طريقة مبتكرة لإعادة مروان البرغوثي إلى التداول: اعتدوا عليه في حبسه

يمكن للبرغوثي بتاريخه وشعبيته داخل فتح أن يجمع شتات الحركة ويقيم حوارات بين قادتها ممن انشقوا وغادروا أو ما زالوا داخل الحركة.
الثلاثاء 2024/10/29
منقذ حركة فتح

رام الله (الأراضي الفلسطينية) – لعل من المبكّر الحكم على الضجة التي أثيرت عن اعتداء تعرض له أمين عام منظمة التحرير الفلسطينية السابق مروان البرغوثي في سجنه، إن كان اعتداء حقيقيا أم لفظيا، وإن كان من يثيره هم الفلسطينيون أم الإسرائيليون، إلا أن المؤكد أن القضية أعادت تداول اسم البرغوثي على نطاق واسع في مرحلة تشهد فيها الساحة الفلسطينية فراغا كبيرا في الوجوه والقيادات.

ويعتبر الكثير من الفلسطينيين أن وجود البرغوثي أمر مهم في هذه المرحلة، فهو يمكن أن يملأ الفراغ داخل السلطة الفلسطينية، التي باتت على الهامش، وينقذ حركة فتح من التراجع الكبير الذي تعرفه، ووجود جمهورها تحت تأثير الخطاب الذي تطلقه حركة حماس، التي ازدادت شعبيتها في الضفة بشكل ملحوظ.

ويمكن للبرغوثي بتاريخه وشعبيته داخل فتح أن يجمع شتات الحركة ويقيم حوارات بين قادتها ممن انشقوا وغادروا أو ما زالوا داخل الحركة ما يمكّنها من أن تكون قوة تستطيع أن تواجه تمدد حماس وتقطع الطريق أمام المسار الانتحاري الذي تقود إليه الفلسطينيين بخوض حروب غير محسوبة تضرر منها الفلسطينيون ولم يكسبوا منها شيئا.

اسم البرغوثي يتم تداوله على نطاق واسع في مرحلة تشهد فيها الساحة الفلسطينية فراغا كبيرا في الوجوه والقيادات

ونجحت حماس في جرّ فتح إلى جلسات حوار وطني غير متكافئ ويخدم حماس التي تريد مصالحة تسبغ عليها الشرعية وتحقق شروطها.

ويرى متابعون للشأن الفلسطيني أن وجود البرغوثي يمكن أن يكون مفيدا للسلطة كمحاور مع إسرائيل التي عزلت الرئيس الفلسطيني محمود عباس بسبب ضعفه أمام حماس وعجزه عن تنفيذ الاتفاقيات، فضلا عن تقلب مواقفه واتصالاته الخارجية.

ومن شأن وجود شخصية قوية مثل البرغوثي أن تعطي دفعا للسلطة في علاقتها بعملية السلام، وأن تكون شريكا في حوارات “اليوم التالي” ما بعد الحرب، وتعيد فتح قنوات التواصل مع العمق العربي.

وسبق أن تعرض البرغوثي “لاعتداء وحشي وخطير” من جانب إدارة السجون الإسرائيلية في سبتمبر، وفق ما ذكرت منظمات غير حكومية تتابع شؤون المعتقلين في السجون الإسرائيلية.

وقالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني في بيان مشترك “وحدات القمع في السجون قامت باعتداء وحشي على البرغوثي في زنزانة العزل الانفرادي بتاريخ التاسع من أيلول/سبتمبر الماضي مستخدمة أدوات قمع وضرب مختلفة”.

ووقعت الحادثة في سجن مجدو في شمال إسرائيل. وحصلت المنظمتان على هذه المعلومات من محامي هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية الذي تمكّن من زيارة البرغوثي الأحد بعد انقطاع بسبب منعه من الزيارة لمدة ثلاثة أشهر، وفق ما أفاد نادي الأسير وكالة فرانس برس.

حح

وبحسب البيان، تسبّب الاعتداء الذي تعرّض له البرغوثي “بإصابات في جسده وأضلاعه وأطرافه، ونزيف في أذنه اليمنى وجرح في ذراعه الأيمن وآلام في ظهره”.

وفي معرض ردها على استفسارات فرانس برس، أكدت مصلحة السجون الإسرائيلية أنها “تعمل وفقا لأحكام القانون”.

وقالت إن “البرغوثي تقدّم بشكاوى مرتين بشأن ادعاءات سوء معاملة في السجن، فحصت المحكمة كل ادعاءاته وخلصت إلى أنه لم يكن هناك انتهاك للقانون من قبل مصلحة السجون”.

ويطرح اسم البرغوثي، وهو عضو في اللجنة المركزية لحركة فتح، بين الأسماء المحتمل الإفراج عنها في حال تم التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحركة حماس لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

والبرغوثي معتقل منذ العام 2002 بتهمة القتل خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت في العام 2000 ضد إسرائيل واستمرت حتى العام 2005.

وجود شخصية قوية مثل البرغوثي ستعطي دفعا للسلطة في علاقتها بعملية السلام، وتعيد فتح قنوات التواصل مع العمق العربي

وحُكم عليه في يونيو 2004 بخمسة أحكام بالسجن لمدى الحياة.

ومنذ بدء الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر، وُضع البرغوثي في العزل الانفرادي، وقالت المنظمات التي تتابع شؤون المعتقلين الفلسطينيين إنه تعرض للاعتداء مرتين منفصلتين منذ ذلك التاريخ.

ورأت هيئة شؤون الأسرى أن “تعرّض الأسرى في سجون الاحتلال إلى الاعتداء، ومن بينهم رموز وقيادات الحركة الأسيرة، لا تحمل إلا تفسيرا واحدا يتمثل باتخاذ الاحتلال قرارا واضحا بمحاولة اغتيالهم”.

وقالت الهيئة ونادي الأسير “ما يجري بحق الأسرى والمعتقلين داخل سجون ومعسكرات الاحتلال يمثل وجها آخر لجريمة الإبادة”.

وبحسب المؤسستين، “ارتقى في سجون الاحتلال العشرات من الأسرى والمعتقلين، أعلن عن هويات 41 منهم”.

وتعتقل إسرائيل في سجونها أكثر من تسعة آلاف فلسطيني، حوالي خمسة آلاف اعتُقلوا بعد هجوم السابع من أكتوبر، إضافة إلى عدد غير معروف من الذين اعتقلوا من قطاع غزة.

وأكدت الحملة الشعبية لإطلاق سراح البرغوثي تعرّضه للاعتداء، وطالبت في بيان “المؤسسات والمنظمات الدولية بالقيام بواجبها في حماية البرغوثي والأسرى والأسيرات وفقا لما تفرضه القوانين الدولية”.

1