طريق الهجرة من تونس نحو أوروبا أصبح أخطر من الهجرة عبر ليبيا

تقرير دولي يؤكد تزايد عدد المهاجرين الغرقى في المتوسط هذا العام.
الجمعة 2023/06/30
قوارب الموت المحقق

تشهد موجات المهاجرين المنطلقة من السواحل الليبية والتونسية نحو شواطئ أوروبا تزايدا لم يسجّل منذ أعوام، حيث أكدت بيانات نشرتها المنظمة الدولية للهجرة وفاة ألفي مهاجر منذ بداية العام الجاري.

جنيف - كشف تقرير دولي عن تزايد عدد المهاجرين الذين يلقون حتفهم وهم يحاولون عبور البحر نحو أوروبا هذا العام، وسط إقرار بأن الطريق التونسي نحو السواحل الأوروبية أصبح أكثر خطورة من الطريق الليبي، خصوصا مع استخدام القوارب الحديدية. وقال خبراء من المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة إن عدد المهاجرين الذين لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الوصول إلى أوروبا عن طريق البحر هذا العام ناهز الألفين.

ومعروف أن عدد الأشخاص الذين يفقدون حياتهم كل عام في البحر المتوسط صادم، لكن هذا العام “في طريقه إلى أن يكون أسوأ من العام الماضي” وفق تقرير للإذاعة الأميركية العامة “أن بي آر”. ووفقا لبيانات المنظمة الدولية للهجرة، توفي ما لا يقل عن 1999 مهاجرا بين 1 يناير و26 يونيو من هذا العام، معظمهم قضوا غرقا. وانقلب قارب الصيد “أدريانا” قبل أسبوعين قبالة سواحل اليونان.

وتقدر المنظمة الدولية للهجرة عدد الذين لقوا حتفهم في البحر الأبيض المتوسط بـ596 شخصا. وكان القارب غادر ليبيا مكتظا بالمئات من الأشخاص، وعندما انقلب، أودى بحياة معظم المهاجرين الذين كانوا على متنه. ويعتبر ارتفاع عدد المحاولات عاملا آخر ساهم في زيادة العدد الإجمالي للمهاجرين الذين يلقون حتفهم وهم يحاولون عبور البحر نحو أوروبا. وشهدت إيطاليا على وجه الخصوص زيادة كبيرة في عدد المهاجرين الوافدين: أكثر من 60 ألفا حتى الآن هذا العام، مقارنة بأقل من 27 ألفا خلال نفس الفترة من العام الماضي.

فلافيو دي جياكومو: القوارب الحديدية عرضة للكسر ويمكن أن تنقلب بسهولة
فلافيو دي جياكومو: القوارب الحديدية عرضة للكسر ويمكن أن تنقلب بسهولة

وتقدر المنظمة الدولية للهجرة أن إجمالي الوافدين من المهاجرين عن طريق البحر إلى أوروبا وصل إلى أكثر من 82 ألفا هذا العام، مقارنة بأقل من 49 ألفا العام الماضي. وتهدف العديد من قوارب المهاجرين للوصول إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية الصغيرة، التي تقع في منتصف الطريق بين تونس وصقلية. ويصل الآن تدفقان من المهاجرين إلى لامبيدوزا: من تونس والآخر من ليبيا. وفي الأسبوع الماضي، فُقد 37 مهاجرا بعد انقلاب قاربهم بين تونس ولامبيدوزا. ويغادر نوع جديد من القوارب تونس منذ أكتوبر، وهي قوارب مصنوعة من الحديد.

ويقول فلافيو دي جياكومو، المتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة في إيطاليا، لـ”إن بي آر” إن “هذه القوارب عرضة للكسر ويمكن أن تنقلب بسهولة شديدة”.  ويضيف “القوارب الحديدية هي أكثر القوارب هشاشة التي رأيناها في البحر الأبيض المتوسط”. ويتابع “هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها مهاجرين يصلون في مثل هذه الحالة السيئة من تونس”.

ولطالما كان الطريق الليبي أخطر من الطريق التونسي لأنه أبعد، لكن مع استخدام القوارب الحديدية أصبح الطريق التونسي أكثر خطورة من ذي قبل. وتقول ريفا دينغرا، زميلة ما بعد الدكتوراه في معهد بروكينغز والمتخصصة في تدفقات الهجرة، إن “شبكات التهريب في ليبيا وخاصة تونس تفاقم المشكلة”.

وتضيف أن “المهربين يثقلون القوارب غير الصالحة للإبحار بأعداد هائلة”، وتتابع “يضعون الناس في قوارب لا تمنحهم أي فرصة لدخول أوروبا”. وأضافت “المهربون لا يهتمون بالضرورة إذا وصل الناس إلى وجهتهم، إنهم يهتمون فقط بالمقابل المادي”. وبعد انقلاب أدريانا، قال خفر السواحل اليوناني إنه لم يتدخل، لأن القارب كان يتقدم في طريقه إلى إيطاليا ولم يكن في حاجة إلى أيّ إنقاذ. لكن تحقيقا أجرته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وجد أدلة على أن القارب لم يتحرك إلا بصعوبة لمدة سبع ساعات قبل أن يغرق.

ويقول خبير، إن خفر السواحل الأوروبي يتدخلون ببطء، مضيفا “قوارب المهاجرين لا تلبي الحد الأدنى من متطلبات الإبحار، لأنها يمكن أن تنقلب، لذا يتطلب إنقاذها على الفور”. وأشار إلى أن “حرس السواحل لا يحترمون هذا المعطى”. ويقول دي جياكومو إن عدد المهاجرين الذين يصلون إلى أوروبا الآن مماثل لما كان عليه في الفترة مت بين عامي 2015 و2017 لكن عمليات الإنقاذ كانت أسرع وأكثر كفاءة في ذلك الوقت، لأنه كانت هناك المزيد من سفن الإنقاذ الأوروبية والمنظمات غير الحكومية في البحر لمساعدة القوارب المنكوبة.

◙ محاولات العبور غالبا ما تحدث في سفن مكتظة بالمهاجرين بشكل عشوائي مما يجعل الرحلة محفوفة بالمخاطر وقد تكون قاتلة

وسبق أن نشرت صحيفة “نيويورك تايمز”، الشهر الماضي، لقطات فيديو تظهر رجالا ملثمين تركوا طالبي اللجوء، بمن فيهم أطفال يافعون، في البحر، فيما تخلى حرس السواحل اليوناني عنهم على قارب مطاطي. ويقول دي جياكومو تعليقا على ذلك “يجب أن تكون الأولوية لإنقاذ الأرواح في البحر، لكن هذا لا يحدث الآن”. ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، يعد وسط البحر المتوسط الطريق الأكثر فتكاً بالمهاجرين في العالم.

وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 19500 شخص لقوا حتفهم منذ عام 2014، أثناء محاولتهم عبور هذا البحر من شمال أفريقيا إلى أوروبا. وغالباً ما تحدث محاولات العبور في سفن مكتظة بالناس مثل القوارب المطاطية أو المصنوعة بشكل عشوائي وتفتقر إلى الجودة، مما يجعل الرحلة محفوفة بالمخاطر وقد تكون قاتلة.

كما تتم قيادة السفن من قبل عصابات إجرامية ومهربي البشر. ففي تونس، التي تعد إلى جانب ليبيا نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر البحر الأبيض المتوسط، توجد مقبرة مخصصة للأشخاص الذين ماتوا غرقاً في البحر. وتمرّ الغالبية العظمى من الناس الذين يحاولون عبور البحر المتوسط عبر ليبيا، حيث ‏يتعرضون لمستويات مروعة من العنف، بما في ذلك الاختطاف والتعذيب والابتزاز‎.‎

4