طفرة تقنيات مراقبة السائق تغير نمط قيادة المركبات

المطورون يعكفون على ابتكار تكنولوجيا أكثر فاعلية لزيادة مستوى السلامة وتقليل حوادث السير.
الأربعاء 2025/05/21
عليك الانتباه للطريق عزيزي السائق

تقنية مراقبة السائق لم تعد رفاهية، بل أصبحت ضرورة في عالم السيارات المتطور، وفي ظل استمرار التقدم في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، ومن المتوقع أن تلعب هذه التكنولوجيا دورا متزايدا في تحقيق القيادة الآمنة والذكية، ما يفتح آفاقا جديدة لمستقبل المواصلات الخالية من الحوادث.

لندن- أصبحت تقنيات مراقبة السائق أحد أبرز التطورات التي تُحدث تحولا في مفهوم القيادة الآمنة الذي تركز عليه معظم شركات تصنيع السيارات، وذلك في ظل مع التطور المتسارع في صناعة السيارات وازدياد الاهتمام بسلامة السائقين والركاب.

وتستند هذه التكنولوجيا إلى استخدام الكاميرات وأجهزة الاستشعار لتحليل سلوك السائق ومراقبة حالته الذهنية والجسدية، ما يسهم في تقليل الحوادث الناتجة عن التعب أو التشتت أو حتى النعاس.

ويجمع المختصون أن مراقبة السائق من التقنيات التي تزيد من عوامل السلامة والأمان في السيارة، وذلك بمساعدة البيانات التي يتم نقلها عن طريق الكاميرا وتحليلها عن طريق أنظمة خاصة، منها تقنيات الذكاء الاصطناعي، لكنها في النهاية لا تخلو من المشاكل.

وأوضح خبراء مجلة السيارات “أوتو غاتسيته” الألمانية في تقرير نشر في أبريل الماضي أن التقنية الجديدة من شأنها تعزيز التحول الرقمي والتطور نحو القيادة الآلية.

فريد مرابط: نحتاج فقط إلى معالج دقيق صغير قادر على إجراء الحسابات

وأشاروا إلى أنها تمثل خطوة نحو زيادة المهام، التي تتولاها السيارة، وهو الأمر المهم جدا في الوقت الحالي في مراحل الانتقال بين القيادة التقليدية والقيادة الآلية.

وداخل ورش الابتكار في مصانع السيارات الحديثة يعول المطورون في المقام الأول على الأنظمة المعتمدة على الكاميرات، فعادة ما يتم تثبيت كاميرا في منطقة قمرة القيادة أو في مرآة الرؤية الخلفية، والتي تقوم بمسح وجه السائق بشكل مستمر.

وفي أكثر من 85 في المئة من الحالات بشأن حوادث المرور، يكون العامل البشري هو المسؤول الأول، حيث تُعدّ عوامل التشتيت والتعب والنعاس واستهلاك الكحول ومواد أخرى أسبابا متكررة.

وإدراكا منها لذلك، تعمل صناعة السيارات على تطوير أنظمة سلامة نشطة تُراقب، من بين أمور أخرى، انتباه السائقين وتُنذرهم عند تشتت انتباههم.

وطوّر باحثون من مجموعة نيبهوس البحثية في الفترة الأخيرة نموذجا أوليا قادرا على القيام بذلك بكفاءة أكبر من الأنظمة التقليدية، بحسب تقرير نشرته منصة تك إكسبلور قبل أيام.

ويُعدّ النظام الذي يقترحونه بسيطا نسبيا، وهنا تكمن قوته الرئيسية، حيث يتم تركيب جهاز رادار صغير ومنخفض الكلفة قادر على إصدار وكشف الموجات الكهرومغناطيسية على حاجب شمس السائق.

ويُوضع سطحان انتقائيان للتردد (أف.أس.أس)على مسند الرأس على جانبي رأس السائق. ويُعدّل كل سطح موجات الرادار بحيث عندما ترتد إلى جهاز الاستقبال، يتمكن الجهاز من تمييز السطح الذي تأتي منه سواء اليمين أو اليسار.

وعندما يحرك السائق رأسه، يُحجب خط الرؤية بين الرادار وأحد أسطح نظام تحديد المواقع العالمي بدرجة أو بأخرى. وبهذه الطريقة، يتمكن النظام من مراقبة حركات السائق.

وقام فريق البحث بمعايرة النظام في المختبر وداخل سيارة (متحرك وثابت) لربط حركات الرأس بحالة انتباه السائق أثناء القيادة.

وباستخدام المعلومات التي جُمعت من الاختبارات التجريبية، طوّروا خوارزمية تُحدد حالة انتباه السائق بناء على تواتر حركات الرأس.

ويوضح فريد مرابط الباحث في قسم الهندسة الكهربائية والإلكترونية والآلية في المجموعة البحثية قائلا “أثناء القيادة، عادة ما تنظر إلى الأمام مباشرة، مع تغييرات طفيفة في اتجاه رأسك للتحقق من المرايا والجوانب، وتختلف الحركات عندما يكون انتباهك مشتتا.”

◄ مراقبة السائق من التقنيات التي تزيد من عوامل السلامة والأمان في السيارة، وذلك بمساعدة البيانات التي يتم نقلها عن طريق الكاميرا وتحليلها عن طريق أنظمة خاصة

وبفضل بساطته، يتمتع هذا النظام بمزايا كبيرة مقارنة بالأنظمة التقليدية، فبينما يستخدم الكثيرون كاميرا لتسجيل السائق، يعتمد بديل المركبات ذاتية القيادة (يو.آر.في) على تقنية الرادار.

وهذا له فوائد أكثر مما قد يتوقعه المرء بما أن هذه التقنية لا تتضمن صورا، فلا توجد أيّ مشاكل تتعلق بحقوق الصور أو الخصوصية. كما يمكن تحسين وتبسيط الأجهزة، ما يقلل بشكل كبير من تكاليف التصنيع والصيانة واستهلاك الطاقة.

وقال مرابط في تصريح لمنصة تك إكسبلور “لا تحتاج إلى جهاز كمبيوتر كبير، معالج دقيق صغير قادر على إجراء الحسابات.”

ومن السمات المميزة الأخرى للنموذج الأولي ما يُسمى “الحصانة الصوتية”،  فالأنظمة التي تكتشف مواقع الأجسام بالموجات فوق الصوتية – كما تفعل الخفافيش – معرضة للتداخل الصوتي.

وهذا ليس هو الحال مع الرادار، الذي يتميز بميزة أخرى على الكاميرات، حيث لا يعتمد على ظروف الإضاءة.

وعلى الرغم من إمكانات هذه التقنية، إلا أن مرابط حذر بشأن تطبيقها. ويقول “سيتطلب الأمر الكثير من الاختبارات الميدانية وعملية تحقق طويلة قبل أن يتم تنفيذها.”

وبالإضافة إلى تطوير النموذج الأولي، اكتشف الباحثون استخدامات أخرى محتملة لأسطح أف.أس.أس في كشف الحركة، مع آثار محتملة متنوعة للغاية.

ويعملون الباحثون في نيبهوس على نظام يتعرف على إيماءات السائق الأكثر تعقيدا، ويمكن استخدامه للتحكم في ملحقات السيارة مثل الراديو أو التدفئة.

ويمكن تطبيق هذه التقنية أيضا في تحسين إمكانية الوصول والاستقلالية للأشخاص ذوي الحركة المحدودة، وفي الطب، في تطوير أنظمة اتصال قابلة للارتداء يمكنها قراءة المؤشرات الحيوية، ما يُغني عن الإجراءات الجراحية.

◄ التقنية الجديدة تتمثل في وضع سطحين  للتردد على مسند الرأس على جانبي السائق ويعدلان موجات الرادار لترتد إلى جهاز الاستقبال
التقنية الجديدة تتمثل في وضع سطحين  للتردد على مسند الرأس على جانبي السائق ويعدلان موجات الرادار لترتد إلى جهاز الاستقبال

وتعمل الأنظمة الشائعة عن طريق كاميرات بالأشعة تحت الحمراء ثنائية الأبعاد، والتي تتعرف على الوجوه بشكل دقيق حتى في الظلام.

وتستخدم بعض الأنظمة الأعلى سعرا كاميرات ثلاثية الأبعاد مزودة بأجهزة استشعار العمق المعروفة من عالم الهواتف الذكية. وتلتقط هذه الأنظمة خصائص مكانية، وبالتالي يصعب خداعها، على سبيل المثال عن طريق الصور أو الأقنعة.

وتذهب بعض المفاهيم الأكثر تطورا إلى ما هو أبعد من ذلك، فهي تجمع بين التعرف على الوجه وتتبع العين أو البيانات الحيوية مثل معدل ضربات القلب والتنفس للحصول على صورة أكثر شمولا لحالة السائق.

وعلى الرغم من هذه المزايا، التي تزيد من السلامة والراحة وزيادة كبيرة في عامل الأمان ضد السرقة، إلا أن التقنية لا تخلو من المشاكل.

وهناك شق من الخبراء يحذر من مخاوف تتعلق بحماية البيانات، وذلك على الرغم من تأكيدات شركات الإنتاج على أن تحليل البيانات يتم في السيارة ولا يتم تخزين أو نقل أيّ بيانات خارج السيارة.

كما قد يواجه المستخدم بعض المشاكل عند ارتداء نظارة شمسية أو مع وجود تغييرات في وجه بسبب اللحية، وهو ما يتسبب في تشوش النظام.

15