ظهور كي8 في الحرب السودانية يثير التكهنات بشأن الدعم المصري

القاهرة- كشف ظهور طائرات كي8 في سماء المعركة بالسودان عن أن القوات الجوية السودانية تواجه مشكلة توفير صيانة لطائراتها المقاتلة، ما استدعى تحويل طائرة تدريب إلى طائرة هجوم أرضي، وهو ما فتح باب التكهنات بشأن الدعم المصري.
ونفى الجيش السوداني الأربعاء حصوله على الطائرات من مصر، مؤكدا امتلاكه أسرابا من هذا الطراز منذ أكثر من 20 عاما، وأنه حصل عليها من الصين. كما أنه من غير الوارد مصريا الدخول في متاهة الحرب إلى جانب أي طرف.
وكانت القوة الجوية السودانية قد شاركت مبكرا في الحرب بقصف أهداف داخل العاصمة الخرطوم تسببت في خسائر مدنية جسيمة، وهو ما اضطر الجيش إلى تحاشي استخدام هذه الطائرات.
وقال الجيش السوداني في بيانه “لا حاجة إلى الاستعانة بأي دولة صديقة للحصول على المزيد من هذه الطائرات، وهي مخصصة أصلاً لتدريب الطيارين”.
وأضاف أنه “وردت في بعض المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي معلومات مضللة عن حصول القوات المسلحة السودانية على طائرات من طراز كي8 من جمهورية مصر العربية”.
وكانت وسائل إعلام سودانية ذكرت أن الجيش السوداني تسلم 8 طائرات مقاتلة من نوع كي8 الصينية، مشيرة إلى أن تلك الطائرات وصلت إلى بورتسودان في 14 أغسطس.
واتهمت قوات الدعم السريع الثلاثاء الجيش بتنفيذ سلسلة غارات جوية على الفاشر بشمال دارفور ومدينة الضعين بشرق دارفور ومدينة الحصاحيصا وسط البلاد، ومدينة أم درمان، “ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات وسط المدنيين”.
ووصفت وسائل إعلام سودانية الغارات بأنها “الأعنف” خلال الفترة الماضية، بينما قالت قوات الدعم السريع إن القصف طال مستشفى الضعين، وهو ما أدى إلى مقتل عدد من المرضى ومرافقيهم.
ويستبعد خبراء عسكريون أن تنخرط مصر في دعم الجيش السوداني لما لذلك من مخاطر على أمنها القومي وعلى مصداقيتها كوسيط ودولة جارة.
ويرجح هؤلاء أن يكون المصريون قد ساعدوا السودانيين على تحويل طائراتهم وليس تزويدهم بالطائرات نفسها كما تم الترويج له.
وقال الخبير الإستراتيجي والمحاضر في أكاديمية ناصر العسكرية التابعة للجيش المصري اللواء سمير فرج إن القاهرة لا يمكن أن تتدخل في أي صراع مرتبط بدول صديقة، ولا يتجاوز دورها حدود الوساطة للتوصل إلى تسوية سياسية، لافتا إلى أن إثارة أنباء حول مساعدة مصر للجيش السوداني الآن تهدف إلى تنحية مصر عن الأزمة للقيام بدور كبير بعد موافقة الحكومة السودانية على قبول الحوار مع المبعوث الأميركي للسودان توم بيرييلو في القاهرة.
وقال فرج في تصريح خاص لـ”العرب” إن خروج تلك الأنباء مع الحديث عن استضافة مصر وفدا سودانيا لمناقشة الأزمة هو محاولة لنسف ما يمكن أن يخرج عن هذا الاجتماع من توصيات ورؤى.
وأوضح فرج أن مصر تتمسك بوحدة الجيش السوداني، وترفض التدخل من أي جهة خارجية خوفا من حدوث المزيد من الانقسام والتقسيم، ولن تكون القاهرة في صف أحد إلا من يختاره الشعب السوداني.
لكن عبدالفتاح البرهان قائد الجيش السوداني يحاول الإيحاء بأن علاقته بمصر تتعدى انفتاحها عليه كطرف في الحرب، وأنه يبحث من خلال هذه العلاقة عن مشروعية سياسية لمنصبه كقائد لمجلس السيادة خاصة بعد زيارته إلى القاهرة ولقائه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وفي يوليو الماضي استضافت مصر مؤتمرا لحل الأزمة في السودان واستدعت أكثر من 50 قياديا من قياديي القوى السياسية والمدنية والمجتمعية وشخصيات قومية ورجال دين وإدارات أهلية.
وراعى المؤتمر التوازنات بين الجيش وقوات الدعم السريع، حيث شملت الدعوة المصرية القوى المنضوية تحت تحالف قوى الميثاق الوطني المساندة للأول، وتنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم) المتّهمة من جانب خصومها بمساندة قوات الدعم السريع وهو ما تنفيه دائما، فضلا عن قوى وشخصيات تتراوح مواقفها بين الطرفين، ومجموعة مستقلة.
ولفت الخبير العسكري المصري اللواء حمدي بخيت إلى أن القدرة العسكرية المصرية مستهدفة بشكل مستمر من جانب أطراف تسعى لخدمة أهداف ومصالح دول أخرى في المنطقة، وبالتالي لا تتوقف محاولات توريط الجيش المصري في صراعات رفض من البداية الانخراط فيها في وقت تبذل فيه القاهرة جهودا دبلوماسية لرأب الصدع ووقف القتال في السودان.
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “مصر موقفها من السودان واضح منذ البداية فهي تؤيد الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية منعا لمساعي التقسيم، وتدرك أن الفناء الخلفي الجنوبي لمصر معرض للتفتيت ما يجعل أي تقدم في موقفها تجاه الأطراف المختلفة -تحديدا بعد أن طورت علاقاتها مع القوى المدنية في السودان- يواجه بحالة رفض من جهات معادية تستهدف تقويض أي تحرك لمصر”.
ويشهد السودان منذ الخامس عشر من أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبدالفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أدت إلى أزمة إنسانية كبرى.
وأسفرت الحرب عن عشرات الآلاف من القتلى، لكن لم تتّضخ بعد الحصيلة الفعلية للنزاع، في حين تفيد تقديرات بأنها تصل إلى 150 ألفا، وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو.
ونزح نحو عشرة ملايين شخص داخل البلاد وخارجها منذ اندلاع المعارك، بحسب إحصاءات الأمم المتحدة. ودمرت المعارك إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد التي بات سكانها مهددين بالمجاعة.
وتتوقع الأمم المتحدة أن يصل عدد من هاجروا البلاد في نهاية العام الجاري إلى 3.3 مليون شخص.