طهران اليائسة تضطر لبيع نفطها للمهرّبين بأسعار مخفضة

طهران - بدأت إيران اليائسة من إيجاد مشترين لإنتاجها النفطي بعرضه في بورصة طهران للطاقة بالمزيد من التخفيضات في الأسعار، بحثا عن شركات خاصة ومهرّبين يمكن أن يغامروا بتحدي العقوبات الأميركية.
وكانت وزارة النفط قد عرضت النفط الأحد بأسعار مقاربة للأسعار العالمية، لكنها لم تتلق طلبات سوى لنحو 280 ألف برميل من أصل مليون عرضتها في بورصة طهران للطاقة.
وأشارت إلى أنها اضطرت لبيع نفطها بسعر أقل، بسبب عدم تلقيها عروضا فوق السعر الأدنى، الذي يشترط تسديد 80 بالمئة بالعملات الأجنبية ويسمح بتسديد 20 بالمئة بالعملة المحلية.
ويستبعد محللون أن تجد طهران ما يكفي من الشركات الخاصة والمهرّبين لتفادي وطأة العقوبات الأميركية، التي أبعدت معظم المشترين، الذي يفضلون حماية مصالحهم الكبيرة مع الولايات المتحدة وتفادي غراماتها الباهظة.
ومع اقتراب دخول العقوبات الأميركية حيّز التنفيذ بداية الأسبوع المقبل، انحصر جدل شراء النفط الإيراني بثلاث دول هي الهند والصين وتركيا، التي تحاول تفادي إيقاف الشراء بشكل تام، رغم أن بعض شركات تلك البلدان بادرت بإيقاف الشراء حرصا على مصالحها مع الولايات المتحدة.
هيونداي للهندسة والإنشاءات ألغت أمس اتفاقا بقيمة 521 مليون دولار لبناء مجمع للبتروكيماويات في إيران
ولم تظهر واشنطن حتى الآن أي استعداد لتقديم إعفاءات لشراء النفط الإيراني، رغم أنها لا ترغب في ارتفاع الأسعار قبل الانتخابات النصفية الأميركية، المقررة في 6 نوفمبر، أي بعد يوم على تقييد صادرات النفط الإيرانية.
وتسبّب التوتر في انقسام الإدارة إلى معسكرين، أحدهما يقوده مستشار الأمن القومي جون بولتون الذي يريد أقصى تشديد للعقوبات، فيما يميل مسؤولون بوزارة الخارجية إلى الموازنة بين العقوبات ومنع حدوث قفزة في أسعار النفط قد تلحق الضرر بالولايات المتحدة وحلفائها.
ويرجّح الخبراء أن تشدد واشنطن قبضتها على تنفيذ العقوبات بعد الانتخابات خاصة بعد زيادة الإمدادات من دول كثيرة بينها السعودية وروسيا، والتي أدت إلى تهدئة الأسواق حيث تحرّك خام بنت أمس قرب 77 دولارا للبرميل، وهو ما يقل بنحو 10 دولارات عن ذروة الشهر الماضي.
وإلى جانب المخاوف من حدوث قفزة في أسعار النفط، يضع ذلك الضغط الموقف المتشدد لإدارة ترامب موضع الاختبار ويثير احتمال إبرام اتفاقات ثنائية للسماح باستمرار بعض المشتريات.
وترى مصادر مطلعة أن إيرادات المبيعات قد يتم حجزها لكي تستخدمها طهران بشكل حصري لأغراض إنسانية، وهي آلية أكثر تشدّدا بالمقارنة مع آلية مماثلة جرى فرضها على مشتريات نفط إيران خلال الجولة السابقة من العقوبات في ظل حكم الرئيس السابق باراك أوباما.
وقد تشكل تلك الإعفاءات معضلة للبيت الأبيض مع سعيه إلى شروط أكثر صرامة مقارنة مع تلك التي فُرضت إبان حكم أوباما الذي فرض بجانب حلفائه الأوروبيين عقوبات أفضت إلى اتفاق كبح تطوير إيران لأسلحة نووية.
وسافرت فرق من وزارتي الخزانة والخارجية الأميركيتين إلى أكثر من 20 دولة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي في 8 مايو الماضي، لتحذر الشركات والدول من مخاطر القيام بأنشطة مع إيران وبضمنها تركيا والصين والهند.
وأوقفت كل من اليابان وكوريا الجنوبية الحليفتان للولايات المتحدة استيراد الخام الإيراني بالفعل، إضافة لمعظم الشركات العالمية وبضمنها الأوروبية رغم معارضة بلدانها للعقوبات الأميركية.
كما أوقفت شركة ريلاينس اندستريز الهندية اعتبارا من الشهر المقبل الاستيراد للحفاظ على المصالح الكبيرة مع الولايات المتحدة. وعززت شركات صينية وهندية أخرى روابطها مع منتجين آخرين لإيجاد إمدادات بديلة للخامات الإيرانية.
وقال مصدر حكومي هندي إن الهند أبلغت الوفد الأميركي بأن ارتفاع تكاليف الطاقة الناجم عن ضعف الروبية وصعود أسعار النفط، يعني أن وقف المشتريات من النفط الإيراني تماما مستحيل حتى مارس المقبل على الأقل.
وأضاف “أبلغنا الولايات المتحدة أن الهند لا يمكنها وقف استيراد النفط من إيران في وقت تكون فيه البدائل مكلفة”، وهو ما يعني أن وفرة الإمدادات يمكن أن تقنع الهند بوقف شراء النفط الإيراني.
وعقدت الصين اتفاقات جديدة لتخزين النفط العراقي لتهيئة البدائل في وقت تخوض فيه مناوشات تجارية شاقة مع الولايات المتحدة، الأمر الذي يرجح إمكانية التوقف عن شراء النفط الإيراني إذا حصلت على تنازلات أميركية في المفاوضات التجارية.
وتبدو إشارات بكين إلى شركات التكرير الصينية متباينة. فقد أعلنت أكبر شركتي تكرير مملوكتين للحكومة هما سينوبك سي.أن.بي.سي عن إيقاف تحميل النفط الإيراني اعتبارا من الشهر المقبل بسبب المخاوف بشأن العقوبات.
وفي هذه الأثناء أعلنت شركة هيونداي للهندسة والإنشاءات أمس عن إلغاء اتفاق بقيمة 521 مليون دولار لبناء مجمع للبتروكيماويات في إيران، مشيرة إلى أن قدرة إيران على تمويل الاتفاق تضررت جراء العقوبات الأميركية.