طفرة الطروحات السعودية تؤثر على البرنامج المصري

انفتاح الشركات في البلد الخليجي على الأسواق العالمية يقوض نجاح بورصة القاهرة.
الاثنين 2024/04/08
لماذا كل هذا الهدوء المطبق على التداولات؟

حذر خبراء من تأثير طفرة الطروحات الحكومية السعودية خلال عام 2024 على مسار البرنامج ذاته في مصر، واعتبروها عائقا كبيرا، لاسيما مع الانفتاح العميق لشركات البلد الخليجي وارتباطها الوثيق بعدد من الأسواق العالمية المهمة، ما يوسع فرص جذب المستثمرين الأجانب إلى أسهمها، مقارنة مع بورصة القاهرة.

القاهرة - يواجه برنامج الطروحات الحكومية في مصر منافسة سعودية قوية قد تؤدي إلى تقويض خطط القاهرة في إعادة هيكلته، والتي شرعت فيها مؤخرا، من خلال الرهان على توحيد سعر الصرف وحل أزمة تحويل أموال المستثمرين إلى الخارج.

ومن المتوقع أن تشهد السوق السعودية طرحا ثانويا بقيمة 20 مليار دولار لشركة أرامكو العملاقة، كما يدرس صندوق الاستثمارات العامة (صندوق الثروة السيادية) مزيدا من الاكتتابات في شركات ضمن محفظته العام الجاري، وطرح حصص جديدة بشركات متداولة بالفعل.

وتهدف الرياض من وراء زيادة النسب المطروحة من شركاتها أو بيع حصص ضئيلة من شركات عملاقة مثل أرامكو إلى التحوط من أيّ أزمات مستقبلية، أي توسيع قاعدة ملكية الشركات عبر زيادة المشاركين في تملكها والمشاركين للسلطات في القرارات.

سيد عويضي: تذبذب العملة وارتفاع الفائدة يعرقلان طروحات مصر
سيد عويضي: تذبذب العملة وارتفاع الفائدة يعرقلان طروحات مصر

ولا تستغرق قرارات السلطات السعودية في عمليات الإدراج الجديدة وقتا طويلا، مثل الحالة المصرية، لاعتماد البلد الخليجي على كيانات عالمية في الترويج، ولا تبيع تحت ضغوط مالية، وتعتبر الشركات المطروحة كيانات واعدة تحقق أرباحا كبيرة.

ويتزامن مع الطفرة السعودية المرتقبة إعلان مجموعة إي.أف.جي القابضة المصرية المالكة لأكبر بنك استثمار في المنطقة إي.أف.جي هيرميس عزمها إدارة 6 طروحات بالسعودية هذا العام من خلال هيرميس، كما قررت زيادة موظفيها في السعودية بنحو 30 في المئة.

وقامت إي.أف.جي هيرميس بتقديم المشورة بشأن الطرح العام الأولي لشركة أرامكو في العام 2019. وعلى الرغم من توسعها بالسوق السعودية مؤخرا، حيث الظروف المواتية، لكنها خطوة تعزز الناتج الإجمالي المصري في النهاية.

ومع مسعى القاهرة لتنشيط برنامج الطروحات الحكومية الذي يعد نافذة مهمة لتدفق العملات الأجنبية للبلاد، إلا أنه يتحرك بعشوائية وعدم وجود رؤية واضحة، ودائما ما تحججت السلطات بأن التوقيت غير ملائم الفترة الماضية.

وتدفع تلك العشوائية بنوك الاستثمار الكبرى مثل هيرميس إلى البحث عن فرص واعدة في الأسواق المجاورة، مثل السعودية، ولذلك يُثبط سوء تنظيم البرنامج الكيانات المتخصصة في إدارة الطروحات ويعزز من رغبتها في الانتشار خارجيًا.

وحسب تصريحات لوزير المالية المصري محمد معيط، فإن بلاده تستهدف عوائد تصل إلى 6.5 مليار دولار من برنامج الطروحات الحكومية بنهاية العام الجاري، موضحا أن البرنامج يعزز قدرة مصر على تلبية الاحتياجات التمويلية.

ويرى محللون أنه يمكن اعتبار مشاركة هيرميس في طرح عدد كبير من الشركات السعودية حملة ترويج في الأسواق الخارجية، يمكن من خلالها توطيد العلاقات مع مستثمرين أجانب جدد للمشاركة في الطروحات المصرية المرتقبة، مع منحه دورا كبيرا في برنامج الحكومة.

برنامج الطروحات المصري يتحرك بعشوائية وعدم وجود رؤية واضحة، ودائما ما تتحجج السلطات بأن التوقيت غير ملائم

ولدى إي.أف.جي هيرميس، وفق خطتها المعلنة أخيرا، أربع صفقات طرح عام أوّلي قيد التنفيذ في دولة الإمارات، وواحدة في الكويت واثنتان في مصر، كما يخطط البنك الاستثماري لمواصلة زيادة عدد موظفيه في الإمارات.

وقال محلل أسواق المال والاستثمار سيد عويضي إن “القاهرة لا يمكنها الدخول في تنافس مع سوق تداول السعودية بخصوص مسألة الطروحات وجذب الأجانب إليها، لأن المنافسة ترجح كفّة المملكة للاستقرار الاقتصادي على مستوى السياسات النقدية”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “مصر بها سعر فائدة مرتفع وسعر صرف لم يستقر بشكل تام، لكنه بات سعرا واحدا للعملة بالبنوك، ومعدلات تضخم متفاقمة وهي أبرز العوامل التي يهتم بها المستثمرون في البورصة قبل اتخاذ قرارهم الاستثماري”.

ويشير الواقع العملي إلى أن الأجانب يفضلون الاستثمار في أذون وسندات الخزانة المصرية حاليا عن شراء الأسهم، لأن العائد الدولاري عليها يبلغ نحو 30 في المئة سنويا دون مخاطرة.

وشهد آخر عطاء لأذون وسندات الخزانة لأجل 364 يوما، طلبات وصلت إلى 400 مليار جنيه وهو ما يعادل نحو 8.5 مليار دولار.

ويرجع سبب إقبال الأجانب على تلك الأدوات الاستثمارية في مصر إلى كونهم يقتنصون فائدة أعلى من بلدانهم بنحو 24 في المئة.

نادي عزام: لدى المستثمرين الأجانب ثقة أكبر في الشركات السعودية
نادي عزام: لدى المستثمرين الأجانب ثقة أكبر في الشركات السعودية

ومع ثبات أسعار الصرف عند مستوياتها الحالية ووفرة الدولار في الأجل المتوسط، تفضل صناديق الاستثمار المحلية وبنوك الاستثمار أدوات الدين الحكومية أيضا.

وتوقع عويضي أن تهدأ معدلات التضخم أو انتهاج سياسات نقدية توسعية بخفض الفائدة من قبل البنك المركزي المصري في النصف الثاني من 2024، بفضل التدفقات النقدية الأجنبية، والتي من المنتظر أن تُفضي إلى المزيد من الاستقرار على الأوضاع الاقتصادية.

وتعتبر السعودية سوقا مهمة للغاية، نظرا لما تتمتع به من سيولة وقاعدة المستثمرين، فضلا عن العدد الهائل من الصناعات التي يمكن الاستثمار فيها.

كما أن السوق في أكبر اقتصادات المنطقة العربية فريد جدا في المنطقة من حيث عمق القطاعات المدرجة بالفعل هناك أو التي تسعى للإدراج، وفق بنك الاستثمار إي.أف.جي هيرميس.

وأكد المحلل الاقتصادي نادي عزام أن البورصة المصرية تصعب عليها منافسة سوق تداول السعودية الفترة الراهنة، حيث وصلت الثانية إلى رتبة العالمية، ويجب على القاهرة اختيار توقيتات مخالفة للطروحات السعودية المرتقبة كونها جاذبة للأجانب.

وأوضح لـ”العرب” أن تداولات سوق الأسهم السعودية تبلغ نحو 8 مليارات ريال، أي ما يعادل 100 مليون جنيه كمتوسط يومي، بينما التعاملات في البورصة المصرية تبلغ 4 مليارات جنيه، أي نحو 317.5 مليون ريال، ما يكشف عن صعوبة المنافسة بين السوقين.

وذكر عزام أن عددا من الشركات السعودية محط اهتمام المستثمرين الأجانب، نتيجة الإدراج المزدوج لمجموعة منها في الأسواق العالمية، مثل بورصتي وول ستريت ولندن، إلى جانب التعامل في سوق “تداول”، وبالتالي تكتسب ثقة لدى الأجانب.

وخطت القاهرة خطوة مهمة في ضوء تدفقات العملات الأجنبية عبر تحرير سعر الصرف، وعقد صفقة مشتركة مع الإمارات بتطوير مدينة رأس الحكمة، وموافقة صندوق النقد الدولي أخيرا على زيادة قرض طلبته القاهرة من 3 إلى 8 مليارات دولار.

ومع ذلك، فإنه من أجل إنعاش سوق الطروحات العامة ينبغي رؤية المزيد من التدفقات الأجنبية إلى سوق الأسهم وتدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية.

11