هذا الصدد أعلن جواد الأغا وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة عن وجود المئات من الحالات المتضررة التي لم تتم إعادة إعمار منازلها وكانت قد تضررت قبل عام 2014 وما تلاه من توترات عسكرية مع إسرائيل.

وقال الأغا خلال مؤتمر صحفي إن الاعتداءات الإسرائيلية على القطاع عملت على توسيع الفجوة التمويلية لإكمال إعمار الوحدات السكنية المدمرة كليا وجزئيا بمبلغ إجمالي يزيد عن 205 ملايين دولار.

وأفاد الأغا بوجود تراجع واضح في التمويل المخصص للإعمار خلال الأعوام الماضية، لافتا إلى عدم وجود أفق لتنفيذ برامج الإعمار وأن الجمود هو سيد الموقف مما ينذر باستمرار تردي الأوضاع المعيشية للمتضررين.

وأشار إلى وجود قرابة 2000 وحدة سكنية مهدمة كليا لم تتم إعادة إعمارها بعد بمبلغ إجمالي قدره 99 مليون دولار، بالإضافة إلى أكثر من 90 ألف وحدة سكنية متضررة جزئيا لم يتلق أصحابها المبالغ اللازمة لجبر تلك الأضرار والتي تقدر بـ106 ملايين دولار.

وتفرض إسرائيل حصارا مشددا على القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني نسمة منذ سيطرة حركة حماس عليه في منتصف العام 2007، فيما شنت 4 عمليات عسكرية واسعة النطاق تسببت في تدمير مئات المنازل السكنية ودمار هائل في البنى التحتية.

وبموازاة ذلك يجري تنفيذ المشاريع المصرية لإعادة إعمار قطاع غزة، وتتضمن 3 مدن سكنية تحمل اسم (دار مصر 1 و2 و3) وتأهيل وتطوير طرق أهمها كورنيش في منطقة شمال القطاع.

وتحتوي المدن المصرية الثلاث على 68 عمارة سكنية كل واحدة منها تتكون من 5 طوابق يضم كل طابق 4 شقق، والطراز المعماري الذي تم استخدامه في عملية البناء كان من تصميم المهندسين والمكاتب الاستشارية المصرية، وفقا لمسؤولين في القطاع.

Thumbnail

وقال محمد العسكري، منسق مشاريع المنحة المصرية في وزارة الأشغال، للصحافيين في غزة إن المدن المصرية عبارة عن مئات الوحدات السكنية، ما يساهم في التخفيف من معاناة السكان في القطاع.

واعتبر العسكري أن المدن المصرية من شأنها “فكفكة أزمة السكن في القطاع بشكل كبير، كما أن عملية البناء التي مازالت مستمرة ساهمت في تشغيل عدد كبير من العمال العاطلين عن العمل في القطاع”.

أما مشاريع الطرق فتشمل إقامة كورنيش يحمل اسم “كورنيش مصر” بطول 4.5 كم وعرض 40 مترا على شاطئ بحر شمال غزة، حيث أسهم في إحياء المنطقة التي كانت شبه خالية من السكان.

ويقول سهيل السقا، مسؤول إحدى الشركات المحلية المشاركة في إعادة الإعمار، إن المنطقة كانت شبه خالية من السكان والحركة، والأراضي فيها شبه صحراوية لكن الكورنيش جعل المنطقة مزدحمة بالناس والزوار الذين يأتون لمشاهدة هذا الإنجاز العظيم”.

وفي 21 مايو 2021 كانت مصر توسطت في اتفاق لوقف إطلاق النار أنهى جولة توتر بين إسرائيل وحماس قتل فيها أكثر من 250 فلسطينيا و13 شخصا في إسرائيل، ودمرت آلاف المنازل والبنية التحتية جزئيا أو كليا.

وآنذاك أرسلت مصر معدات هندسية ضخمة وطواقم إلى القطاع لتسريع جهود إعادة الإعمار واستخدمت المعدات التي تضم عددا كبيرا من الشاحنات والجرافات والرافعات في إزالة الأنقاض من المباني التي دمرت خلال تلك الجولة من التوتر والتي استمرت 11 يوما.

وجاءت المساعدات بعد تعهد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالمساهمة بمبلغ 500 مليون دولار للمساعدة في إعادة إعمار غزة بمشاركة الشركات المصرية.

2