طهران اليائسة تصعد إجراءات القمع الاقتصادي

صعدت السلطات الإيرانية من إجراءات القمع الاقتصادي، التي وصلت إلى إصدار 3 أحكام بالإعدام في وقت هددت فيه سائقي الشاحنات بعقوبات قاسية. ويرى محللون أن الإجراءات تكشف عن يأس الحكومة من إمكانية تخفيف قسوة العقوبات الاقتصادية وتعكس خوفها من انفجار الشارع الإيراني.
لندن- أرسلت الحكومة الإيرانية رسالة تحذير شديدة اللهجة إلى الإيرانيين الغاضبين من تردي الأوضاع الاقتصادية، بالإعلان على التلفزيون الرسمي عن إصدار 3 أحكام بالإعدام في جرائم اقتصادية بحسب تعبير السلطات القضائية.
وجاءت الأحكام من خلال محاكم خاصة أسستها الحكومة الإيرانية لمحاربة الجرائم المالية ومواجهة حالة الاحتقان الشعبي، الذي يلقي باللوم على السلطات في انهيار الأوضاع الاقتصادية وتبديد ثروات البلاد في الصراعات الخارجية وانتشار الانتهازية والفساد.
وتأسست المحاكم الثورية الإسلامية الخاصة الشهر الماضي لإجراء محاكمات سريعة للمتمردين على سلطة النظام، بعدما دعا المرشد الأعلى علي خامنئي إلى إجراءات قانونية “سريعة وعادلة” لمواجهة “حرب اقتصادية” يشنها أعداء من الخارج.
وذكرت وسائل إعلام رسمية أن السلطة القضائية حذرت أيضا سائقي الشاحنات المضربين في أنحاء البلاد بسبب الأجور وارتفاع الأسعار من “عقوبات قاسية” إذا استمروا في احتجاجهم.
ونقل التلفزيون الرسمي عن غلام حسين محسني اجئي المتحدث باسم السلطة القضائية قوله إن المحاكم قضت بإعدام 3 متهمين لإدانتهم “بنشر الفساد في الأرض” وهي جريمة عقوبتها الإعدام وتلصقها الحكومة عادة بالمعارضين لنظام ولاية الفقيه في إيران.
ولم يذكر محسني اجئي أسماء المتهمين الثلاثة، لكنه قال إن من الممكن استئناف الأحكام أمام المحكمة العليا. وتصاعدت اتهامات المسؤولين الإيرانيين اليائسين من إمكانية تخفيف قسوة العقوبات للولايات المتحدة وإسرائيل والسعودية ومعارضين يعيشون في المنفى بإثارة القلاقل وشن حرب اقتصادية لزعزعة الاستقرار في إيران.
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن محسني اجئي قوله إن أحكاما بالسجن لفترات تصل إلى 20 عاما صدرت بحق 32 متهما آخرين أدينوا بارتكاب جرائم اقتصادية.
في هذه الأثناء تسارعت وتيرة الاختناق الاقتصادي مع قرب فرض المرحلة الثانية والأخيرة من العقوبات الأميركية في 5 نوفمبر والتي ستقطع شريان الحياة الاقتصادية الوحيد وهو صادرات النفط.
وبدأت طهران تدرك أن جميع وعود الدول المعارضة للعقوبات الأميركية لن تكون مجدية في تخفيف وطأة العقوبات مثل وعود الدول الأوروبية بتفعيل آلية لضمان استمرار تعاملات شركاتها مع إيران.
ويقول الاتحاد الأوروبي إن تلك الآلية لن تكون جاهزة قبل نوفمبر في وقت يؤكد فيه محللون أن جميع الشركات الكبرى لن تستخدم تلك الآلية وستفضل حماية مصالحها الكبيرة مع الولايات المتحدة على المصالح الضئيلة والمحفوفة بالمخاطر مع إيران.
ومن المرجح ألا تستخدم تلك الآلية سوى الشركات الأوروبية، التي ليس لديها أي تعاملات مع الولايات المتحدة، وهي لا بد أن تكون ضئيلة الحجم كي لا تملك أي علاقات مع الاقتصاد الأميركي الذي يمثل نحو ربع اقتصاد العالم.
وتلقت طهران ضربة شديدة من تقليص شركة سينوبك الحكومية الصينية لمشتريات النفط من إيران هذا الشهر رغم أنها تعتبر الملاذ الأخير لصادراتها بعد أن توقفت معظم الشركات العالمية عن التعامل مع طهران بسبب العقوبات الأميركية.
ويرجح محللون أن تترك الصين لشركاتها في نهاية المطاف حرية البحث عن مصالحها المرتبطة بالولايات المتحدة في اتخاذ موقف من شراء النفط الإيراني، إضافة إلى أن بكين قد تتخلى عن طهران إذا أصبح ذلك ورقة في المفاوضات التجارية مع واشنطن.
وفقد الريال الإيراني أكثر من 75 بالمئة من قيمته منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في ظل تسابق الإيرانيين لشراء العملات الأجنبية خوفا على مدخراتهم من الضياع.
وارتفعت تكاليف المعيشة أيضا مما أدى إلى خروج مظاهرات متفرقة ضد الانتهازية والفساد فيما ردد بعض المحتجين شعارات مناهضة لمجمل النظام الإيراني، وطالبوا بالتوقف عن تبديد ثروات البلاد في تمويل الحروب في دول المنطقة.
ووجه محسني اجئي تحذيرا لسائقي الشاحنات الذين واصلوا احتجاجاتهم للمطالبة بزيادة الأجور وتوفير قطع غيار ميسورة التكلفة رغم عدة جولات من الاعتقالات. ونقلت عنه وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء قوله إن “عقوبات قاسية تنتظر أولئك الذين… يعرقلون حركة مرور الشاحنات على الطرق”.
وأرسل 153 عضوا في البرلمان الذي يضم 290 مقعدا خطابا إلى الحكومة الأحد، يحثها على حل ودي للنزاع الذي اعتقل فيه العشرات من السائقين المضربين بتهمة قطع الطريق ومحاولة الضغط على زملائهم للانضمام إلى الإضراب.
ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء عن أعضاء البرلمان قولهم في الخطاب إن “عدم حل مشكلات سائقي الشاحنات الذين يزيد عددهم على 400 ألف شخص أدى في الأيام الأخيرة إلى اضطرابات في حركة نقل الوقود والسلع في البلاد، في حين من الممكن تجنب ذلك باتخاذ إجراءات في الوقت المناسب”.