طلب الطلاق في إنجلترا لم يعد مشروطاً باتهام الشريك بارتكاب خطأ ما

لم يعد طلب الطلاق في إنجلترا مشروطا بارتكاب الشريك فاحشة الزنا أو بإتيانه سلوكا غير سوي أو بالهجر بعد التعديلات التي ستدخل على قانون الطلاق، حيث سيصبح بإمكان الزوجين الانفصال دون الانتظار مدة طويلة. وكان الكثير من الأزواج ينتظرون هذه الإصلاحات وخصوصا من خسروا سابقا قضية الطلاق.
لندن - بدأت إنجلترا وويلز تخففان شروط الطلاق المنصوص عليها في قوانينهما، إذ تدخل حيّز التنفيذ تعديلات تتيح للزوجين من الآن فصاعداً الانفصال ودياً دون الانتظار مدة طويلة أو الاضطرار إلى اتهام الشريك بارتكاب خطأ ما.
وكان طلب الطلاق مشروطاً بضرورة تعليله بارتكاب الشريك فاحشة الزنا أو بإتيانه سلوكا غير سويّ أو بالهجر (أي ترك أحد الزوجين الآخر لمدة عامين على الأقل)، أو حتى الانفصال لمدة عامين في حالة الاتفاق وخمس سنوات في حالة الخلاف. ولا يزال معمولاً بهذه القواعد في أيرلندا الشمالية ، في حين أن لدى أسكتلندا تشريعات أكثر مرونة، إذ أن الطلاق فيها ممكن دون تعليله بخطأ، ويمكن إعلانه بعد عام واحد من الانفصال.
ومع أن الخبراء توقعوا سيلاً من حالات الطلاق من قبل الأزواج الذين كانوا ينتظرون الإصلاحات، رأوا في المقابل أنها ستؤدي أيضاً إلى زيادة معدلات الزواج كونها تسهّل إنهاءه في حال ساءت العلاقة بين الزوجين.
وتمثّل هذه التعديلات خطوة مهمة في رأي تيني أوينز التي خسرت عام 2018 معركتها أمام القضاء لإنهاء زواج دام 40 عاماً، وشكلت قضيتها منطلقاً لتعديل القانون.
وقالت “ينبغي ألا يكون أحد مضطراً إلى البقاء ضمن حياة زوجية بلا حب أو خوض معركة قانونية طويلة ومكلفة لإنهاء الزواج”.
طلب الطلاق كان مشروطا بضرورة تعليله بارتكاب الشريك فاحشة الزنا أو بإتيانه سلوكا غير سويّ أو بالهجر
إلا أن وكيلها المحامي سايمن بيكلي رأى أن هذه الإصلاحات ليست كافية، ملاحظاً أن ثمة فترة لا تقل عن 20 أسبوعاً بين بدء الإجراء والأمر المشروط، وستة أسابيع إضافية قبل النطق بالطلاق.
وكان وزير العدل البريطاني السابق ديفيد جوك قد أكد أنّه سيتم إصلاح في إنجلترا وويلز حتى يتمكن الشريكان من الانفصال بشكل أسرع.
وبموجب القواعد الحالية يتعين على أحد الزوجين أن يثبت حالة الزنا أو السلوك غير المعقول من قبل الآخر لبدء إجراءات الطلاق على الفور. أما القانون الجديد فيفرض عليهما فقط أن يذكرا أن الزواج قد انهار بشكل غير قابل للإصلاح. كما أن رفض شريك واحد للطلاق لن يمنع أو يؤجّل ذلك.
وقال جوك إن التغييرات ستساعد في إنهاء “لعبة اللوم”. وفي حديث له لهيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” قال “بصراحة لن نحافظ على الزيجات من خلال عملية طلاق أكثر قسوة، تجعل علاقة الزوجين أضعف مما كانت عليه، عبر محاولة أحدهما إلقاء اللوم على الآخر”.
وتأتي التغييرات إثر رفض المحكمة العليا لاستئناف امرأة الطلاق بعد أن رفض زوجها الموافقة على الانفصال.
وفي عام 2018 طلبت تيني أوينز (68 عامًا)، من مقاطعة وورسيسترشاير غرب ميدلاندز في إنجلترا، الطلاق بعد زواج دام 40 عامًا، على أساس أنها غير سعيدة. لكن زوجها هيو رفض الموافقة عليه، كما رفضت المحكمة العليا بالإجماع استئنافها. ما يعني أنّه ينبغي على الزوجين البقاء متزوجين حتى عام 2020.

وقد دعت البارونة، وهي أكبر قاضٍ في المملكة المتحدة وواحدة من القضاة الذين يشرفون على هذه القضية، مرارًا وتكرارًا إلى إصلاح القوانين، ووصفتها بأنها “غير عادلة”.
وستشمل القواعد الجديدة إطارًا زمنيًا لا يقل عن ستة أشهر من مرحلة الالتماس إلى المرسوم المطلق، أي المستند القانوني الذي ينهي الزواج. وفي نهاية هذه الفترة يُطلب من مقدّم الطلب مواصلة تأكيد قراره الذي يقضي بأنّه يريد الحصول على الطلاق، قبل منحه إيّاه.
من جهتها تقول الحكومة إن هذا سيمنح فترة للتفكير وفرصة للعودة. بالإضافة إلى ذلك سيسمح للأزواج باستئناف جديد للتقدم بطلب الحصول على الطلاق بشكل مشترك.
ويعتبر إدخال نظام “اللا خطأ” للحصول على الطلاق هاماً ويمثل أكبر تغيير في قانون الطلاق منذ 50 عامًا.
وكتبت هيئة الإذاعة البريطانية أن ما حدث هو نتيجة نظام الطلاق الحالي القائم على وجود خطأ في الزواج، وهي مسألة تؤدي إلى المزيد من التوتر في مرحلة مرهقة، كما تعرّض الأطفال إلى الآثار المدمرة للنزاع المستمرّ بين والديهم أثناء الطلاق وبعده.
وبينما يحاول نظام العدالة الأسرية الأوسع مساعدة الناس على حل القضايا بطريقة ودية، فإن عملية الطلاق الحالية يمكن أن تصعّب الأمور، بسبب العملية القانونية التي تُفرَض عندما يحاول الأزواج إنهاء علاقتهم واتخاذ ترتيبات معيشة معقولة لأطفالهم.
وبموجب النظام الحالي يمكن للوالدين اللذين يحتاجان إلى العمل معاً من أجل تحقيق أفضل مصالح لأطفالهم، أن يكافحا للتغلب على مشاعر العداء والمرارة الناجمة عن استخدام نظام وجود “الخطأ” في العلاقة الزوجية لمجرد إرضاء العملية القانونية. كذلك ثبت أن هذا النظام القائم على وجود الخطأ واللوم أو الاضطرار إلى إثبات الانفصال لمدة عامين أو خمسة أعوام، لم يساعد الأزواج على المضي قدمًا في حياتهم.

وتأتي هذه الخطط بعد مشاورة عامة استمرت 12 أسبوعًا وأظهرت دعمًا واسعًا للطلاق دون ارتكاب “خطأ”.
ووفقاً للقانون الحالي، عندما يزعم أحد الشركاء حالة الزنا أو السلوك غير المعقول -وهو ما يُعرف أحيانًا بأسباب الطلاق “القائمة على الخطأ”- قد تستغرق عملية الطلاق بأكملها فترة تتراوح بين ثلاثة وستة أشهر. أما الطرق الأخرى الوحيدة، المعروفة باسم “الطلاق دون خطأ”، فتستغرق وقتًا أطول.
كما يتعين على الأزواج أن يثبتوا فقط أنهم يعيشون منفصلين (ويمكن أن يشمل ذلك العيش في المنزل نفسه شريطة ألا يتشاركوا السرير أو ألا يعيشوا كأزواج) لفترة معينة من الزمن.
وفي إنجلترا وويلز يمكن أن تبدأ إجراءات الطلاق بعد عامين في حال اتفاق الطرفين، وبعد خمس سنوات إذا لم يوافق أحد الزوجين على الانفصال.
ويمكن أن يكون الهروب أيضًا سببًا للطلاق في إنجلترا وويلز، إذا تم التخلي عن الشريك لأكثر من عامين دون اتفاق أو سبب وجيه.
وتشير الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني في بريطانيا إلى أن 42 في المئة من جميع الزيجات في المملكة المتحدة تنتهي بالطلاق، لكن الأزواج يقيمون معاً فترة أطول حيث يبلغ متوسط الزواج 12.2 سنة. ومع ذلك ظلت تكلفة الحصول على الطلاق مرتفعة، بل واصلت الارتفاع.
ويقول المحامون إن متوسط فاتورة الطلاق بالمملكة المتحدة ارتفع بنسبة 17 في المئة على مدى السنوات الثلاث الماضية، ويبلغ الآن أكثر من سبعين ألف جنيه إسترليني.