ظاهرة الطفل الواحد في تركيا تمهيد لأنماط أسرية جديدة

أنقرة ـ سيفرز ميل العائلات إلى إنجاب طفل واحد فقط نتائج غير عادية من بينها ظهور شكل جديد من الأسر، وفق ما قال محمد علي أريورت المحاضر بمعهد الدراسات السكانية بجامعة حاجت تبه التركية، في العاصمة أنقرة.
وأضاف أريورت لمراسل الأناضول أن إنجاب طفل واحد سيؤدي إلى انخفاض عدد السكان في تركيا والتمهيد لظهور أشكال جديدة من العائلات، حيث لن يمتلك الأفراد فيها أشقاء أو أبناء عمومة أو أخوال أو خالات أو عمات أو أعمام.
وأوضح أن معهد الدراسات السكانية بجامعة حاجت تبه ومؤسسات بحثية أخرى تجري دراسات سكانية متنوعة بالتعاون مع معهد الإحصاء التركي، وسيتم مشاركة نتائج هذه الدراسات الجديدة قريبًا.
ولفت أريورت إلى أن الدراسات المشار إليها تتوقع تجاوز عدد سكان تركيا 104 ملايين بحلول عام 2050، و107 ملايين بحلول عام 2080.
كما ذكر أن الأمم المتحدة أعدت توقعات سكانية لجميع البلدان، ووفقًا لتوقعاتها لتركيا، يقترب عدد سكان البلاد من 96 مليونًا بحلول عام 2050، ثم يبدأ بالانخفاض إلى 82 مليونًا في عام 2100.
رغم انخفاض مستوى الخصوبة إلا أن عدد السكان في تركيا مستمر في الزيادة، لكن هذا التأثير يختفي تدريجيا
وأشار أريورت إلى أن الأمم المتحدة ومعهد الإحصاء التركي نشرا توقعات وسيناريوهات مختلفة، لكنّ الجهتين أجمعتا على أن عدد السكان سيسير نحو الانخفاض مع تراجع معدلات الخصوبة، أي متوسط عدد الأطفال لكل امرأة، وهو في تركيا 1.88 وفقًا لعدد مواليد عام 2022، فيما بلغ معدل الخصوبة الكلي 1.62.
وقال “يبدو أن العائلات بدأت في إنجاب عدد أقل من الأطفال الآن، ورغم انخفاض مستوى الخصوبة إلا أن عدد السكان في تركيا مستمر في الزيادة، لكن هذا التأثير يختفي تدريجيا، فوفقًا لبيانات معهد الإحصاء التركي، فإن معدل النمو السكاني السنوي كان 12.7 بالألف عام 2021، لكنه تراجع إلى 7.1 بالألف عام 2022. وإذا استمر الانخفاض بهذا الاتجاه فلن تكون هناك زيادة سكانية مع احتمالات وصول عدد سكان تركيا إلى 100 مليون سوف يبدو ضعيفًا”.
وأشار أريورت إلى أن الزلزال الذي ضرب مدينة قهرمان مرعش (جنوب) في 6 فبراير الماضي، أثر على منطقة يعيش فيها قرابة 16 مليون شخص، بما في ذلك اللاجئون السوريون الخاضعون للحماية المؤقتة.
وأضاف “منطقة الزلزال تمتلك أعلى نسبة من الأطفال والشباب مقارنة بمتوسط تركيا. ويمكن أن يكون للزلزال آثار على الديموغرافيا. ولن تكون الهجرة النتيجة الوحيدة للزلزال، يل ستتمخض عن هذه الكارثة تغييرات في سلوكيات الزواج والخصوبة”.
وأوضح أريورت أن على المؤسسات العامة ذات الصلة مشاركة بياناتها بشكل منتظم مع الرأي العام والباحثين من أجل إيجاد حلول للآثار المدمرة للزلزال، وأن العملية برمتها تتطلب إجراءً مخططًا له مسبقًا.
مراحل شيخوخة المجتمع تحدث في تركيا بشكل أسرع من البلدان المتقدمة
ولفت إلى أن تركيا تشهد ارتفاعا سريعا بعدد كبار السن، وقال “عندما نقول سكان مسنون فإننا نعني السكان الذين يبلغون 65 عامًا وأكثر، وتزايد عدد هذه الشريحة يعرّف بمفهوم شيخوخة المجتمع”.
كما تحدث عن معايير منظمة الصحة العالمية في تحديد السكان الأطفال والشباب وكبار السن، ومن هم بمرحلة الشيخوخة.
وأوضح “تُعرِّف منظمة الصحة العالمية المجتمع بأنه فتي إذا كانت نسبة كبار السن الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا فأكثر أقل من 4 في المئة من إجمالي السكان، فيما تصنف المنظمة المجتمعات هرمة إذا زادت نسبة السكان من كبار السن عن 10 في المئة”.
وأضاف “ووفقًا لنتائج نظام تسجيل السكان المستند إلى العناوين لعام 2022، والذي تم الإعلان عنه مؤخرًا من قبل معهد الإحصاء التركي، فإن معدل المسنين في تركيا بلغ 9.9 في المئة من عدد السكان، أي أن تركيا على وشك أن تصبح من المجتمعات الهرمة”.
وأشار إلى أن مراحل شيخوخة المجتمع تحدث في تركيا بشكل أسرع من البلدان المتقدمة، لافتًا إلى أن زيادة السكان المسنين من 7 إلى 14 في المئة في فرنسا تستغرق 115 عاما، فيما من المتوقع أن يرتفع معدل السكان المسنين في تركيا من 7 إلى 14 في المئة خلال 27 عامًا.
وذكر أريورت أن التقييم المقارن سيكون مفيدًا من أجل فهم أفضل لمعدل شيخوخة السكان في تركيا، مشيرًا إلى أن السنوات الأخيرة شهدت انخفاضًا في نسبة الشباب من إجمالي السكان، وارتفاعًا في نسبة السكان المسنين بسبب انخفاض مستوى الخصوبة وتطور قطاع الطب والصحة ما أدى إلى ارتفاع متوسط العمر المتوقع إلى مستوى 78 عامًا اليوم.