طرابلس تكتفي بالاحتجاج على خطط اليونان للتنقيب عن النفط وسط صمت تركي

أنقرة تفضل، ولو بشكل مؤقت، تجنب التصعيد مع اليونان حفاظا على مصالحها الأوسع في شرق المتوسط.
السبت 2025/06/21
الليبيون أولى بحماية مواردهم النفطية

طرابلس- وافقت اليونان مؤخرا على عطاءات دولية للتنقيب عن النفط والغاز قبالة جزيرة كريت، وهي منطقة تعتبرها ليبيا جزءا من مياهها الاقتصادية الخالصة بموجب الاتفاق البحري الموقع مع تركيا سنة 2019. وبينما اكتفت حكومة عبدالحميد الدبيبة بإصدار بيان احتجاج رسمي على هذه الخطوة، لفت غياب أيّ موقف تركي واضح الأنظار، ما فتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول جدوى التحالفات الليبية الإقليمية في حماية الحقوق البحرية للبلاد.

وظل بيان حكومة الوحدة المنتهية ولايتها في إطار الاحتجاج الدبلوماسي التقليدي دون أن يترافق مع أيّ خطوات عملية سواء عبر تحريك القضية أمام الأمم المتحدة أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية ولا يبدو حتى أنها تفكر في إطلاق مساع إقليمية للضغط على أثينا.

ولم تصدر أنقرة، التي وقّعت مع حكومة الوفاق السابقة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية، أيّ موقف رسمي لدعم حكومة الدبيبة في مواجهة التحرك اليوناني، حيث يطرح هذا الغياب علامات استفهام حول التزام تركيا بتلك الاتفاقية، خصوصا في ظل تقاربها النسبي مع اليونان خلال الأشهر الأخيرة وسعيها لتهدئة الخلافات مع الاتحاد الأوروبي.

ويرى مراقبون أن أنقرة تفضل في هذه المرحلة تجنب التصعيد مع اليونان حفاظا على مصالحها الأوسع في شرق المتوسط، وهو ما يجعل الملف البحري ورقة تفاوض ضمن حسابات أكبر تتعلق بعلاقتها ببروكسيل وواشنطن.

ويرى هؤلاء أن الصمت التركي الحالي هو تكتيك مؤقت، مرجحين أن تلجأ تركيا في حال استمرت اليونان في فرض الأمر الواقع إلى إرسال قطع بحرية أو سفن أبحاث إلى المنطقة المتنازع عليها تحت حماية عسكرية كما فعلت في أزمات سابقة مع أثينا ونيقوسيا. وبدورها تلتزم السلطات شرق البلاد الصمت إزاء تحركات اليونان في المتوسط، رغم أن المناطق المتنازع عليها تدخل ضمن مجال سيطرتها وليست تحت سيطرة حكومة الوفاق.

وتفضل حكومة أسامة حماد، ومن خلفها الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر والبرلمان بقيادة عقيلة صالح، عدم التورط في نزاع بحري معقد لا تملك فيه أوراقا مباشرة، خاصة في ظل علاقتها المفتوحة مع مصر واليونان. كما يسلط صمت المنطقة الشرقية الضوء على استمرار الانقسام الليبي الذي يضعف قدرة البلاد على تقديم موقف موحد وفاعل في قضايا إستراتيجية كملف البحر المتوسط.

◙ الصمت التركي تكتيك مؤقت ويمكن لأنقرة أن تلجأ إلى إرسال قطع بحرية أو سفن أبحاث إلى المنطقة المتنازع عليها تحت حماية عسكرية

واعترضت الحكومة المعترف بها دوليا في ليبيا على موافقة اليونان على طرح عطاءات دولية للتنقيب عن الهيدروكربونات في مناطق بحرية جنوبي جزيرة كريت وقالت إن بعضها يقع “في نطاق المناطق البحرية المتنازع عليها”.

وذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية في حكومة الدبيبة أنها تتابع “بقلق بالغ” ما ورد “بشأن إعلان السلطات اليونانية فتح دعوة دولية لتقديم عطاءات لمنح تصاريح استكشاف واستغلال الهيدروكربونات في مناطق بحرية جنوبي جزيرة كريت بعضها في نطاق المناطق البحرية المتنازع عليها مع الدولة الليبية”.

وتسعى الدولتان إلى إصلاح العلاقات المتوترة بينهما بسبب اتفاقية وقّعتها الحكومة الليبية في 2019 مع تركيا، المنافس الإقليمي لليونان، لترسيم الحدود البحرية بين البلدين قرب الجزيرة اليونانية.

واحتجت أثينا على الاتفاقية وقالت إنه ليس لها أساس قانوني إذ تسعى إلى إنشاء منطقة اقتصادية خالصة تمتد من الساحل الجنوبي لتركيا على البحر المتوسط إلى الساحل الشمالي الشرقي لليبيا، متجاهلة وجود جزيرة كريت.

ودعت أثينا الشهر الماضي الشركات العالمية إلى تقديم عطاءات للتنقيب عن النفط والغاز في منطقتي امتياز جنوبي كريت بعد أن أبدت شركة شيفرون الأميركية العملاقة اهتمامها بالمنطقة. وقالت الوزارة الليبية في البيان “هذه الخطوات تعد انتهاكا صريحا للحقوق السيادية الليبية”.

وأضافت الوزارة في البيان الذي صدر في وقت متأخر الخميس أنها تسجل “تحفظها الكامل واعتراضها الواضح على أيّ أعمال استكشافية أو تنقيبية في هذه المناطق دون الوصول إلى تفاهم قانوني مسبق يحترم قواعد القانون الدولي” ودعت السلطات اليونانية إلى إعطاء الأولوية للحوار والتفاوض.

وقال مصدر كبير في وزارة الطاقة اليونانية إن أثينا التزمت بالقانون الدولي للبحار وإن حكومة البلاد ملتزمة بالنقاشات “من خلال إطار عمل الشرعية الدولية.” وطلب المصدر عدم ذكر اسمه بسبب حساسية الأمر.

وردا على أسئلة في البرلمان اليوناني، قال وزير الخارجية جورج جيرابيتريتيس إن أثينا مستعدة أن تبحث مع ليبيا “ترسيم حدود المناطق البحرية في إطار القانون الدولي”. وذكر مسؤول في وزارة الخارجية اليونانية لرويترز بعد أن طلب عدم ذكر اسمه أنه من المتوقع أن يزور جيرابيتريتيس ليبيا في الأسابيع القليلة المقبلة.

1