طفرة العقارات تقود الصكوك الإماراتية إلى التفوق عالميا

البلد بات وجهة مفضلة لمديري الاستثمار العالميين الباحثين عن فرص محصنة ضد تهديدات ترامب.
الجمعة 2025/03/28
نشاط مزدهر لأعمال البناء ودون توقف

تؤكد المؤشرات أن الصكوك الإماراتية استفادت بشكل واضح من النمو السريع للقطاع العقاري في الإمارات، بالنظر إلى متطلبات التمويل الضخمة لتنفيذ المشاريع، مما جعلها أكثر جذبا للمستثمرين المحليين والدوليين الذين لا يزالون يراهنون على طفرة أكبر لتحقيق المزيد من المكاسب.

دبي - ساهمت الطفرة العقارية في دبي وأبوظبي في تحقيق انتعاش قياسي بسوق الصكوك الإماراتية، مما جعلها من بين الأفضل عالميا منذ تنصيب الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

وحققت الأوراق المالية المتوافقة مع الشريعة الإسلامية في الإمارات عائدا متوسطا للمستثمرين بلغ 2.5 في المئة منذ العشرين من يناير الماضي، متفوقة على الولايات المتحدة لتصبح الأفضل أداءً في سوق الصكوك، حسب مؤشر بلومبيرغ لهذه الفئة من الأصول.

ويبلغ متوسط عائد الصكوك السعودية 2.4 في المئة، والكويت وماليزيا 2.1 في المئة، والفلبين اثنين في المئة، وقطر 1.8 في المئة، والولايات المتحدة 1.4 في المئة وهونغ كونغ 1.2 في المئة.

فادي جندي: إعمار أكبر مستفيد بفضل وضعها وتصدرها السوق
فادي جندي: إعمار أكبر مستفيد بفضل وضعها وتصدرها السوق

وتُعدّ صكوك شركتي إعمار العقارية، التي تتخذ من دبي مقرا لها، والدار العقارية، ومقرها أبوظبي، من بين الأفضل أداءً خلال تلك الفترة.

وباتت دولة الإمارات الوجهة المفضلة لمديري الاستثمار العالميين الباحثين عن فرص محصنة ضد تهديدات ترامب بالرسوم الجمركية والصراعات الجيوسياسية، والتباطؤ الاقتصادي.

وجعلت شركات إدارة الأصول بما في ذلك تشاين كابيتال وناينتي ون السوق الإماراتية استثمارا رئيسيا في محافظها للأسهم.

ويكمن جوهر هذه الجاذبية بأسواق العقارات في دبي وأبوظبي، حيث يحفز النمو الذي يقوده الوافدون الطلب على المساحات السكنية والتجارية والمكتبية.

وسجلت أسعار المنازل في المدينتين ارتفاعا بنسبة 17.5 في المئة و12.3 في المئة على التوالي خلال الأشهر الـ12 الماضية، حسب شركة ريدين التي تقدم بيانات وتحليلات عن سوق العقارات.

وتمنح عوائد الإيجار المرتفعة، إلى جانب المطورين المدعومين من الحكومة، المستثمرين ثقة في القطاع، رغم تباطؤ معدلات النمو القوية في السنوات الماضية.

ويجري تداول صكوك إعمار العقارية المستحقة في عام 2029 بالقرب من أعلى مستوى لها منذ الخامس من نوفمبر الماضي، وذلك بعد تحقيق الشركة نتائج فاقت التوقعات الشهر الماضي، ورفعت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية تصنيفها الائتماني على هذا الأساس.

ونسبت وكالة بلومبيرغ إلى فادي جندي مدير الدخل الثابت في أرقام كابيتال قوله “تُعد إعمار المستفيد الأكبر من حيث الطفرة العقارية في دبي بفضل وضعها الراسخ وتصدرها السوق”.

وأوضح أن ارتفاع صكوك إعمار يستند إلى نتائجها القوية التي تشمل مبيعات قياسية وسيولة وفيرة.

وتعتبر الشركة، التي تستحوذ على ما يقرب من ثلث مبيعات العقارات في دبي، مؤشرا رئيسيا على قوة قطاع العقارات في مركز الأعمال بالشرق الأوسط.

شركات إدارة الأصول بما في ذلك تشاين كابيتال وناينتي ون جعلت السوق الإماراتية استثمارا رئيسيا في محافظها للأسهم

وفي العام الماضي، سجلت ذراع التطوير لشركة إعمار مبيعات وأرباحا قياسية، مدفوعة بزيادة الطلب على المنازل المبيعة قبل إنشائها، والتي سددها المشترون نقدا على أقساط، وذلك بفضل الإقبال القوي من جانب المقيمين والمستثمرين الأجانب.

وارتفعت مبيعات إعمار للتطوير بنسبة 75 في المئة مقارنة بالعام السابق، إلى 17.8 مليار دولار، بينما نمت قيمة المشاريع المتراكمة بنسبة 59 في المئة خلال ديسمبر مقارنة بالعام السابق، لتبلغ 24.78 مليار دولار.

ويقول محللو القطاع إن هذا الوضع عزز ثقة المستثمرين عبر ضمان تحقيق إيرادات على مدى السنوات القادمة.

وأعلنت الدار عن ارتفاع أرباحها قبل الفوائد والضرائب بنسبة 51 في المئة خلال عام 2024، رغم ارتفاع المبيعات بنسبة 20 في المئة. وتقول الشركة إنها تحقق الآن 78 في المئة من مبيعاتها من العملاء الأجانب والوافدين.

وتمثل هذه زيادة من أقل من 20 في المئة مقارنةً بالسنوات التي سبقت إطلاق الإمارات برنامج التأشيرة الذهبية، مما يشير إلى أن الطلب على العقارات مدفوع بالمستخدمين النهائيين أكثر من كونه ناتجا عن المضاربة، وفقا لشركة تشاين كابيتال.

في وقت سابق من مارس، أصدرت الدار صكوكا خضراء بقيمة 500 مليون دولار لأجل 10 سنوات، وبلغت طلبات الاكتتاب ستة أضعاف القيمة المطروحة. وفي الوقت نفسه، حققت صكوكها المستحقة في عامي 2033 و2034 عوائد تجاوزت 3 في المئة منذ أواخر يناير الماضي.

وقال جندي إن “الدار تستفيد من مكانتها الرائدة في سوق أبوظبي وهيكل ملكيتها القوي.” وأضاف “لقد أعلنت الشركة عن نتائج قوية لعام 2024، وتستهدف مضاعفة أرباحها قبل الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء خلال السنوات الثلاث المقبلة.”

وعالميا، بلغ إجمالي إصدارات الصكوك في عام 2024 حوالي 180 مليار دولار، ولا تزال السوق تسير بخطى ثابتة للوصول بهذه الإصدارات إلى مبلغ إجمالي قدره تريليون دولار في السنوات القليلة القادمة.

1

تريليون دولار حجم إصدارات الصكوك الذي يتوقعه البنك الدولي في السنوات المقبلة

وشهد العام الماضي العديد من المعاملات الدولية البارزة مثل إصدار إندونيسيا لصكوك خضراء لأجل 30 عاما، وإصدار بقيمة 5 مليارات دولار من السعودية، وإصدار صكوك استدامة بقيمة 2.5 مليار دولار من البنك الإسلامي للتنمية.

ويقول البنك الدولي إن هذه المعاملات تظهر مدى عمق هذه السوق، حيث كانت أكبر البلدان من حيث الإصدارات خلال ذلك العام هي ماليزيا والسعودية وإندونيسيا.

وبالرغم من أن النمو السنوي لإصدارات الصكوك لا يزال مذهلا، فإن مفتاح تحقيق كامل إمكانات النمو في هذه السوق يكمن في جذب المزيد من مؤسسات الاستثمار التقليدية، بحسب البنك الدولي.

وباستثناء مراكز التمويل الإسلامي الرئيسية في دول الخليج وجنوب شرق آسيا وبعض مشتري الصكوك المنتظمين في أوروبا والولايات المتحدة، فإن المؤسسات الاستثمارية ليست على دراية بالصكوك أو تعتبرها منتجا غير مألوف لا يتوافق مع أعمالها.

ولكن خبراء البنك الدولي يعتقدون أنه إذا تعامل المزيد من هذه المؤسسات مع الصكوك على أنها مكافِئة للسندات بوصفها أدوات استثمارية ذات دخل ثابت، فقد تصل سوق الصكوك إلى مستوى آخر من النمو والتطوّر.

ولطالما أشار المعلّقون إلى القواسم المشتركة بين الصكوك والسندات الخضراء. فعلى سبيل المثال، تركز كلتا الأداتين على استخدام الحصيلة مع الاستعانة بهيئات تحقُّق خارجية ومستقلة.

وعلاوة على ذلك، أدى ظهور الصكوك الخضراء، التي تم إصدارها لأول مرة في ماليزيا عام 2017، إلى الجمع بين هذين المنتجين، ومنذ ذلك الحين، نمت الصكوك الخضراء إلى جانب الصكوك المستدامة لتمثل نحو 10 في المئة من إجمالي سوق الصكوك.

10