طفرة التكنولوجيا تغير اتجاهات أسواق العمل بحلول 2028

جنيف (سويسرا) - تحمل التوقعات حول أسواق العمل العالمية خلال السنوات القليلة المقبلة في طياتها الكثير من التغييرات الجوهرية بالنظر إلى تأثير عالم التكنولوجيا المزدهر على قطاع الأعمال.
وكشف تقرير حديث أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي الثلاثاء عن حالة “مستقبل الوظائف” أن ربع الوظائف الحالية، أي نحو 23 في المئة، سيشهد تغييرات عميقة في السنوات الخمس المقبلة.
وأوضح معدو التقرير أن بعض المجالات والوظائف كأخصائي الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي وأخصائي الاستدامة ومحلل ذكاء الأعمال وأمن المعلومات أكثر المجالات سرعة في النمو.
ورجّح خبراء المنتدى من خلال دراستهم للعوامل التي ستعمل على هذا التحول بحلول 2028 أن مجالات التعليم والزراعة والتجارة الرقمية تستأثر بالنصيب الأكبر من هذا النمو.
وتعد التوجهات الكبرى وخاصة الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر والامتثال إلى المعايير البيئية والاجتماعية والتعويل على سلاسل الإمداد المحلية، من بين العوامل الرئيسية لنمو الوظائف. لكن في المقابل ستكون التحديات الاقتصادية بما في ذلك ارتفاع نسب التضخم المالي وتباطؤ النمو الاقتصادي ونقص الإمدادات، أكبر خطر يهددها.
وأفاد التقرير أن أرباب الأعمال يتوقعون أن تسهم التكنولوجيا ومعظم التقنيات بشكل إيجابي في إيجاد فرص العمل، وبالتوازي تقف التكنولوجيا والرقمنة سببا في تراجع بعض الوظائف واندثارها، على غرار وظائف السكرتارية أو شبابيك البنوك.
وتشهد هذه الوظائف أسرع تراجع وفق التقديرات التي أدلت بها نحو 803 من الشركات تم استطلاع آراء مسؤوليها في المسح الذي أجراه المنتدى.
وفي ضوء ذلك يُعد أصحاب الأعمال والشركات والمستثمرون العُدة لإنشاء 69 مليون وظيفة جديدة، واستبعاد 83 وظيفة مسجلة في قاعدة البيانات، وهو ما يعني انخفاضا مباشرا يقدر بنحو 14 مليون وظيفة، أو 2 في المئة من فرص العمل القائمة حاليا.
كما كشف التقرير عن أن المهام لم تعد مؤتمتة اليوم أكثر مما كانت عليه قبل ثلاث سنوات، حيث أن ثلث المهام ونسبتها 34 في المئة مؤتمتة حالياً، بزيادة 1 في المئة فقط مقارنة بعام 2020، ومن المتوقع بلوغها نسبة 42 في المئة بحلول عام 2027.
وتوقع التقرير بأن يتم اعتماد الذكاء الاصطناعي، وهو أحد العوامل التمكينية الرئيسية للخوارزميات، من قبل ما يقارب من 75 في المئة من الشركات التي استجوبت، مما سيؤدي إلى ارتفاع معدل فقدان الوظائف
منظمة العمل الدولية توقعت ارتفاعا طفيفا في أرقام البطالة العالمية هذا العام بحوالي ثلاثة ملايين شخص بينما سيؤثر التضخم على الأجور الحقيقية
وتتوقع نصف الشركات أن يحفز الذكاء الاصطناعي نمو الوظائف، بينما تتوقع 25 في المئة من الشركات أن يتسبب في خفض عددٍ منها.
وشددت المديرة العامة للمنتدى سعدية زهيدي أنه يجب على الحكومات والشركات الاستثمار في دعم عملية الانتقال نحو وظائف الغد.
وقالت في بيان رافق نشر الدراسة إنه “من خلال الاستثمار في التعليم وإعادة تأهيل المهارات وهياكل الدعم الاجتماعي سنضمن بأن تكون وظائف الغد للعنصر البشري”.
وفي يناير الماضي حذرت منظمة العمل الدولية من أنّ التباطؤ الحالي في الاقتصاد العالمي سيُجبر المزيد من العمّال على قبول وظائف منخفضة الأجر ومحفوفة بالمخاطر تفتقر إلى الحماية الاجتماعية، ما يفاقم انعدام المساواة الذي زادت جراء الأزمة الصحية.
وتوقعت المنظمة ارتفاعا طفيفا في أرقام البطالة العالمية هذا العام بحوالي ثلاثة ملايين شخص بينما سيؤثر التضخم على الأجور الحقيقية.
وفي ضوء ذلك، سيصل العدد إلى 208 ملايين شخص، وهو ما يمثل تحوّلا عن الانخفاض الملحوظ الذي سجل حلال الفترة الفاصلة بين عامي 2020 و2022.
وتشير التقديرات إلى مستوى متوسط البطالة العالمي يبلغ حوالي 5.8 في المئة، لكن الأرقام تختلف بين الاقتصادات الكبيرة كالولايات المتحدة والصين، وبين الاقتصادات الناشئة مثل تركيا والبرازيل، والاقتصادات النامية مثل معظم البلدان العربية والأفريقية.