طموحات الطاقة المتجددة في مصر تصطدم بعراقيل شبكة الكهرباء

58 في المئة بحلول 2040 الحصة المستهدفة للمحطات الشمسية والرياح.
الأربعاء 2024/07/03
دعك من الأوراق واقرأ عدادات المحطة

تكافح الحكومة المصرية من أجل التغلب على نقص الكهرباء بسبب عوامل متداخلة تعكس سوء إدارة السلطات للأزمة، خاصة وأن طموحاتها لإقامة مزارع جديدة للطاقة الشمسية والرياح لسد جزء من الطلب المتنامي تواجه تحديات تتعلق بالبنية التحتية للشبكة.

القاهرة – تحاول مصر الإسراع بتوفير الطاقة المتجددة بغية تخفيف حدة النقص في الكهرباء وتصدير الطاقة النظيفة إلى أوروبا، لكنها تواجه تحديات في تمويل مشاريع تجديد الشبكة وتدشين استثمارات لبناء محطات جديدة من مصادر الطاقة الشمسية والرياح.

وأشاد مسؤولون بإمكانات البلد في مجال طاقة الرياح والطاقة الشمسية وكذلك الهيدروجين الأخضر خلال مؤتمر الاستثمار بين مصر والاتحاد الأوروبي الذي استمر يومين في القاهرة مؤخرا.

كما عبروا عن آمالهم في توفير التمويل والاستفادة من جهود الأوروبيين لتنويع إمدادات الطاقة في مصر وإزالة انبعاثات الكربون من هذه الإمدادات.

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي أمام المؤتمر “أعتقد أن هذه الصناعة تمثل المستقبل لكلا الطرفين”، مضيفا أنه “يتعين على مصر تصنيع مكونات الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية وتوربينات الرياح وأجهزة التحليل الكهربائي”.

حمزة الأسد: التحدي يكمن في ربط مشاريع الطاقة النظيفة بالشبكة
حمزة الأسد: التحدي يكمن في ربط مشاريع الطاقة النظيفة بالشبكة

وتأتي هذه الطموحات بينما تقوم الحكومة بقطع الكهرباء بانتظام منذ عام بسبب أزمة طاقة مصحوبة بشحّ في العملات الأجنبية أدّى إلى عدم توافر الوقود اللازم لتشغيل محطات الكهرباء.

وكانت فترات الانقطاع في البداية تصل إلى ساعة واحدة وأحيانا أقلّ، ولكن مع زيادة الفترة في ظل موجات متتالية من الحرّ الشديد، ارتفعت وتيرة الانتقادات الموجهة للحكومة.

وليست الإجراءات الهادفة إلى خفض استهلاك الوقود على المستوى نفسه في كل أنحاء البلاد.

وتأتي أزمة الكهرباء فيما يواجه المصريون أسوأ أزمة اقتصادية منذ عقود تسبّبت بتآكل مدخراتهم وهم يكافحون من أجل توفير نفقات حياتهم اليومية.

ومنذ نهاية 2022، فقدت العملة المصرية ثلثي قيمتها، وبلغ التضخّم العام الماضي حوالي 40 في المئة مسجلا رقما قياسيا قبل أن يتراجع بشكل تدريجي ليصل بنهاية أبريل الماضي إلى 32.5 في المئة.

وقال وزير الكهرباء المصري محمد شاكر إن بلاده “تراجع أهدافها في مجال الطاقة النظيفة وتهدف إلى وصول حصتها في توليد الكهرباء إلى 58 في المئة بحلول 2040”.

وأنفقت السلطات المصرية منذ العام 2014 أكثر من 116 مليار جنيه (2.42 مليار دولار بأسعار الصرف الحالية) على تجديد شبكة نقل الكهرباء، وذلك في الوقت الذي تتطلع فيه إلى التوسع في مصادر الطاقة المتجددة.

وقال شاكر “جاهزون بالبنية التحتية”، مؤكدا أن الحكومة تقدم حوافز للمستثمرين ويمكن أن تحصل على موافقات من الرئيس عبدالفتاح السيسي لرفع الحد الأقصى لارتفاع توربينات الرياح من 150 مترا إلى 220.

وتشير بيانات هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة في مصر إلى أن التوسع في مشاريع الكهرباء النظيفة توقف إلى حد بعيد بعد افتتاح محطة بنبان للطاقة الشمسية في 2019.

وهذا الوضع أثار شكوك أوساط المتابعين للشأن الاقتصادي في أكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان في الهدف السابق المتمثل في أن يشكل ذلك النوع من الطاقة 42 في المئة من مزيج الطاقة بحلول 2030.

وتظهر الأرقام الرسمية أن أقل من 12 في المئة من قدرة الطاقة المركبة في مصر البالغة نحو 60 غيغاواط تأتي من مصادر الطاقة المتجددة.

وتُولد معظم الكهرباء عن طريق الغاز، ويتسبب نقصه في انقطاعها يوميا لفترات امتدت إلى ثلاث ساعات الأسبوع الماضي، فضلا عن انقطاع التيار بمصانع الأسمدة والكيماويات.

والأسبوع الماضي، انقطع التيار في بعض أحياء القاهرة عند منتصف الليل إضافة إلى الانقطاع المعتاد نهارا ما أدى إلى تزايد التململ.

وعقد مدبولي مؤتمرا صحفيا الثلاثاء الماضي قدّم فيه “اعتذارا للمواطنين”. وقال حينها إن “قطع الكهرباء سيستمر لمدة ثلاث ساعات يوميا”، ولكنه تعهّد بأن تعمل الحكومة على حلّ الأزمة تدريجيا بحلول نهاية العام الجاري.

وأشار إلى أن تزايد فترة قطع التيار جاء نتيجة توقف إمدادات الغاز التي تحصل عليها مصر “من إحدى الدول المجاورة” لمدة 12 ساعة، دون تسمية البلد.

2.42

مليار دولار بأسعار الصرف الحالية، قيمة الإنفاق على تطوير الشبكة منذ عام 2014

وستحتاج البلاد إلى استيراد ما قيمته 1.18 مليار دولار من زيت الوقود والغاز الطبيعي للتخفيف من انقطاع التيار الكهربائي المستمر الذي تفاقم بسبب موجات الحر المتتالية.

ومن المتوقع أن تصل الشحنات كاملة في الأسبوع الثالث من يوليو الحالي، وفق ما ذكره مدبولي أواخر يونيو الماضي، حيث أشار إلى أن الحكومة تهدف إلى وقف قطع الكهرباء خلال أشهر الصيف المتبقية.

ورفعت السلطات أسعار الكهرباء في يناير الماضي، وأعلنت أنها قد ترفعها مجددا مع بداية السنة المالية الجديدة التي بدأت مطلع يوليو الجاري.

ووقّعت القاهرة عددا كبيرا من مذكرات التفاهم في مجال الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر منذ استضافتها مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب27) في العام 2022.

وعلى الرغم من أن مصر تطمح لتصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة، وكذلك إلى أوروبا عبر كابل بحري يمتد إلى اليونان، لكن محللين يقولون إن الدولة بحاجة إلى توسيع شبكتها لتغطي مواقع المشاريع المحتملة لجعلها قابلة للاستمرار.

ونسبت وكالة رويترز إلى حمزة الأسد، رئيس إستراتيجية المناخ لجنوب وشرق البحر المتوسط في البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير الذي يساعد في تمويل تحول الطاقة في مصر، قوله “لدينا نقص في الوقود اليوم مما يعني انقطاع الكهرباء”.

وأوضح أن هذا الأمر يجعل التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة هو الطريق الأمثل للمضي قدما لكن “يجب ربطها بالشبكة وهنا يكمن التحدي”.

وذكرت مصادر مطلعة لرويترز إنه لم يتضح حتى الآن موعد بناء خطوط الربط هذه، ويرجع ذلك في جانب منه إلى الحد الأقصى للاستثمارات العامة الذي وضع هذا العام لاحتواء عبء الديون الثقيلة في مصر.

وقالت هايكه هارمجارت، المديرة التنفيذية لجنوب وشرق البحر المتوسط بالبنك الأوروبي للإنشاء، إن “تجديد الشبكة يكلف المليارات على المدى الطويل إذا أُدخلت توسيعات كبيرة عليها ووضعت احتياجات الهيدروجين الأخضر في الحسبان، رغم أنها تمثل جزءا صغيرا هذا العام”.

10