طوابير مغربية لاقتناء كتاب سعودي تثير الجدل على مواقع التواصل

أسامة مسلم يجذب الشباب لكتبه عبر التسويق الإلكتروني.
الأربعاء 2024/05/15
ظاهرة أدبية

تحول الكاتب السعودي أسامة المُسلم إلى ظاهرة للنقاش في الوسط الثقافي المغربي وعلى مواقع التواصل الاجتماعي بعد الإقبال الجماهيري على كتبه في المعرض الدولي للنشر والكتاب في الرباط الذي وصل حد الإغماء، وجدال حول سر قدرة الكاتب على إعادة الشباب للقراءة.

الرباط - غص المعرض الدولي للنشر والكتاب في دورته التاسعة والعشرين التي تحتضنها مدينة الرباط بالمئات من الزوار الذين جاؤوا للقاء الكاتب السعودي أسامة المُسلم، ليشكل الإقبال الجماهيري على الكتاب حدثا بارزا أثار الجدل على مواقع التواصل بشأن أسبابه خصوصا مع استخدام التكنولوجيا للوصول إليهم.

ونتيجة للاكتظاظ الذي حصل في فضاء المعرض الذي بلغ حد الإغماء، شلّت أجزاء من المعرض بسبب كثافة طوابير الحضور من الشباب المنتظرين دورهم للحصول على توقيع الكاتب فاضطرت العناصر الأمنية للتدخل وإعادة الأمور إلى نصابها، ومن ثم تدخلُ إدارة المعرض لتوقيف حفل التوقيع، وأصبح الحدث الأبرز الذي شهده المعرض، طاغيا على ندوات ولقاءات أدبية وثقافية كانت تُجرى في التوقيت نفسه. وأعلن المسلم أن وزارة الثقافة المغربية سوف تنظم من أجله جولة لتوقيع رواياته في المدن المغربية.

وطغى الموضوع على النقاش ضمن مواقع التواصل الاجتماعي، إن كان فعلا يعبر عن تعطش القراء الشباب إلى القراءة، وحرصهم على الاقتراب من كتابهم المفضلين، أم إن الأمر يتعلق فقط بتأثر الشريحة الشبابية بفعل تسويقي قام به الكاتب على الشبكات الرقمية قبل حضوره إلى المعرض.

 

وقال آخر:

واعتبر ناشط:

وعلق ناشط:

وعبر بعض الناشطين عن استغرابهم من هذه الحادثة ووجود طوابير من المغاربة حلوا بالمعرض باكرا لاقتناء كتب المسلم ومقابلته، متسائلين عن سر تميز الكاتب واستقطابه كل هؤلاء القراء، بينما رحب البعض الآخر من النشطاء بحجم الإقبال على الكاتب السعودي، معتبرين أن الأمر يتعلق بنجاح أسامة المسلم في التسويق لأعماله الأدبية ذات البعد الفنتازي، واستطاعته جذب عدد كبير من الفئات الشابة، خصوصا التي تميل إلى مطالعة الروايات.

وأمام الضجة التي أثيرت، أعرب الكاتب في تغريدة على حسابه في إكس عن مدى سعادته بالحفاوة التي تم استقباله بها، وقال:

وأضاف الكاتب “نحن مستمرون في تقديم إنتاجنا بقوالب أدبية عصرية مواكبة لأفكار هذا الجيل الذكي والمتفتح وتطلعاته والذي لم يعد يقبل تلك الأصناف الأدبية التي اندثرت وولى زمانها رغم أنف من يحاول فرضها عليهم بالقوة والتعامل معهم بفوقية ظنا منه أن تقمصه دور الأستاذ والمعلم ومخاطبتهم من بروجه العاجية ستؤتي أكلها مع هذا الجيل الواعي.

وقدم المسلم نصيحة لكل فرد ينتمي للوسط الأدبي ويريد المساهمة في دعم الحراك الثقافي العربي الجديد، طالبا منه “بأن ينزل من تلك البروج العاجية وينصت لهذا الجيل الواعي والفطن ويفهم ويتفهم رغباته واهتماماته ويحاكيها من خلال إنتاجه وقتها لن يجد أن المشكلة كما يُشاع في جيل قد هجر القراءة وولى مدبرا عنها بل المشكلة الحقيقية في فئة أعماها غرور النخبوية وغطرسة الأستاذية وقدمت محتوى لا يتقبله هذا الجيل ولا ينتمي إليه”.

وأضاف “ياعزيزي (المثقف) بدل أن تُسخّر وقتك للتعبير بسخط واستغراب واندهاش والتذمر مما يحدث حولك سخّره للبحث والتقصي عن المراد بمصطلح (الأدب المعاصر) على حقيقته وليس كما فهمته أنت”.

وتحول الكاتب السعودية إلى ظاهرة تستحق النقاش في الوسط الثقافي المغربي، وقال عتيقة هاشمي، عضو المكتب الوطني لشبكة القراءة بالمغرب، رئيسة فرع الرباط، إن “ما حدث تمكن قراءته من جانبين؛ الأول يتعلق بالبحث المستمر للقراء الشباب عن المؤلفات التي لها علاقة بما هو عجائبي وخيالي، حيث يجدون راحتهم كثيرا، في حين أن الجانب الثاني يتعلق بتمكن الكاتب من التسويق لنفسه ولأعماله انطلاقا من مواقع التواصل الاجتماعي، واستهداف القراء الشباب تحديدا”.

وأوضحت هاشمي، في تصريح لموقع “هسبريس” المحلي أن “الأهم في هذا الصدد هو ضرورة دفع مثل هؤلاء القراء إلى ترشيد فعلهم القرائي عبر الانفتاح على أجناس أدبية أخرى لها وزنها وقيمتها الفكرية والمعرفية المضافة، بدل الاقتصار على جنس بعينه، إذ يظلون مطالبين بالتوجه نحو قراءات مفيدة ومساعدة في بناء وعيهم وشخصيتهم؛ الأمر الذي يؤكد عليه البرنامج الوطني للقراءة الذي يلزم القراء بتقديم كتب متنوعة ومختلفة”.

◙ المسلم يقدم نصيحة لكل فرد ينتمي للوسط الأدبي ويريد المساهمة في دعم الحراك الثقافي بالنزول من البروج العاجية

وبيّنت أن “الكاتب بدوره نصّب نفسه مختصا في تيمات فكرية لها علاقة أساسا بالعالم السحري، وهي تيمات تثير فضول عدد من القراء الشباب التواقين إلى القراءة حول العوالم السفلى وعوالم السحر والجن؛ الأمر الذي يبرز وجود هشاشة لدى القراء الذين يقبلون على مثل هذه الأجناس، في وقت تظهر أهمية تنويع القراءات والانفتاح على مختلف الأصناف، خصوصا النقدية، إلى جانب الانفتاح على أدب مغربي يظل قائم الذات وروايات عالمية من الطراز الرفيع”.

بدوره، رأى الكاتب والباحث منتصر حمادة، بأنه “رغم كل المؤاخذات والانتقادات التي تم التعبير عنها في هذا الصدد إلا أن ما جرى بالمعرض يمكن أن ننظر إليه من زاوية ثانية، تتعلق بتزامنه مع تراجع مستويات القراءة بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، بعد الانتشار المكثف للمحتويات السمعية البصرية التي تظل في جزء منها سلبية وغير لائقة بخصوص الناشئة”.

وأضاف حمادة، أن “المؤلّف السعودي نجح بالفعل في استقطاب عدد من الشباب المغاربة، خصوصا في فئة المراهقين، مع تفوق واضح للعنصر النسوي في هذا الإطار”، معتبرا أن “ما حدث يطرح العديد من الأسئلة التي تتعلق بمجالات النشر والتسويق والتأليف بالمغرب، وتتطلب الكثير من التفكير والتأمل، شريطة التسلح بالنقد والمكاشفة؛ فهي أسئلة إن حسمنا فيها يمكن أن نشرع آنذاك في البحث عن أجوبة لها”.

وأسامة المسلم روائي سعودي من مواليد 1977 حقّق الشهرة في عالم الفانتازيا وأسلوب التشويق. صدرت له 32 رواية أبرزها سلسلة “خوف” و”بساتين عربستان” و”لج”، وقد تُرجمت بعض أعماله مثل “بساتين عربستان” إلى الإنكليزية. وأعلن أسامة المسلم عن مسلسل تلفزيوني سوف يعرض على منصة شاهد، وهو عمل مستوحى من “بساتين عربستان” حول “دعجاء” و”أفصار” وهما يحاولان أن يشقا طريقهما في عالم السحر، كما أعلن عن مسلسل سعودي يستند إلى سلسلة “خوف”.

5