طموح استبدال نظام دعم الخبز في مصر مُكبل بعائق التضخم

برنامج دعم المواد الغذائية يكلف الحكومة 5.5 مليار دولار سنويا.
الخميس 2022/02/03
كيف سنشتري "رغيف العيش" لو تضاعف سعره؟

تصطدم طموحات مصر في طريق استبدال نظام دعم الخبز لتخفيف المزيد من الأعباء عن الموازنة السنوية بعائق التضخم المرتفع والذي تجد معه الحكومة صعوبة بالغة في إقرار البدائل الكفيلة بعدم تأثر المواطنين بأحد أهم خطوات برنامجها الإصلاحي.

القاهرة - تسعى مصر لإبدال دعم الخبز الشعبي بمدفوعات نقدية للفقراء لحماية الموازنة من ارتفاع حاد في أسعار القمح العالمية، لكنّ التضخم المحلي وتاريخا من الاحتجاجات قد يدفعان الحكومة لاختيار إصلاح أقل طموحا.

وبموجب البرنامج الحالي، يحصل ما يربو على 60 مليون مصري، أو ما يقرب من ثلثي السكان، على خمسة أرغفة من الخبز يوميا مقابل 50 سنتا في الشهر، بلا تغير يذكر منذ أن حالت أحداث شغب شهدتها البلاد في سبعينات القرن الماضي دون زيادة سعر الخبز.

ويمثل الدعم شريان حياة للفقراء، لكنه يتعرض لانتقادات واسعة باعتباره هدرا. ودفع ارتفاع الأسعار العالمية للقمح، الذي تستورده مصر على نطاق واسع، الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى القول العام الماضي إن "الوقت قد حان لمعالجة دعم الخبز".

ويقر وزير التموين علي مصيلحي وهو المسؤول عن الدعم أن التضخم الذي قفز في الأشهر الماضية إلى 6 في المئة من 4 في المئة في بداية 2021، زاد من صعوبة إبدال دعم الخبز والمواد الغذائية الأخرى بمدفوعات نقدية.

علي مصيلحي: عندما يستقر التضخم يمكن التحول إلى المدفوعات النقدية

ونسبت وكالة رويترز إلى مصيلحي قوله إنه "عندما يستقر معدل التضخم يمكن التحول إلى المدفوعات النقدية". وأشار إلى أنه يفضّل إعطاء الناس المال لشراء الخبز على وجه التحديد.

ويحصل المصريون المشمولون بنظام الدعم بالفعل على قسيمة شهرية بقيمة 3.2 دولار للأغذية المدعومة الأخرى.

ومع ذلك، يعتقد مصيلحي أن فكرة أوسع لإدخال مدفوعات غير مشروطة، يفضلها الكثير من الاقتصاديين باعتبارها أكثر أنظمة الرعاية الاجتماعية كفاءة، ربما تؤدي إلى رفع الأسعار إذ سيتم ضخ المزيد من السيولة في النقد المتداول في وقت يتزايد فيه التضخم.

وقال مسؤولون في الآونة الأخيرة إن الحكومة تهدف إلى وضع خطة لإصلاح دعم المواد الغذائية في الوقت المناسب أثناء التحضير في مارس المقبل لموازنة السنة المالية الجديدة التي تبدأ في يوليو المقبل.

وأكد مصيلحي أن الحكومة لم تتخذ بعد قرارا بشأن ما يجب القيام به وأنها تركز على تحسين قاعدة بيانات المستفيدين بقصد تحديد المستحقين واحتياجاتهم الفعلية.

وقد يعني ذلك أن أيّ تعديلات ستكون محدودة في طبيعتها، وربما يتم تقليص البرنامج من خلال وسائل تختبر أو تُقيّد عدد مستحقي الدعم داخل الأسرة الواحدة أو زيادة سعر الخبز المدعوم.

وتقول بسنت إبراهيم، وهي ربة منزل تعيش في محافظة البحيرة الواقعة شمال غربي القاهرة، إن أيّ قيود من هذا القبيل لا ينبغي أن تضر بأسرة مثل أسرتها التي تعتمد على الدعم لتعزيز راتب زوجها، وهو معلم يتقاضى 180 دولارا في الشهر، وإطعام أربعة أطفال.

وتشير لرويترز إلى أن الكثير من الأغنياء يحصلون على بطاقات الدعم، وهو ما يجب أن يتوقف. وقالت "هناك أناس أغنياء جدا، ولكن لديهم بطاقات التموين. لماذا لا تقوم الدولة بغربلة هؤلاء. لماذا كل شيء يتحمله الفقراء".

وأشرف السيسي في السابق على إصلاحات لدعم الوقود والطاقة. وخلال الأشهر الماضية، رفعت حكومته أسعار الزيوت النباتية والسكر المدعومة بعد زيادات في تكاليف السلع والشحن.

لا للمساس بالرغيف
لا للمساس بالرغيف 

ويكلف برنامج دعم المواد الغذائية الحكومة حاليا حوالي 5.5 مليار دولار. ووفقا لبيانات وزارة المالية فإنه من المتوقع أن تضيف أسعار القمح المرتفعة 763 مليون دولار إلى السنة المالية الحالية.

وسعى المسؤولون على مر السنوات لتعديل خطة دعم الخبز في محاولة للحد من المستفيدين مع نمو عدد سكان مصر، وقلّلوا مرارا من وزن الرغيف المدعوم.

وتقدم الحكومة دعم الخبز بنظام النقاط، وإذا لم يحصل مستحق الدعم على الخبز، يمكنه الحصول بدلا منه على سلع أخرى. لكن سعر الرغيف المدعوم ظل ثابتا عند خمسة قروش (0.003 دولار) منذ ثمانينات القرن الماضي. وتريد الحكومة مضاعفة سعره.

أحمد درويش: على السلطة طمأنة الناس من أن التعديل لن يزيد من معاناتهم

وإحداث تغيير في فاتورة استيراد السلع الغذائية سيتطلب تعديلات أعمق في سعر الخبز، وهو أمر كانت الحكومات حذرة منه منذ أن أدت محاولة إلغاء الدعم في عام 1977 إلى اندلاع أعمال شغب استمرت لأيام حتى تم الرجوع عن القرار.

وتثير تعديلات السيسي لنظام الدعم حتى الآن وإعلانه أن الوقت قد حان لمعالجة سعر الخبز تذمّرا، لكن احتجاجات الشوارع محظورة ونادرة جدا.

وقال أحمد محمد، وهو عامل زراعي يعيش في القاهرة ولديه زوجة وطفلان، إنه يستطيع أن يعيش دون أن تدفع الحكومة ثمن خبزه اليومي. وأضاف “ثمة ناس محتاجون أكثر مني”.

لكن أحمد درويش، الوزير السابق الذي أشرف على الانتقال إلى نظام بطاقة الدعم الذكية في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، قال إنه "يتعين على السلطات أن تتدخل بحذر لطمأنة الناس إلى أن أيّ تعديلات لن تؤدي إلى زيادة مفرطة في معاناتهم".

وأضاف "إلى أن تقول الحكومة أن هذا الدعم ستتم زيادته بما يجاري التضخم، فإن عليهم أن يطمئنوا الناس".

وتشتري الحكومة حوالي 10 ملايين طن من القمح سنويا من الأسواق الخارجية. وتستخدم خليطا من القمح المحلي والمستورد لإنتاج الخبز المدعم.

اقرأ أيضا: القاهرة تسمح بإنشاء كيانات محلية جديدة للتصنيف الائتماني

11