طهران تلوّح بتوسيع الحرب للخليج بعد استهداف إسرائيل حقل بارس للغاز

طهران – لوّحت إيران اليوم الأحد بإمكانية توسيع نطاق الحرب إلى دول الخليج المجاورة إذا ما أُجبرت على ذلك، وذلك في أعقاب استهداف إسرائيل لحقل "بارس الجنوبي" للغاز، وهو ما تعتبره طهران محاولة متعمدة لجر الصراع إلى المنطقة.
وهذه التطورات تضع المنطقة على مفترق طرق خطير، مع تداعيات جيوسياسية واقتصادية واسعة النطاق.
وأكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، خلال لقائه بالسفراء الأجانب نقله التلفزيون الإيراني أن بلاده لا تسعى لتوسيع الحرب مع إسرائيل، لكنه شدد على أن "دفاعنا مشروع تمامًا، مضيفا أن "هذا الدفاع هو رد على عدوان. إن توقف العدوان، بالطبع سيتوقف ردنا أيضا".
وأتت هذه التصريحات عقب استهداف إسرائيل لمصفاة في حقل بارس الجنوبي للغاز في مقاطعة عسلوية، والذي يُعد شريانًا حيويا لاقتصاد إيران ومصدرًا رئيسيًا للغاز في المنطقة.
ووصف عراقجي استهداف هذا الحقل بأنه "خطأ استراتيجي كبير، والأرجح متعمد ويهدف إلى توسيع نطاق الحرب إلى خارج الأراضي الإيرانية"، مؤكدًا أن استهداف المصفاة المشتركة بين إيران وقطر "خطوة بالغة الخطورة".
ويُشير هذا التحذير الصريح إلى أن أي هجوم مستقبلي على منشآت الطاقة الحيوية قد يدفع طهران إلى الرد باستهداف منشآت طاقة أو بنى تحتية حيوية لدول أخرى قريبة من مسرح العمليات، خصوصًا تلك التي قد تُعتبر داعمة لإسرائيل أو مساعدة لها.
يُعد استهداف منشآت الطاقة، مثل حقل بارس الجنوبي في إيران، تصعيدًا خطيرًا يهدد استقرار أسواق الطاقة العالمية. يعتمد الشرق الأوسط بشكل حيوي على إنتاج النفط والغاز، وأي تعطيل كبير وطويل الأمد لهذا الإنتاج سيؤدي فورًا إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط والغاز، مع توقعات بوصولها إلى 120 دولارًا للبرميل أو أكثر، مما سيفاقم الضغوط التضخمية عالميًا ويُربك سلاسل الإمداد، ويزيد من تكاليف الشحن والتأمين في المنطقة.
وتتفاقم خطورة الوضع بوجود الممرات المائية الحيوية، وأبرزها مضيق هرمز، الذي يمر عبره ثلث تجارة النفط العالمية. وتُعد التهديدات الإيرانية المتكررة بإغلاق المضيق ورقة ضغط سياسية قوية، وأي اضطراب كبير أو هجمات على السفن فيه ستؤدي إلى ارتفاع جنوني في أسعار الطاقة وركود اقتصادي عالمي. وستكون دول الخليج العربي، التي تعتمد بشكل كبير على هذا المضيق، الأكثر تضررًا، مما قد يجبرها على اتخاذ مواقف صعبة في الصراع.
ويشير استهداف منشآت الطاقة إلى تحول نوعي في الصراع، لم يعد يقتصر على المواقع العسكرية التقليدية، مما يزيد من احتمالية حدوث "حرب طاقة" شاملة وتدخل القوى الدولية لحماية مصالحها. وستؤدي هذه التطورات إلى تفاقم التضخم، إعاقة الاستثمارات في قطاع الطاقة، وتدهور اقتصادات الدول المستوردة للنفط في المنطقة، مما يجعل استهداف منشآت الطاقة ورقة ضغط قوية لكنها شديدة الخطورة، وقد تدفع بالمنطقة نحو عواقب لا يمكن التكهن بها.
يأتي هذا التطور في سياق اتهامات إيرانية صريحة لواشنطن بتقديم "الضوء الأخضر والدعم" للهجمات الإسرائيلية الأخيرة، وهو ما نفته الولايات المتحدة في المقابل. تزامن ذلك مع إلغاء جولة سادسة من المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن كانت مقررة في سلطنة عمان، ما يعكس مدى خطورة التصعيد الأخير وتأثيره على المسارات الدبلوماسية.
وقال عراقجي إن "الهجوم الإسرائيلي ما كان ليحدث لولا الضوء الأخضر والدعم الأميركي"، مضيفا أن طهران لا تصدق التصريحات الأميركية التي تنفي دور واشنطن في الهجمات الأحدث.
ودعا وزير الخارجية الإيراني واشنطن إلى التنديد بالهجمات الإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية "إذا أرادت إثبات حسن نيتها".
وجاء ظهور عراقجي اليوم الأحد بالتزامن مع الموعد الذي كان مقررًا أن تطرح طهران اقتراحًا خلال الجولة السادسة من المحادثات مع الولايات المتحدة في سلطنة عمان بشأن البرنامج النووي الإيراني سريع التطور. لكن إيران ألغت المناقشات في أعقاب أحدث تصعيد مع إسرائيل.
وقال عراقجي إن "جولة المحادثات النووية التي كانت مقررة مع واشنطن، الأحد، كان من الممكن أن تفتح الطريق أمام اتفاق، لكن إسرائيل ضد ذلك".
وأضاف أن "هجمات إسرائيل استهدفت إفشال المحادثات ونأسف لمشاركة أميركا في هذا". وأوضح أن الهجوم وقع في وقت "كنا فيه في خضم المفاوضات مع الولايات المتحدة"، مشددًا على أن إيران "مستعدة" لأي اتفاق يهدف إلى عدم تمكين إيران من الحصول على سلاح نووي، لكنه أكد أنهم "غير مستعدين لأي اتفاق يهدف إلى حرمان إيران من حقوقها النووية"
وحذر عراقجي من أن تجاهل المجتمع الدولي لهذا الأمر ستكون له تبعات على جميع الدول الأخرى. كما أشار إلى أن إسرائيل "تجاوزت خطًا أحمر جديدًا في القانون الدولي من خلال هجومها على المنشآت النووية، وللأسف واجهنا تجاهلاً من مجلس الأمن".
وفيما يتعلق بالهجوم على منشآت "نطنز" النووية، أوضح عراقجي أنه طلب عقد اجتماع مع المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي سيعقد الثلاثاء، معربًا عن أمله في أن يتم إصدار قرار ضد إسرائيل بسبب الهجوم على هذه المنشآت.
وفي المقابل، أكد ترامب، في وقت سابق الأحد، أن بلاده لم تكن لها أي علاقة بالهجوم الذي شنته إسرائيل على إيران، مساء السبت، محذراً طهران من استهداف الولايات المتحدة "بأي شكل".
وذكر ترامب عبر منصته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشيال" "لم تكن للولايات المتحدة أي علاقة بالهجوم على إيران، الليلة.. وإذا تعرضنا لأي هجوم من إيران بأي شكل أو طريقة، سترد القوات المسلحة للولايات المتحدة بكل قوتها وقدرتها بمستويات لم يحدث لها مثيل من قبل".
وتابع "ومع ذلك، يمكننا بسهولة التوصل إلى اتفاق بين إيران وإسرائيل وإنهاء هذا الصراع الدموي".
وقام دان سكافينو، مساعد ترامب ونائب رئيس موظفي البيت الأبيض، بإعادة نشر المنشور ذاته عبر منصة "إكس"، مع توجيه إعادة النشر إلى حساب المرشد الإيراني علي خامنئي، في إشارة مباشرة إلى القيادة الإيرانية.
وكانت الخارجية الإيرانية اعتبرت، السبت، أن المحادثات النووية مع الولايات المتحدة أصبحت "غير ذات معنى" بعد الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مناطق واسعة في إيران، فيما أعلنت سلطنة عُمان أن جولة المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران التي كانت مقررة الأحد في مسقط "لن تُعقد".
ونقلت وكالة "تسنيم" الإيرانية عن المتحدث باسم الخارجية إسماعيل بقائي قوله "تصرف الطرف الآخر (الولايات المتحدة) بطريقة تجعل الحوار بلا معنى".
وأضاف "لا يمكنك ادعاء التفاوض وفي الوقت نفسه تقسم العمل بالسماح للنظام الصهيوني (إسرائيل) باستهداف الأراضي الإيرانية".
وقال إن إسرائيل "نجحت في التأثير" على العملية الدبلوماسية، وإن الهجوم الإسرائيلي "ما كان ليحدث لولا موافقة واشنطن".
وأصدرت إسرائيل اليوم الأحد تحذيرات للإيرانيين المقيمين بالقرب من منشآت إنتاج الأسلحة في طهران لإخلاء منازلهم، مع استمرار تبادل الهجمات الصاروخية بين البلدين منذ يوم الجمعة.
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في بيان "سيقصف الجيش الإسرائيلي هذه المواقع... في طهران وغيرها، مستهدفا القدرات النووية وأنظمة الأسلحة".
وفي وقت سابق، كتب متحدث باسم الجيش الإسرائيلي في منشور على إكس باللغتين العربية والفارسية أن إسرائيل أصدرت في وقت سابق تحذيرا للإيرانيين المقيمين بالقرب من منشآت الأسلحة في إيران بالإخلاء.
وقال المتحدث إن التحذير يشمل جميع مصانع الأسلحة والمرافق الداعمة لها.
وشنت إسرائيل أكبر ضربة عسكرية لها ضد إيران الجمعة، قائلة إن هدفها هو منع طهران من تطوير أسلحة ذرية، والقضاء على قدرات الصواريخ الباليستية.