ظاهرة الخطف تعيق الحياة الطبيعية للفتيات في عدة مدن سورية

المصير المجهول يلاحق 17 فتاة وطفلة بأعمار مختلفة فقدن في ظروف مختلفة، وشملت عمليات اختطاف على يد مسلحين مجهولين.
الجمعة 2025/04/18
الفتيات لم يعدن آمنات

دمشق – برزت ظاهرة خطف النساء والفتيات في سوريا في ظروف غامضة، وبات "أمرا اعتياديا" في ظل تناقل حسابات مواقع التواصل الاجتماعي، بشكل شبه يومي، مناشدات لذوي فتيات اختفين مطالبين الجهات الأمنية بالتحقيق لكشف ملابسات الحادثة ومعاقبة الفاعلين، في حين أن الكثيرات بتن يخشين ممارسة حياتهن اليومية ويلتزمن المنزل لاسيما في الساحل السوري.

وتتركز حالات اختفاء الفتيات في الساحل السوري، وتنسحب أيضا على محافظات سورية أخرى، سجلت حوادث اختفاء لفتيات خرجن من منازل ذويهن ولم يعدن.

وتشير قصص حكايات الفتيات والنساء اللواتي نُشرت صورهن وأخبار عن اختطافهن، إلى وجود نماذج متعدّدة لعمليات الخطف ومصير المخطوفات. فهي لفتيات هربن من المجازر في الساحل خوفاً، ثم عُدن إلى بيوتهن، وأخرى لفتيات خُطفن ولم يعدن حتى الآن.

وبحسب ناشطين، فإن "اَخر حادثة اختفاء كانت لفتاة تدعى اَية طلال قاسم، من محافظة طرطوس في الساحل السوري، أثناء توجهها إلى دائرة الامتحانات لاستلام بطاقتها الامتحانية، حيث انقطع الاتصال بها بعد دقائق قليلة من خروجها من منزل عائلتها الواقع في حي الفقاسة بمدينة طرطوس".

وبعد ساعات من انقطاع الاتصال، عاد هاتفها للرنين من دون رد، ثم أغلق مجددا لساعات، وبعدها اتصل الخاطفون من هاتف الفتاة، بأحد أقاربها المدوَن اسمه ورقم هاتفه على سجل المكالمات، ورغم أن الخاطفين لم ينطقوا بأي كلمة خلال المكالمة، إلا أن صوت بكاء الفتاة وتعذيبها كان يسمع بوضوح، ما زاد من مخاوف العائلة حول ما قد تتعرض له ابنتهم.

وفيما أكد ذوو الفتاة أنهم "لم يتلقوا أي اتصال من الخاطفين حول دفع فدية أو تهديدات تكشف مصير ابنتهم، أثارت الحادثة تفاعلا واسعا في أوساط محافظة طرطوس، مطالبين الجهات المعنية بالإسراع لإيجاد الفتاة وتحريرها من الخاطفين".

وبحسب ناشطين في محافظة طرطوس، تم "الإبلاغ عن اختفاء 5 فتيات، خلال أقل من أسبوع، وهن آية قاسم، هديل خليل، بتول حسن، لانا محمود، لبنى محمود، وذلك في استمرار لعمليات الخطف المستمرة في ظل الفلتان الأمني الذي يشهده الساحل السوري".

وتشهد محافظة حماة وسط البلاد، أيضا حالات اختفاء لفتيات، وفي اَخر حادثة تم الإبلاغ عنها قبل يومين، أفادت حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي بفقدان التواصل مع الفتاة رنيم غازي زريفة (22 عاما)، في منطقة مصياف بريف محافظة حماة.

بالمقابل، شنت وزارة الداخلية السورية، الأربعاء الماضي حملة اعتقالات في مدينة حماة، بعد الاشتباه بتنفيذ عصابة لعمليات خطف وتعذيب، وأعلنت الوزارة اعتقال عدد من الأشخاص.

وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنه "ما يزال المصير المجهول يلاحق 17 فتاة وطفلة بأعمار مختلفة، فقدن في ظروف مختلفة، شملت عمليات اختطاف على يد مسلحين مجهولين إضافة إلى حالات انقطاع مفاجئ للاتصال".

وبحسب المرصد، تنحدر الفتيات من مدن سورية عدة بينها اللاذقية، حمص، السويداء، طرطوس، وحماة، دون أن تتوفر أي معلومات مؤكدة حول مصيرهن رغم انقضاء أيام طويلة على اختفاء بعضهن.

وبعد 40 يوماً على الأحداث الدامية في الساحل السوري، تشهد مدن بانياس وطرطوس واللاذقية بوادر عودة حذرة للحياة الطبيعية رغم الجراح العميقة، وسط دور بارز للمجتمع الأهلي وجهود لتعزيز الاستقرار الأمني والاقتصادي عبر المصالحات وإعادة الإعمار، مع دعوات لتحويل الساحل إلى وجهة سياحية آمنة وضمان وحدة سوريا.

وتحاول هذه المدن استعادة نبضها الطبيعي، ولو بشكل خجول ومتردد. ومع الجهود المبذولة من قبل المجتمع الأهلي لتخفيف الأعباء، يظل الواقع بحاجة إلى دعم أكبر وأكثر تنظيماً لتجاوز التداعيات الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية لهذه الأحداث.

وفي بانياس، وفي حي القصور الذي كان مسرحاً لأكبر مجزرة، لا يزال الخوف يخيّم على النفوس. الكثيرون من العائلات التي كانت تسكن الحي كمستأجرين قرروا الرحيل إلى قراهم في الريف هرباً من أي تداعيات مستقبلية.

والمحال التجارية التي اشتعلت فيها النيران أثناء الأحداث، وما زالت آثار الحرق والنهب واضحة عليها، تحاول بعض العائلات إعادة إعمارها. ويروي الحاج أبو علي، صاحب محل لبيع المواد الغذائية، مشهد الدمار قائلاً: "لم يتبقَ من محلي سوى الجدران المحترقة، لكنني قررت إعادة ترميمه لأنني أؤمن بأن الحياة يجب أن تستمر". ومع ذلك، فإن هذه المحال تفتح أبوابها بشكل خجول، وتغلق في الثالثة عصراً، رغم وجود عناصر الأمن الذين يتعاملون مع الناس بلطف واحترام، كما يشير بعض السكان.