طهران تعتقل صحافية إيطالية في ظروف سيئة لمقايضتها بإيراني في ميلانو

السفارة الإيرانية في روما تطلب رسميا عملية تبادل بين الصحافية سيسيليا سالا والمهندس الإيراني محمد عابديني نجف ‌آبادي المسجون في ميلانو.
السبت 2025/01/04
تهم جاهزة

طهران - تستمر السلطات الإيرانية بنهجها المتمثل باعتقال الصحافيين الأجانب الذين يدخلون البلاد، وتوجيه تهم التجسس لهم للضغط على حكوماتهم وإجراء صفقات تبادل مع مدانين إيرانيين لدى هذه الدول، وتحاول التفاوض مع إيطاليا بشأن الصحافية سيسيليا سالا المسجونة في إيران.

وطلبت السفارة الإيرانية في روما رسميا بعد محادثات تمت مع السلطات الإيطالية الجمعة، عملية تبادل بين الصحافية الإيطالية والمهندس الإيراني محمد عابديني نجف ‌آبادي المسجون في ميلانو، حسبما قالت صحيفة الجورنال الإيطالية.

وكانت وزارة الخارجية الإيطالية استدعت السفير الإيراني في روما محمد رضا صبوري، لبحث إطلاق سراح سالا المحتجزة في سجن إيفين شمالي طهران، وبعد اللقاء الدبلوماسي أصدرت السفارة الإيرانية في إيطاليا بيانا ربط بشكل واضح بين إطلاق سراح المرأة الإيطالية والإفراج عن المهندس الإيراني.

وقالت السفارة الإيرانية إن “في المحادثة الودية، تمت مناقشة وتبادل الآراء” حول المواطن الإيراني المعتقل في ميلانو “بتهم باطلة”، بحسب السلطات الإيرانية، وتؤكد أن سيسيليا سالا تعامل وفق معايير “إنسانية”، ولهذا السبب، يقول ممثلو طهران “من المتوقع أن تقوم الحكومة الإيطالية بتسريع عملية إطلاق سراح المواطن الإيراني المحتجز.”

من جهتها، عقدت رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني اجتماعا استثنائيا لمجلس الوزراء بعد ظهر الجمعة، في قصر تشيجي، لبحث كيفية التصرف في إطار هذه المحادثات بين روما وطهران.

صحيفة إيطالية تؤكد أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن "التعامل المحترم" مع الصحافية سيسيليا سالا "كاذبة"

وفي مذكرة صادرة عن قصر تشيجي، طلبت السلطة التنفيذية الإيطالية من السلطات الإيرانية “الإفراج الفوري” عن سيسيليا سالا.

والاثنين الماضي أكدت وزارة الثقافة الإيرانية اعتقال سالا بتهمة “انتهاك قوانين الجمهورية الإسلامية”، وفق وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا). وذلك بعد أن أوقفت الشرطة الإيرانية سالا (29 عاما) في طهران في التاسع عشر من ديسمبر، وهي محتجزة بسجن إيفين، حسب ما أفاد موقع تتعاون معه.

وصرّح وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني بأن قضية اعتقال الصحافية الإيطالية في إيران تعد “معقدة”، لكنه أعرب عن أمله في إعادة هذه المواطنة إلى وطنها قريبا.

وقال تاجاني “نحن نحاول حل قضية معقدة”، دون الإدلاء بأي تعليق حول ما إذا كان اعتقال سالا مرتبطا باعتقال المواطن الإيراني محمد عابديني، في ميلانو أم لا.

وردا على سؤال عن الموعد المحتمل لإطلاق سراحها، قال تاجاني “آمل قريبا، ولكن الأمر لا يعتمد علينا”، مستطردا “من الواضح أنها محتجزة وهذا ليس مثاليا، لكنّها تحصل على طعامها ووُضعت في زنزانة منفردة.”

وقال موقع “كورا ميديا” الذي ينتج برنامج “بودكاست” والذي تعمل سالا لصالحه، إن الأخيرة غادرت روما متجهة إلى إيران في الثاني عشر من ديسمبر، بتأشيرة دخول صحافية، على أن تعود إلى إيطاليا في العشرين من الشهر الجاري.

وفي التاسع عشر من ديسمبر، انقطعت أخبارها ولم تستقل رحلة العودة، وبعدها اتصلت بوالدتها لتخبرها بأنه تم توقيفها.

وعملت سالا أيضا لصحيفة “إيل فوليو” الإيطالية، التي قالت إنها كانت في إيران “لتغطية الأحداث في بلد تعرفه وتحبه.” وتابعت “الصحافة ليست جريمة حتى في البلدان التي تقمع الحريات، ومنها حرية الصحافة”.

الصحيفة أكدت أن حزمة تحتوي على الاحتياجات الأساسية، أرسلتها السفارة الإيطالية في طهران لسالا، لم تُسلم لها، خلافا لتصريحات مسؤولي الحكومة الإيرانية

وفي السابع عشر من ديسمبر، نشرت سالا آخر منشور لها على منصة إكس، ويشمل رابطا لبودكاست بعنوان “حوار بشأن النظام الأبوي في إيران”.

وتشير التقارير إلى أن اعتقال سالا جاء بعد ثلاثة أيام على اعتقال عابديني في مطار ميلانو، مما أعاد النقاش حول احتمال استخدام إيران سياسة “احتجاز الرهائن” للتفاوض بشأن تبادل الأسرى.

وفي السياق نفسه، دعت رئيسة وزراء إيطاليا ميلوني وسائل الإعلام إلى التعامل مع القضية بحذر شديد، بينما أفادت صحيفة “لا ريبوبليكا” الإيطالية بأن تاجاني ونائب رئيس الوزراء ألفريدو مانتوفانو تواصلا مع قادة المعارضة في بلادهما لتوحيد الجهود وتجنب الهجوم المباشر على إيران في هذه “المرحلة الحساسة”.

وكانت وزارة الخارجية الإيطالية قد أعلنت اعتقال سالا الجمعة السابع والعشرين من ديسمبر الماضي، بعد سبعة أيام من مفاوضات سرية غير ناجحة مع السلطات الإيرانية لإطلاق سراحها. وأفادت التقارير بأن السفيرة الإيطالية في طهران باولا أمادي تمكنت من زيارة سالا في السجن في اليوم نفسه.

وفي ما يتعلق بعابديني، فقد اُعتقل في السادس عشر من ديسمبر 2024 بمطار ميلانو بعد وصوله من إسطنبول. واتهمته وزارة العدل الأميركية، إلى جانب المهندس الإيراني – الأميركي مهدي محمد صادقي بالتورط في نقل تكنولوجيا حساسة إلى إيران، تم استخدامها في هجوم بطائرات مُسيّرة على قاعدة عسكرية أميركية في الأردن، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص في يناير الماضي.

ووصفت صحيفة “كوريري ديلا سيرا” الإيطالية، في تقرير لها، المكالمات التي أجرتها سالا بأنها “صادمة”. وأشارت إلى أنها محرومة من أبسط الاحتياجات الأساسية، وتنام على الأرض، وتمت مصادرة نظارتها.

وأكدت الصحيفة أن تصريحات المسؤولين الإيرانيين بشأن “التعامل المحترم” مع سالا كاذبة، مؤكدة أن معاملتها لا تختلف عن معاملة بقية السجناء السياسيين، حيث “تُنتهك كرامتهم الإنسانية بشكل صارخ”. وأضافت أن سالا “لا يمكن أن تبقى خلف أسوار سجن تُداس فيه حقوق الإنسان”.

وأكدت الصحيفة أن حزمة تحتوي على الاحتياجات الأساسية، أرسلتها السفارة الإيطالية في طهران لسالا، لم تُسلم لها، خلافا لتصريحات مسؤولي الحكومة الإيرانية.

وأشارت الصحيفة إلى أن عائلتها كانت قد اطمأنت في البداية لتصريحات المسؤولين الإيرانيين الذين وعدوا بمعاملتها باحترام، لكن اتضح أن تلك التصريحات كانت “كاذبة”.

5