ظروف وفاة الناشط نزار بنات تحرج الرئيس محمود عباس

احتجاجات في الضفة الغربية.. ومطالبات دولية بتحقيق جدي.
الجمعة 2021/06/25
وفاة بنات تفجر غضب الشارع الفلسطيني

شكّلت وفاة الناشط السياسي نزار بنات بعد اعتقاله من قبل أجهزة الأمن إحراجا كبيرا للسلطة الفلسطينية أمام الرأي العام الداخلي والدولي، وسط مطالبات شعبية برحيل الرئيس محمود عباس ودعوات دولية إلى تحقيق شفاف في أسباب الوفاة.

رام الله - خلّفت وفاة الناشط السياسي نزار بنات بعيد اعتقاله من قبل عناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية صدمة في الشارع الفلسطيني، وسط دعوات أممية تطالب بفتح تحقيق جدي لكشف ملابسات الوفاة.

وسطع نجم بنات (43 عاما) في الأشهر الأخيرة بعد توجيهه سلسلة انتقادات حادة للسلطة الفلسطينية التي يتهمها بالفساد، وآخر تلك الانتقادات كانت عبر فيديو انتشر له على مواقع التواصل الاجتماعي هاجم فيها “صفقة” كان جرى عقدها مع إسرائيل بشأن تبادل شحنات من لقاحات كورونا، قبل أن تعلن الحكومة التراجع عنها وفتح تحقيق في الغرض.

ويعتقد أن ذلك الفيديو الذي وصف فيه بنات مسؤولي السلطة بـ”المرتزقة” خلف عملية اعتقاله ليل الخميس والتي انتهت بوفاته. وذكر أقارب نزار بنات أنه تعرض لضرب مبرح أثناء اعتقاله من منزل عمه في الخليل بالضفة الغربية.

وقال حسين بنات (21 عاما)، وهو ابن عم المتوفي ويقيم في نفس البيت، إن “قوة كبيرة من أجهزة الأمن الفلسطينية اقتحمت المنزل الذي كان يتواجد فيه نزار بعد خلع الأبواب وبدأوا في الاعتداء عليه مباشرة”.

وأضاف “فتحوا الباب بالقوة. أول ما دخلوا كان نزار نايم. صحينا على صوت ضرب نزار.. كانوا طايحين ضرب على رأسه بالعتلات الحديدية، وليس العصي الخشبية، اللي كسروا فيها الشبابيك. وانهالوا عليه في الضرب لمدة ثماني دقائق متواصلة”.

وتابع موجّها كلامه إلى عناصر الأمن “إذا كنتم جايين تعتقلوه.. خدوه وخلاص بدون ضرب. ليش الوحشية.. ليش العنف؟”.

وصرّح فرد آخر من العائلة حضر الاعتقال أن نزار بنات “خرج معهم وهو حي، وكان يصرخ جراء تعرضه للضرب”.

وكان محافظ الخليل جبرين البكري قال في بيان “على إثر صدور مذكرة إحضار من النيابة العامة لاعتقال المواطن نزار خليل بنات، قامت فجر الخميس قوة من الأجهزة الأمنية باعتقاله”. وأضاف “خلال ذلك تدهورت حالته الصحية وفورا تم تحويله إلى مستشفى الخليل الحكومي وتمت معاينته من أطباء، فتبيّن أنه متوف”.

Thumbnail

وخلّفت وفاة نزار بنات غضبا في الشارع الفلسطيني حيث خرج المئات من المواطنين في تظاهرة شارك فيها سياسيون وحقوقيون مطالبين بفتح تحقيق جدي، داعين إلى إسقاط السلطة القائمة.

ورفع المحتجون الذين حاولوا الوصول إلى “المقاطعة”، مقر القيادة الفلسطينية قبل أن تلقي قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع باتجاههم، لافتات كتب على إحداها “لا للرواية البوليسية”، وردّدوا الهتافات المنددة بالسلطة الفلسطينية. وأصيب أحد المحتجين بقنبلة غاز في وجهه نقل على إثرها إلى المستشفى.

ورأى محللون وسياسيون أن وفات بنات من شأنها أن تؤجج حالة الغضب المستشرية ضد السلطة الفلسطينية. وعلّق الكاتب والمحلل السياسي جهاد حرب الذي شارك في التظاهرة الاحتجاجية، أن “الأمور باعتقادي ستتدهور أكثر لأن المجتمع الفلسطيني لم يعد يتحمل كثيرا إخفاقات السلطة”. ورأى أن “استخدام العنف ضد المتظاهرين سيؤجج الأمور أكثر”.

وأثارت وفاة نزار بنات ردود فعل دولية مستنكرة، وكتب مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند أنه منزعج وحزين لوفاة بنات ودعا إلى تحقيق شفاف. وقدّم وينسلاند تعازيه إلى عائلة بنات وقال إنه يجب تقديم الجناة للعدالة.

سلام فياض: المطلوب تغيير النهج ودون ذلك ستتكرر المأساة

وأعرب وفد الاتحاد الأوروبي للأراضي الفلسطينية عن صدمته وحزنه لوفاة بنات. وأضاف “يجب إجراء تحقيق كامل ومستقل وشفاف فورا”. ووصفت لين هاستينجز منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية النبأ بأنه “مزعج” وطالبت أيضا بتقديم المسؤولين عنه للعدالة.

وتشكل وفاة بنات إحراجا كبيرا للسلطة الفلسطينية أمام المجتمع الدولي. وفي محاولة لاحتواء الغضب المتصاعد، أعلن المفوض السياسي العام المتحدث باسم الأجهزة الأمنية الفلسطينية اللواء طلال دويكات أن رئيس الوزراء محمد اشتية، أمر بتشكيل لجنة تحقيق فورية ومحايدة بخصوص الوفاة.

وسبق أن تعرض بنات لعمليات هرسلة، حيث تعرض منزله قبل أشهر قليلة للتهشيم وإطلاق نار من مسلحين يعتقد أنهم عناصر تابعة لأجهزة الأمن على خلفية تصريحات نارية للناشط لوح من خلالها باللجوء إلى القضاء الأوروبي لوقف دعم الدول الأوروبية للسلطة الفلسطينية.

وجاء حينها موقف بنات على خلفية إقدام الرئيس محمود عباس على تأجيل الانتخابات العامة إلى أجل غير مسمى. وكان الناشط مرشحا حينها على قائمة “الحرية والكرامة” المستقلة.

ويرى سياسيون فلسطينيون أن ما حصل لبنات يعكس عمق الأزمة التي تتخبط فيها السلطة، وعن بلوغها أفقا مسدودا، ليس فقط على صعيد تحسين الوضع الداخلي الفلسطيني بل بالنسبة إلى القضية ككل.

وقال رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض في منشور على صفحته على فيسبوك، إن “نزار بنات قضى شهيدا دون رأيه وحق الناس في ممارسة هذا الحق”.

وأضاف “سيقال في ما يقال سنحاسب الفاعلين”. وتابع فياض “كفى استهتارا بحياة الناس واستخفافا بعقولهم والمطلوب تغيير النهج ودون ذلك ستتكرر المأساة على أيدي فاعلين جدد”.

2