ظروف غير إنسانية يواجهها الآلاف من المعتقلين لدى الجماعات المسلحة الليبية

نيويورك - كشف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن وجود أكثر من 12 ألف معتقل رسميا بـ27 سجنا ومنشأة احتجاز في ليبيا، بينما يحتجز الآلاف أيضا بشكل غير قانوني في "ظروف غير إنسانية" داخل منشآت تسيطر عليها جماعات مسلحة، أو داخل منشآت "سرية"، داعيا إلى ضرورة انسحاب المرتزقة والقوات الأجنبية والتعجيل بإجراء الانتخابات الليبية.
وأشار غوتيريش في التقرير الذي قدمه لمجلس الأمن ونشرته وكالة "أسوشيتد برس"، إلى أنّ البعثة السياسية للأمم المتحدة في ليبيا تواصل توثيق حالات الاعتقال التعسفي والتعذيب والعنف الجنسي، وغيرها من الانتهاكات للقانون الدولي في المنشآت التي تديرها الحكومة وجماعات أخرى.
وذكر أن الآلاف من المعتقلين الذين لا يظهرون في الإحصاءات الرسمية التي قدمتها السلطات الليبية، والتي تظهر أكثر من 12 ألف معتقل، غير قادرين على الطعن في الأسس القانونية لاعتقالهم، بسبب استمرار احتجازهم.
وأعرب غوتيريش عن قلقه لأوضاع اللاجئين والمهاجرين من الإناث والذكور، بسبب مخاطر تتمثل في تعرضهم للاغتصاب والتحرش الجنسي والاتجار بالبشر.
وجاء في التقرير على لسان غوتيريش "لا يزال المهاجرون واللاجئون من الإناث والذكور يواجهون مخاطر متزايدة تتمثل في التعرض للاغتصاب، والتحرش الجنسي، والاتجار بالبشر على يد جماعات مسلحة، بالإضافة إلى مسؤولين في جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية الليبي، والذي يخضع لإشراف وزارة الداخلية".
وأكد الأمين العام أن بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا وثقت حالات في سجن معيتيقة والعديد من مراكز الاحتجاز التي يديرها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية في الزاوية، وداخل العاصمة طرابلس وما حولها.
وأضاف "البعثة تلقت معلومات موثوقة عن الاتجار بالبشر والاعتداء الجنسي على نحو 30 امرأة وطفل نيجيري".
وغرقت ليبيا، الدولة الغنية بالنفط، في حالة من الفوضى عقب الإطاحة بالزعيم الراحل معمر القذافي عام 2011، وبرزت كنقطة عبور رئيسية للمهاجرين الفارين من الحرب والفقر في أفريقيا والشرق الأوسط، إلى أوروبا.
واستغل مهربون هذه الفوضى، حيث يقومون بعمليات تهريب للمهاجرين في قوارب مطاطية أو خشبية مهترئة تشق طريقها عبر البحر المتوسط نحو أوروبا، في رحلات محفوفة بالمخاطر.
وفي نفس التقرير الذي قدمه لمجلس الأمن، دعا غوتيريش الأطراف الليبية إلى "العمل معا" لإجراء "انتخابات جامعة وذات مصداقية في أقرب وقت ممكن"، مؤكدا ضرورة "الانسحاب الكامل" للمرتزقة والقوات الأجنبية.
وكتب أنطونيو غوتيريش في التقرير الذي لم يتم نشره بعدُ، "يجب الإثناء على 2.8 مليون ليبي سجلوا أسماءهم للتصويت ويجب احترام رغباتهم".
وتابع المسؤول الأممي "من الضروري أن يلتزم جميع أصحاب المصلحة الليبيين بشكل لا لبس فيه، وأن يواصلوا التركيز على إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة وجامعة وذات مصداقية في أقرب وقت ممكن".
وتم تأجيل الانتخابات الرئاسية والتشريعية إلى أجل غير مسمى على خلفية الخلافات بين مؤسسات رسمية، حيث كان عنوان هذه الخلافات المعلن هو "قانون الانتخابات، ودور القضاء في الاستحقاق".
وشدد غوتيريش على أن "السلطات والمؤسسات الليبية المختصة يجب أن تعمل معا الآن لحل المشكلات الأساسية التي أدت إلى إرجاء الانتخابات... وتهيئة الظروف السياسية والأمنية اللازمة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية دون المزيد من التأخير".
وتابع الأمين العام للأمم المتحدة "أدعوهم إلى العمل معا، وفق القوانين السارية والقواعد والإجراءات المعمول بها في مؤسساتهم"، من أجل إجراء الانتخابات "في بيئة آمنة وسلمية، مع مشاركة كاملة ومتساوية وهادفة للنساء والشباب".
كما طالب غوتيريش في تقريره بـ"استمرار تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، مع انسحاب كامل للمرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية" المنتشرة في ليبيا، وتقدر الأمم المتحدة عددهم الإجمالي بأكثر من 20 ألفا.
وأشار غوتيريش في وثيقته إلى أن "المنافسة بين الجماعات المسلحة للسيطرة على الأراضي، استمرت في التأثير على الأمن في طرابلس وفي مدن الشمال الغربي" في الأشهر الأخيرة. ولفت أيضا إلى أن "وجود المرتزقة يواصل لعب دور مزعزع للاستقرار في الجنوب".
وتأتي هذه المطالبة الأممية، فيما يواصل مجلس النواب الليبي جلسته الثانية على التوالي لسماع إحاطة لجنة خارطة الطريق واتخاذ قراره تجاه الحكومة.
وتنعقد الجلسة وسط تزايد الأصوات الشعبية المطالبة بإقالة حكومة تسيير الأعمال لعدة أسباب، بينها "قضايا الفساد المتورط فيها مسؤولون ووزراء"، بالإضافة إلى أزمة مرتبات الجيش الأخيرة، وتحديد موعد جديد للانتخابات في البلاد.
وتقود الأمم المتحدة مساعي جادة تجريها مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز، مرورا بتونس والجزائر وتركيا، حيث كانت آخر محطاتها القاهرة، قبل المغادرة إلى موسكو.
وجددت المبعوثة الأممية، خلال تلك الاجتماعات، أن الحل في ليبيا لا يمكن أن يكون عبر حكومة انتقالية أخرى، بل بإجراء الانتخابات، في إشارة إلى محاولة بعض أعضاء مجلس النواب إقصاء الحكومة الحالية، وتشكيل أخرى بديلة، لإدارة المرحلة المقبلة حتى إجراء الاستحقاق الدستوري.
وطالبت البرلمان الليبي بالتعامل مع القوة القاهرة التي أعلنت عنها مفوضية الانتخابات، مشيرة إلى أن خارطة الطريق لا تزال صالحة، وبالإمكان إجراء انتخابات قبل يونيو المقبل.
وأكدت أن ليبيا تمر بمرحلة انتقالية منذ عام 2011، وهي بحاجة إلى مؤسسات دائمة منتخبة ديمقراطيا.