طهران تستفز واشنطن بإسقاط طائرة أميركية مسيرة

الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمضي في حملة لعزل طهران بسبب برنامجها النووي وبرنامجها الخاص بالصواريخ الباليستية ودورها في حروب بالمنطقة.
الجمعة 2019/06/21
جس نبض

تسعى إيران من خلال استفزازها غير المبرر للولايات المتحدة عبر إسقاطها طائرة أميركية مسيرة كانت تحلق في الأجواء الدولية إلى جس نبض الإدارة الأميركية ومدى جدية تهديدات الرئيس دونالد ترامب الذي لا يستبعد اللجوء إلى الحل العسكري لمواجهة أجندة طهران المزعزعة لاستقرار المنطقة. ورغم أن ترامب غير متحمس للقتال خلافا لمستشاره للأمن القومي جون بولتون، إلا أن فرضية نشوب حرب، حتى وإن كانت غير مقصودة، واردة جدا وسيناريو ما فتئ الاتحاد الأوروبي والصين إضافة إلى روسيا تحذر من تداعياته الوخيمة في منطقة يمر عبرها ثلث الإمدادات النفطية العالمية.

واشنطن - أسقطت إيران الخميس طائرة عسكرية أميركية مسيرة قالت إنها كانت في مهمة تجسس فوق أراضيها، لكن واشنطن قالت إن الطائرة استُهدفت في مجال جوي دولي في هجوم “لم يسبقه استفزاز”، فيما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن استخدام القوة العسكرية ضد إيران سيؤدي إلى كارثة.

ورد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على سؤال بشأن مهاجمة إيران بعد إسقاطها للطائرة المسيرة بالقول “ستعرفون قريبا”، فيما قال مسؤول في البنتاغون “قدمنا عدة سيناريوهات لرد عسكري ضد إيران ومنشآتها والقرار الآن بيد الرئيس ترامب”.

وأثارت الواقعة مخاوف من اندلاع صراع أوسع بالشرق الأوسط بينما يمضي الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حملة لعزل طهران بسبب برنامجها النووي وبرنامجها الخاص بالصواريخ الباليستية ودورها في حروب بالمنطقة.

والواقعة هي الأحدث في سلسلة وقائع شهدتها منطقة الخليج، التي تعد شريانا مهما لإمدادات النفط العالمية منذ منتصف مايو، بما في ذلك هجمات بمتفجرات استهدفت ست ناقلات نفط، بينما تنزلق طهران وواشنطن نحو المواجهة.

وتنفي إيران الضلوع في أي من الهجمات، لكنّ قلقا عالميا من مخاطر تفجر حرب أوسع بالشرق الأوسط تؤدي لتعطيل صادرات النفط أدى إلى قفزة في أسعار الخام، التي ارتفعت ما يزيد عن ثلاثة دولارات إلى أكثر من 63 دولارا للبرميل الخميس.

وتفاقمت التوترات مع انسحاب الولايات المتحدة العام الماضي من الاتفاق النووي الموقع في 2015 بين قوى عالمية وإيران.

وازداد الأمر سوءا عندما فرضت واشنطن عقوبات جديدة لخنق تجارة النفط المهمة لطهران، والتي ردت في وقت سابق من هذا الأسبوع بالتهديد بتجاوز الحدود المفروضة على أنشطتها النووية بموجب الاتفاق.

وفي تصعيد جديد للموقف، قالت واشنطن الاثنين إنها ستنشر نحو ألف جندي إضافي وصواريخ باتريوت وطائرات استطلاع تقليدية وأخرى مسيرة في الشرق الأوسط، ليضاف ذلك إلى زيادة سابقة في القوات قوامها 1500 جندي والتي تم الإعلان عنها بعد الهجمات على ناقلات في مايو.

وقالت وكالة أنباء فارس إن الحرس الثوري استخدم منظومة (3 خرداد) الصاروخية الإيرانية، والتي كشفت طهران عنها قبل خمس سنوات، لتدمير الطائرة المسيرة.

وذكر مسؤول أميركي أن الطائرة المسيرة من طراز إم.كيو- 4 سي ترايتون وتتبع البحرية الأميركية وأنها أُسقطت في المجال الجوي الدولي فوق مضيق هرمز الذي يمر فيه نحو ثلث النفط المنقول بحرا ليخرج من الخليج.

وقال بيل أوربان الكابتن في البحرية الأميركية إن الرواية الإيرانية التي تفيد بأن الطائرة كانت تحلق فوق إيران زائفة.

وأضاف “كان هذا هجوما لم يسبقه استفزاز على طائرة مراقبة أميركية في المجال الجوي الدولي”.

ونقلت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية عن بيان للحرس الثوري أن أجهزة التتبع وتحديد هوية الطائرة كانت قد أغلقت “في انتهاك لقواعد الطيران وكانت تتحرك في سرية تامة” عندما تم إسقاطها. وأدانت وزارة الخارجية الإيرانية ما وصفته بانتهاك الطائرة المسيرة للمجال الجوي الإيراني، وحذرت من عواقب مثل هذه التحركات “غير القانونية والاستفزازية”.

وحذر حسين سلامي قائد الحرس الثوري من أي اعتداء على إيران قائلا إن إسقاط الطائرة المسيرة حمل “رسالة واضحة” لواشنطن.

ونقلت وكالة تسنيم للأنباء عن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قوله “مجالنا الجوي هو خطنا الأحمر، إيران ردت وستواصل الرد دوما بقوة على أي دولة تنتهك مجالنا الجوي”.

دونالد ترامب: ستعرفون في الأيام القادمة إن كنا سنهاجم إيران أم لا
دونالد ترامب: ستعرفون في الأيام القادمة إن كنا سنهاجم إيران أم لا

وتقول شركة نورثروب جرومان المصنعة للطائرة إم.كيو- 4 سي ترايتون على موقعها الإلكتروني إن الطائرة ترايتون قادرة على التحليق لأكثر من 24 ساعة في الرحلة الواحدة على ارتفاع يزيد على 16 كيلومترا ويبلغ مداها 8200 ميل بحري.

ولم يُعرف على الفور ما إذا كانت الطائرة ترايتون مسلحة مثل الطائرات المسيرة التي يستخدمها الجيش الأميركي للقضاء على مسلحي تنظيم القاعدة في اليمن.

وسعت إدارة ترامب الأربعاء لحشد الدعم العالمي للضغوط التي تمارسها على إيران وذلك بعرض شظايا لغم لاصق قالت إنها كانت بناقلة نفط تعرضت لأضرار في هجمات يوم 13 يونيو في خليج عمان، وقالت إنها تبدو إيرانية الأصل. ويقول دبلوماسيون أوروبيون إن هناك حاجة لمزيد من الأدلة لتحديد المسؤول عن الهجمات على الناقلات.

وألحقت العقوبات الأميركية، التي تستهدف تقليص صادرات النفط الإيرانية إلى الصفر وإقصاء طهران عن النظام المالي العالمي الذي يهيمن عليه الدولار، أضرارا جسيمة باقتصاد إيران.

وأرسل الرئيس الأميركي قوات وحاملات طائرات وقاذفات قنابل من طراز بي- 52 إلى الشرق الأوسط خلال الأسابيع القليلة الماضية. وقالت إيران الأسبوع الماضي إنها مسؤولة عن أمن مضيق هرمز وطالبت القوات الأميركية بمغادرة الخليج.

وقالت طهران أيضا إنها ستعلق الالتزام بالقيود التي يفرضها الاتفاق النووي على تخصيب اليورانيوم، بهدف سد أي سبيل أمامها لامتلاك أسلحة نووية، وهددت بمنع مرور شحنات النفط عبر مضيق هرمز.

ووصف القادة الإيرانيون اتهامات الولايات المتحدة وحليفتها السعودية لطهران بالمسؤولية عن الهجمات على الناقلات بأنها “دق لطبول الحرب”، لكن ترامب والزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي قالا إنهما لا يرغبان في إشعال حرب.

وأثار التوتر المتزايد بين طهران وواشنطن مخاوف من تصاعد الصراعات وإراقة الدماء في دول تخوض فيها إيران حروبا بالوكالة منذ وقت طويل من أجل النفوذ في الشرق الأوسط.

ويقول ترامب إن الاتفاق النووي الذي وقعه سلفه باراك أوباما لم يفعل ما يكفي لوقف تدخلات إيران في شؤون دول أخرى بالشرق الأوسط أو كبح برنامجها للصواريخ الباليستية.

وتتهم السعودية أيضا إيران بإمداد ميليشيات الحوثي في اليمن بصواريخ وطائرات مسيرة استخدمت في هجمات على محطتين سعوديتين لضخ النفط في مايو وعلى مطار مدني سعودي في وقت سابق من الشهر.

والخميس، قال التحالف الذي تقوده السعودية ويحارب المتمردين الحوثيين في اليمن إن مقذوفا سقط قرب محطة تحلية في محافظة جازان السعودية، وذلك بعدما قالت قناة المسيرة التلفزيونية التابعة للحوثيين إن الجماعة أطلقت صاروخا على محطة كهرباء هناك.

وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الخميس من “كارثة” في حال استخدمت الولايات المتحدة القوة ضد إيران ردّا على إسقاط الطائرة الأميركية المسيرة.

وصرح بوتين خلال لقاء سنوي يجيب فيه عن أسئلة المواطنين ويبثه التلفزيون مباشرة “تقول الولايات المتحدة إنها لا تستبعد استخدام القوة، سيكون ذلك كارثة على المنطقة، سيؤدي إلى موجة عنف وإلى ارتفاع عدد اللاجئين”، مضيفا “التداعيات ستكون محزنة أيضا على من يحاولون القيام بعمل مماثل”.

5