طنجة تغني العالم في مهرجان الضفاف الثلاث

برنامج الدورة الأولى يعكس التنوع الثقافي لمدينة طنجة، التي تشتهر بفن العيش المشترك.
الاثنين 2025/06/02
اللبنانية جاهدة وهبة أول المشاركين في المهرجان

طنجة (المغرب) - عاشت مدينة طنجة المغربية، إلى غاية الأحد مطلع يونيو الجاري، على وقع الدورة التأسيسية لمهرجان فريد من نوعه، هو مهرجان الضفاف الثلاث الذي يرفع شعارا دائما هو “طنجة تغني العالم”، ويهدف إلى الاحتفاء بالتنوع الثقافي والتعايش بين مختلف الحضارات، وأن يكون منصة لتبادل الثقافات والفنون بين ضفتي المتوسط الشمالية والجنوبية.

وانطلقت فعاليات المهرجان الخميس بقصر الفنون والثقافة في طنجة، بحفل موسيقي ساحر أحيته الفنانة اللبنانية جاهدة وهبة، في احتفاء باذخ بالموسيقى العربية.

ونقلت هذه الأمسية، المفعمة بالطرب والنغم الجميل، الجمهور في رحلة رائعة تحتفي بغنى وتنوع الإيقاعات الموسيقية العربية والمغربية.

وأشارت رئيسة المهرجان نادية بنجلون إلى أن برنامج هذه الدورة الأولى صمم ليعكس التنوع الثقافي لمدينة طنجة، التي تشتهر بفن العيش المشترك.

h

وأوضحت أن المهرجان، الذي يتمحور حول التقاسم والتعايش، يسعى إلى إيصال رسالة سلام وأمل في عالم تطبعه الأزمات والنزاعات، مشيرة إلى أن هذه التظاهرة الفنية تشكل للجمهور فرصة لاكتشاف غنى الموروث الثقافي لمدينة البوغاز.

من جانبه أكد المدير الفني للمهرجان جيرار كوركجيان أن هذا الحدث الثقافي يمثل تكريما لمدينة طنجة، المدينة المنفتحة على العالم والمتمسكة في الوقت ذاته بجذورها وتقاليدها العريقة، مبرزا أن الحفل الافتتاحي يعكس غنى طنجة وتنوعها الثقافي.

وقدم هذا المهرجان، الذي نظم بمبادرة من مؤسسة ثقافات العالم، برنامجا غنيا ومتنوعا يجمع بين الحفلات الموسيقية واللقاءات الأدبية واللحظات الشعرية والعروض في الهواء الطلق.

وتضمن برنامج الدورة سلسلة من الحفلات الموسيقية أقيمت كل مساء بقصر الفنون والثقافة، بمشاركة فنانين ذوي شهرة محلية وعالمية، من بينهم الفنانة اللبنانية جاهدة وهبي، والموسيقي المغربي عمر المتيوي وفرقته الششتري، وجوقة لندن كوميونيتي غوسبل، وفرقة إيتاكا، ورباعي تيغران كازازيان، بالإضافة إلى النجمة سميرة القادري وإبداعها “من ضفة إلى أخرى”.

كما شكل الثراء الثقافي لمدينة البوغاز محور مائدة مستديرة نُظمت خلال المهرجان بحضور ثلة من الأكاديميين والفاعلين في مجالي الثقافة والأدب.

وأبرزت ستيفاني غاو، الكُتُبية والعارضة، في كلمة بالمناسبة أن مدينة طنجة طالما كانت وجهة جذابة وساحرة للمصورين الأجانب، مشيرة في هذا السياق إلى ليون دافين، أول مصور يفتتح أستوديو للتصوير الفوتوغرافي بالمغرب، وتحديدا في مدينة طنجة، وأنطونيو كافيلا الذي التقطت عدسته مشاهد غنية تمثل بالأساس الحياة اليومية في الشوارع والأسواق.

دورة تأسيسية تضمنت برنامجا غنيا ومتنوعا جمع بين الحفلات واللقاءات الأدبية واللحظات الشعرية والعروض في الهواء الطلق

وفي معرض حديثها عن تاريخ التصوير الفوتوغرافي بالمغرب أشارت السيدة غاو إلى أن مدينة البوغاز، بفضل ثرائها الثقافي، أصبحت مصدر إلهام للمصورين الساعين إلى أخذ قبس من جوهر طنجة الأصيل.

من جانبه شدد محمد ميتالسي، المخطط الحضري والمتخصص في مدن العالم العربي وحدائق الفضاء العربي الإسلامي، على أهمية الحفاظ على التراث المادي واللامادي الغني الذي تزخر به مدينة طنجة، التي تتميز بإمكانات اقتصادية قوية، يعززها، على وجه الخصوص، ميناء طنجة المتوسط.

وقال إن الأعمال الأدبية والفنية التي أنجزها كتاب وشعراء ومصورون فوتوغرافيون أجانب كانوا يقيمون في طنجة، قد أسهمت في التعريف بالمدينة على الصعيد الدولي، مضيفا أن “هذه الديناميكية رافقها بروز بعض الأساطير التي لا تعكس إطلاقا واقع المدينة وسكانها.”

من جهته سجل الكاتب الطاهر بن جلون أن الغنى الثقافي لمدينة طنجة يجذب المفكرين والكتاب من مختلف أنحاء العالم، مبرزا أهمية الأدب والفنون في إيقاظ الوعي، لاسيما في سياق يتسم بالأزمات والصراعات.

وأورد أن الأدب والفنون يشكلان “ملاذا يواسي الأشخاص المصابين بصدمات نفسية والمتضررين من الأحداث الأليمة والحروب،” مشيرا إلى أن الكاتب، من خلال التزامه، يضطلع بدور الشاهد الفاعل على عصره، مسهما بشكل خاص في إدانة كل أشكال الظلم.

يذكر أن مهرجان الضفاف الثلاث “طنجة تغني العالم” يهدف أيضا إلى تعزيز الحوار الثقافي والتقارب بين الشعوب من خلال الفنون والموسيقى، وإلى جعل مدينة طنجة مركزًا مفتوحًا للتبادل الحضاري بين ضفّتي المتوسط وأفريقيا. ويسعى المهرجان إلى تسليط الضوء على التنوع الثقافي كقيمة إنسانية، وتشجيع التعايش السلمي في زمن تزداد فيه التوترات والصراعات. كما يطمح إلى دعم الفنانين والمبدعين المحليين والدوليين، وتوفير منصة للتعبير الفني المشترك، تُبرز غنى التقاليد وتنوع الإبداعات في الفضاء المتوسطي وما وراءه.

15