طموحات التعاون الأردني العراقي تصطدم بالحسابات الإيرانية المضادة

بغداد - لم تتأخّر قوى سياسية عراقية في شنّ حملة ضارية على مشاريع التعاون الاقتصادي بين العراق والأردن، والتي بلغت سقفا عاليا من الطموح عكسته الزيارة الأخيرة التي قام بها العاهل الأردني الملك عبدالله بن الحسين إلى بغداد بدا أنّها جزء من جهود عمّان لإحياء شراكة قديمة بالغة الفائدة للمملكة مع العراق، في مرحلة يواجه فيها الأردن مصاعب اقتصادية كبيرة ذات انعكاسات فورية على الوضع الاجتماعي لمواطنيه.
وانصبّ الاهتمام الأردني بشكل خاص على عامل الاستفادة من الثروة النفطية الضخمة للعراق، وهو ما يمكن تحقيقه عن طريق مشروع مدّ أنبوب لنقل الخام من حقول البصرة بجنوب العراق إلى ميناء العقبة جنوبي الأردن.
وخلال الفترة الماضية أخذ النقاش بشأن التعاون الاقتصادي الأردني العراقي منحى تقنيا، منقطعا عن الواقع السياسي في العراق حيث تهيمن على عملية أخذ القرار قوى دينية، شيعية بالأساس، جلّها موالية لإيران، ومهتمّة بمساعدتها في الحفاظ على نفوذها في العراق، وهو أمر يتناقض مع تقوية الروابط بين البلد وجواره العربي.
ويقول محللو الشؤون الاقتصادية إنّ إيران ستنظر إلى البلدان الساعية لإنشاء مشاريع مشتركة مع العراق كمنافسة لها، خصوصا وأنّ طهران تعوّل كثيرا على البلد ليكون متنفّسها الاقتصادي والتجاري في مرحلة العقوبات الاقتصادية الأشدّ من نوعها المفروضة عليها من الولايات المتحدة.
ومن بين القوى العراقية من يناصب المملكة الأردنية العداء بشكل معلن، خصوصا وأنّ الملك عبدالله الثاني كان صاحب السبق قبل حوالي عقد من الزمن في التحذير مبكّرا من “هلال شيعي” بصدد القيام في المنطقة بدفع من إيران.
وجاءت مواقف قوى وشخصيات عراقية من المشاريع الاقتصادية المشتركة بين الأردن والعراق، متّسقة مع الموقف المسبق من المملكة الأردنية، ومتوافقة أيضا مع المصلحة الإيرانية.
وقال زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، الخميس، إنّ من الضروري أن ينطلق العراق من مصالحه في علاقاته مع الآخرين. وأضاف الخزعلي المعروف بمواقفه الراديكالية، في تغريدة على تويتر “هذا يشمل كل دول الجوار بما فيها المملكة الأردنية. ولذلك يجب أن تكون التسهيلات التي يقدّمها العراق على أساس وجود منفعة مقابلة”.
ومن جهته هاجم عبدالسلام المالكي النائب بالبرلمان العراقي عن ائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي مشروع أنبوب النفط البصرة-العقبة بشكل مباشر وطالب بإلغائه.
وعن القضية ذاتها، أصدر النائب عن تحالف الفتح عبدالأمير التعيبان، بيانا قال فيه إنّ الحكومة هي المسؤولة على الثروة النفطية أمام الشعب، وواجبها استثمارها لمصلحة المواطن لا الدول المجاورة.
وكان تفعيل مشروع أنبوب البصرة-العقبة، وتأهيل الطريق البري بين عمان وبغداد، وإنشاء المنطقة الصناعية المشتركة على الحدود بين العراق والأردن ضمن المواضيع الذي بحثها العاهل الأردني مع كبار المسؤولين العراقيين خلال زيارته الأخيرة للعراق.
ويعاني الأردن من أزمة اقتصادية مع تدفق اللاجئين من جارته سوريا إثر اندلاع النزاع فيها العام 2011 وانقطاع إمدادات الغاز المصري وإغلاق حدوده مع سوريا والعراق بعد سيطرة تنظيم داعش على مناطق واسعة فيهما.
ويقدّم التعاون الاقتصادي مع العراق حلولا مثالية وسهلة نسبيا لتلك المشاكل، لكنّ المعضلة تظلّ قائمة في الجانب السياسي، مع وجود قوى مسيطرة على القرار العراقي، وتعمل على توجيهه وفق توجهاتها الأيديولوجية وحتى حساباتها الطائفية، والسياسية ذات الصلة الوثيقة بتوجهات إيران ومصالحها.
للمزيد: الأردن يحاول تحريك الاقتصاد بالنفط العراقي والغاز المصري