طريق الأردن طويل لتحقيق أهداف مسح بصمته الكربونية

عمّان - يجمع محللون على أن الأردن ربما يكون متعمقا في مساعيه لتحقيق أهداف مسح البصمة الكربونية أسوة بدول الشرق الأوسط، لكن اللعبة النهائية لا تزال بعيدة عن الوضوح، حيث لم ينفذ سوى جزء ضئيل جدا من الإستراتيجية التي تمتد حتى 2030.
ونفذت وزارة الطاقة عددا من المشاريع الخضراء خلال الفترة الممتدة بين 2015 و2023، لتجسيد التزامات البلد المتعلقة بالبيئة والتغيرات المناخية تبعا لاتفاقية باريس.
وتمكنت من خلال البرامج التي نفذها صندوق الطاقة المتجددة من تحقيق خفض بنحو 97.2 ألف طن سنويا في ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل 1.1 في المئة من الالتزامات المستهدفة لعام 2030 للقطاعات جميعها.
ويبدو هذا الرقم ضعيفا إذا ما تمت تجزئة نسب التخفيض على سنوات المخطط، الأمر الذي يعني أن الدولة عليها بذل جهد أكبر لنشر الطاقة المستدامة بين السكان وفي الاستخدامات الاقتصادية.
وتأتي الإجراءات للمحافظة على الأثر الاقتصادي والاجتماعي المتحقق على الأردنيين، وعلى الاقتصاد الأخضر المحلي بشكل عام، لكن ثمة من يشكك في قدرة الدولة على ترجمة تطلعاتها كما يحصل في البعض من دول الخليج ومصر والمغرب وتونس.
وبحسب الوزارة، تظهر حاجة الأردن الملحة إلى اتخاذ إجراءات عملية من شأنها الحد من الانبعاثات، لتحقيق هدفه المتمثل في خفضها بنسبة 31 في المئة بحلول نهاية هذا العقد، والوفاء بالتزاماته المناخية تماشيا مع الجهود العالمية في مواجهة تغير المناخ.
◙ 1.1 في المئة نسبة الخفض حتى الآن من الالتزامات المستهدفة لعام 2030 للقطاعات جميعها
ولعب الأردن دورا أساسيا في المساهمة المحددة محليا، الأمر الذي انعكس إيجابا بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة وتحقيق الهدف 13 من أهداف التنمية المستدامة، والمتعلق بالعمل المناخي.
ونقلت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية عن الوزارة قولها إنه "من المقرر الوصول بمساهمة الطاقة المتجددة مزيج الكهرباء إلى 31 في المئة عام 2030 وتخفيض الانبعاثات من قطاع الطاقة بنسبة 10 في المئة بعد ست سنوات، وفق خطتها للفترة 2020 – 2030".
وسجل الأردن زيادة نسبة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكلي من 0.7 في المئة عام 2014 إلى حوالي 14 في المئة، وزيادة نسبة مساهمة الطاقة المتجددة في خليط الطاقة الكهربائية من صفر في المئة إلى 26 في المئة في مزيج الكهرباء عام 2023.
كما تم تنفيذ برامج ومشاريع تحسين كفاءة الطاقة في مختلف القطاعات التي ساهمت بخفض قرابة 3.34 مليون طن من انبعاثات الغازات الدفيئة بنهاية العام الماضي.
وتظهر الأرقام الرسمية أن العقارات السكنية سجلت انخفاضا بمقدار 68.78 ألف طن سنويا من الكربون، بفضل تمويل الصندوق لبرامج استخدام تطبيقات الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة سعيا لتخفيض استهلاك الطاقة النهائية.
كما تراجعت انبعاثات قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة بمقدار 3.5 طن سنويا من الكربون، عبر تنفيذ برنامج كفاءة الطاقة للمصانع الذي سجل انخفاضا يقدر بنحو 2836 طنا سنويا، في حين سجل برنامج كفاءة الطاقة للفنادق 718 طنا سنويا.
وساهمت البرامج المنفذة في قطاع المباني الحكومية والعامة في تسجيل انخفاض بمقدار 21.5 ألف طن سنويا من انبعاثات الكربون، من خلال تنفيذ مشاريع ساهمت في هذا الانخفاض.
وحقق برنامج تركيب الألواح الشمسية لدور العبادة أعلى نسبة انخفاض مسجلا أكثر من 10 أطنان سنويا، فيما حقق مشروع التنمية الاقتصادية والطاقة المستدامة (سييد) 7900 طن سنويا، يليه مشروع تركيب الألواح للمدارس الذي حقق 2101 طن سنويا.
ومع ذلك، تتعرض الحكومة لضغوط للإسراع في ترجمة خطط التحول الأخضر بتعزيز الوصول إلى التمويلات بشكل أكبر في مسار تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة بالنظر إلى حاجة البلاد إلى زيادة مزيج هذه المصادر في إنتاج الكهرباء.
◙ ضغوط تدفع الحكومة للإسراع في ترجمة خطط التحول الأخضر بتعزيز الوصول إلى التمويلات بشكل أكبر
ويؤكد البطء في إيقاع نشر مزارع الشمس والرياح في البلاد أن السياسات التي تتبعها الحكومة في ظل القوانين القائمة لا تأتي بالنتائج المرجوة رغم محاولات الترويج لتبني هذا المسار عبر تسهيلات قدمتها في الأعوام الماضية للإسراع في اعتمادها.
ويعد أمن الطاقة من القضايا الأساسية التي أولتها السلطات اهتماما استثنائيا، لمواجهة التداعيات الناجمة عن الظروف المناخية القاسية، التي يشهدها العالم، والتي أثرت بصورة مباشرة على النمو الاقتصادي ورفاهية المواطنين.
واعتمدت إستراتيجيات البلد على نهج شمولي لتحقيق أمن الطاقة من خلال التحول نحو مصادر أكثر استدامة، وزيادة كفاءة الطاقة بما يسهم في معاضدة جهود العالم نحو الحياد الكربوني وفي الوقت ذاته تخفيف جزء من الأعباء في بند الطاقة بالميزانية.
ولكن دراسة حديثة أطلقها مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية بالتعاون مع منتدى البحوث الاقتصادية حول دور المشاريع الصغيرة والمتوسطة في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام في إطار التحول إلى الطاقة المتجددة، تظهر أن الدولة أمامها الكثير لتفعله.
وأوصت الدراسة التي تم نشرها الشهر الماضي، بضرورة تعزيز تمويل الطاقة المتجددة من خلال جذب الاستثمار من القطاعين العام والخاص في مشاريع الطاقة المتجددة مثل طاقتي الشمس والرياح، والاستفادة من الموارد الطبيعية في الأردن.
كما طالب المركز بتطوير السياسات والقوانين لتسهيل تبني الطاقة المتجددة وتبسيط الإجراءات التنظيمية وتقديم الحوافز لتشجيع وتعزيز مشاركة المؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد الأخضر.