طموح تطوير السياحة الكويتية مُكبل بعائق البيروقراطية

تصطدم طموحات الكويت في طريق ترقية قطاعها السياحي بالكثير من العراقيل التنظيمية والتمويلية وعدم تسليم القطاع الخاص جزءا من خارطة المشاريع التي تنوي الحكومة تنفيذها في ظل بطء الإصلاحات الاقتصادية التي تبقي النفط المحرك الأول للتنمية.
الكويت - تسود حالة من الإحباط بين الكويتيين في أن تعمق زيادة دولارات النفط في جعل الحكومة تنقلب على سياسة إصلاح بيئة الاستثمار، التي لا تزال مكبلة برسوخ البيروقراطية، حتى تؤسس قاعدة للشركات الخاصة لكي تساعد في بناء السياحة.
ورغم اعتزام شركة المشروعات السياحية الحكومية تطوير مشروعين بجزيرة فيلكا وموقع المدينة الترفيهية في منطقة الدوحة بغرب العاصمة بتكلفة نصف مليار دينار (1.64 مليار دولار)، إلا أن العملية تبدو صعبة في ظل انعدام فرص مشاركة القطاع الخاص.
وقال رئيس مجلس إدارة الشركة محمد السقاف في مقابلة مع رويترز الأربعاء إن شركته المملوكة للهيئة العامة للاستثمار لا تزال في بداية الدراسات وطرح الأفكار “لنرى أنسب الحلول لهذين المشروعين العملاقين”.
وبحسب المواصفات الفنية، تبلغ مساحة مشروع جزيرة فيلكا كيلومترين مربعين والمدينة الترفيهية 206 كيلومترات مربعة.
وأوضح السقاف أن هناك احتمالين لتمويل المشروعين، الأول أن تضطلع بهما شركة المشاريع السياحية بنفسها من خلال مساعدة الهيئة العامة للاستثمار أو أن تتشارك فيهما مع القطاع الخاص.
لكنه استدرك قائلا إن مشاركة القطاع الخاص ستكون “صعبة جدا” في ظل وجود قانون يسمح له باستئجار أملاك الدولة بعقود مدتها ثلاث سنوات فقط قابلة للتجديد.
واعتبر أن هذه المدة المحدودة “أمر غير مشجع للقطاع الخاص” للمشاركة في مشاريع ذات تكلفة مالية عالية.
وتبدو الشركة لا تملك خيار الاقتراض لتمويل المشروعين لأنها لا تمتلك الأراضي، وإنما تنتفع بها بموجب عقد حق انتفاع مع إدارة أملاك الدولة. وقال السقاف “في النهاية أنت لا تملك هذه الأراضي فكيف يعطيك البنك القرض”.
وتظهر تقارير محلية أن آخر مشروع نفذته الشركة هو منتزه الخيران وكان ذلك في 1988، أي أنه قبل الغزو العراقي في العام 1990 لم تنفذ أي مشروع ترفيهي جديد.
ويلقي البعض باللوم على الجهات المسؤولة عن القطاع في عدم الترويج بشكل كاف للوجهة السياحية مع ندرة الشراكات المبرمة مع شركات الطيران العالمية والفنادق لجذب الزوار.
ويشكو كثير من الكويتيين من أن بلادهم تعاني من تدهور في مرافقها السياحية وعدم تجديدها أو تطويرها على مدى سنوات.
وكشفت أزمة وباء كورونا وحرمان كثير من السكان من السفر عن ضعف ومحدودية خيارات الترفيه في هذا البلد الذي كان قبل عقود بمثابة قدوة لباقي دول الخليج.
وخلال العطلات الرسمية وفي موسم الصيف يهرع كثير من المواطنين للسفر بحثا عن أماكن جديدة للترفيه في الخارج، حيث أصبحت وجهات مثل دبي والسعودية وقطر وتركيا قبلات تقليدية للكويتيين وعائلاتهم.
1.64
مليار دولار قيمة مشروعين عملاقين بجزيرة فيلكا وموقع المدينة الترفيهية في منطقة الدوحة
ويركز مجلس الإدارة الجديد، الذي تم تشكيله في سبتمبر الماضي، على عمل مبادرات ترفيهية تستغرق فترات محدودة وتكون تكلفتها المالية محدودة أيضا، من خلال مشاريع يمكن تنفيذها سريعا.
وقال السقاف “لا بد أن تكون لدينا رزنامة للفعاليات كل شهر أو شهرين يكون عندنا فعالية ونجددها حتى يكون الترفيه متجددا ولا يكون شيئا مملا”.
وخلال الأشهر القليلة الماضية دشنت الشركة مبادرات من هذا النوع منها مشروع وينتر وندرلاند الكويت، الذي أقيم بموقع حديقة الشعب في بداية الشتاء. وقال السقاف “نسعى لأن يكون المشروع طوال العام وليس لفترة وجيزة”.
كما افتتحت الشركة تزامنا مع فعاليات كأس العالم في قطر مشروع كونتينر بارك، وهي فعالية ترفيهية لعرض المباريات في منطقة البلاجات بالسالمية مع أنشطة ترفيهية أخرى مثل الألعاب والعروض الموسيقية.
وقال السقاف إن مجلس الإدارة يركز على أن يكون الترفيه الذي تقدمه الشركة “يخدم كل الأعمار. وهدفنا أن نوفر الترفيه لكافة الفئات العمرية وليس لفئة واحدة، ولكن نحن نتكلم عن السياحة الداخلية وليس الخارجية”.
ومن الأفكار المطروحة أن تتضمن المدينة الترفيهية شاليهات وبحيرات صناعية وكافيهات ومحلات للتسوق وملاعب للتنس ومسرحا ثقافيا وغير ذلك من المرافق التي تخدم كل الفئات. وأكد السقاف أن “الترفيه يجب أن يكون له بعد ثقافي واجتماعي وصحي وتهذيبي”.
وأجرى مجلس الإدارة الجديد “بعض التعديلات” على الإستراتيجية السابقة والتي كانت ستتحول الشركة بموجبها إلى “شركة قابضة” تندرج تحتها شركات متخصصة في المطاعم والفنادق وإدارة المرافق وغير ذلك من الشركات.
ووفق السقاف كان ذلك سيحولها بعيدا عن وجهتها الأساسية وهي توفير الترفيه للمواطنين والمقيمين. وقال “لا يجوز للشركة أن تدير المطاعم والنوادي الصحية والاستشفائية وأعتقد أن هذا الشيء ليس هو الحل الأمثل”.

وتركز الإستراتيجية الجديدة على إشراك القطاع الخاص، بحيث تهتم شركة المشروعات السياحية بالنواحي الترفيهية، وتترك للقطاع الخاص إقامة المطاعم والمقاهي والنوادي الصحية ومحلات التجزئة في المرافق التي تديرها.
ويؤكد السقاف أن مراجعة الإستراتيجية نتج عنها التراجع عن إيقاف مشروع منتزه الخيران لإعادة بنائه بتكلفة كانت ستصل إلى 200 مليون دينار (655.2 مليون دولار)، وتوصلت إلى أن “الحل الأمثل” هو ترميمه بكلفة تصل إلى 25 مليون دينار فقط وعلى مراحل.
وحاليا، تعمل الشركة على ترميم كثير من مشاريعها القائمة ومنها الواجهة البحرية التي تمتد نحو عشرة كيلومترات من أبراج الكويت في العاصمة وتنتهي بمسنة الشعب، بتكلفة تصل لنحو 20 مليون دينار (65.5 مليون دولار).
كما تخطط لترميم متنزه الجزيرة الخضراء خلال فترة الصيف بداية من شهر مايو وحتى أكتوبر بميزانية تقديرية بخمسة ملايين دينار.
وكان الرئيس التنفيذي السابق للشركة عبدالوهاب المرزوق كشف في 2021 أن المشاريع السياحية تعتزم زيادة رأسمالها 250 مليون دينار(831.39 مليون دولار) ليصل إلى 300 مليون دينار لتنفيذ مشاريعها.
لكن السقاف قال إن النقاش الحالي بين هيئة الاستثمار والشركة حول الإستراتيجية الجديدة نتج عنه “إيقاف مؤقت” لدفعات زيادة رأس المال.
وقال “من حق الهيئة أن ترى التعديلات ونتفق على الآلية الجديدة للضخ المالي وتقديرنا أننا سنطلب أقل من 250 مليون دينار”.
وبحسب مجلس السفر والسياحة العالمي، فإنه من المتوقع أن ينمو القطاع السياحي الكويتي بنحو 4.5 في المئة سنويا حتى العام 2028.