"طبقات المشايخ بالمغرب" دراسة للمجتمعات المغاربية عبر سير أعلامها

الباحث علي بن سعيد الريامي يرصد في منهج الدرجيني للتعرف على موقعه الثقافي ومقدار فائدته لكونه يمثل مرحلة وسطى بالنسبة إلى حركة التأليف.
الثلاثاء 2024/05/28
دخول إلى عوالم مغربية لها خصوصياتها (لوحة للفنان إبراهيم بوحمادي)

• طلال المعمري

مسقط- يقدم الباحث علي بن سعيد الريامي دراسة مفصلة لمنهج أبي العباس أحمد بن سعيد الدرجيني في كتابه “طبقات المشايخ بالمغرب” الذي يتضمن تراجم لعلماء الإباضية في المغرب العربي.

وجاء الكتاب الصادر ضمن منشورات الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء (2024) في 608 صفحات من القطع المتوسط، وضم أربعة فصول ومقدمة وخاتمة، وقائمة بالمصادر والمراجع.

يقول الريامي في مقدمة كتابه “إن الدرجيني (ت 670هـ/ 1271م تقريبا) ألف ‘كتاب طبقات المشايخ’ بناء على طلب إباضية المشرق بعمان؛ رغبة منهم في الاطلاع على سير إخوانهم في المغرب”.

بوكس

ويضيف أن الدرجيني استفاد في الجزء الأول من كتابه من سير أبي زكرياء يحيى بن أبي بكر الوارجلاني (توفي بعد 474هـ/ 1081م)، كاشفا في دراسته عن حجم التداخل بين الكتابين، والكيفية التي تعامل بها الدرجيني مع سير أبي زكرياء.

ويوضح أن الجزء الثاني من كتاب الدرجيني يشتمل على تراجم لعلماء الإباضية في المشرق والمغرب، وكان لتراجم المغرب النصيبُ الأوفر منها، مشيرا إلى أن الدرجيني استفاد في هذا الجزء من سير أبي عمار التي يبدو أنها فُقدت، وأخذ عنه فكرة تقسيم العلماء إلى طبقات، هذا إلى جانب استفادته الكبيرة من “سير الوسياني”، لأبي الربيع سليمان بن عبدالسلام.

ويشير الريامي إلى أن عنوان الكتاب لا يشتمل على مصطلح “المغرب”، وأن المحقق أقحم مصطلح “المغرب” على العنوان، لتأكيد عناية الكتاب بسير مشايخ الإباضية بالمغرب.

ويرصد الريامي في الفصول الثاني والثالث والرابع موارد الدرجيني ومنهجه وأهم الجوانب التي تطرق إليها في كتابه، وهو “ما لم تتم دراسته من قبلُ بشكل معمق في دراسة علمية”، وفقا له.

ويوضح أن أهمية دراسة منهج الدرجيني من خلال كتابه “طبقات المشايخ” تأتي من “محاولة التعرف على موقعه الثقافي، ومقدار فائدته لكونه يمثل مرحلة وسطى بالنسبة إلى حركة التأليف في موضوع سير العلماء والأئمة الإباضية، علاوة على أنه وكتابه (طبقات المشايخ) لم يحظيا بدراسة علمية أكاديمية وافية”.

ومن هذا المنطلق “كان من غير الممكن الوقوف على منهج الدرجيني، وبيان مدى القيمة العلمية لكتابه، إلا من خلال دراسة مادته ومقارنتها مع المؤلفات التي سبقته في المجال نفسه، خاصة أنه يُعد أحد المصادر الرئيسية لدراسة الأوضاع: السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والثقافية، لمجتمعات طالما كان هناك اعتقاد أنها تعيش ما يُشبه العُزلة والاستقلالية، في أفكارها وأنظمتها السياسية والإدارية والاجتماعية، في عصر كان يسوده الاضطرابُ السياسي”.

ويقول الريامي “إن قيمة الكتاب تبرز -خاصة الجزء الثاني منه- فيما أداهُ الدرجيني من استكمال حلقة مهمة في كتابة السير الإباضية التي بدأها سلفه أبو زكرياء الوارجلاني، وتعد أخباره عن تأسيس نظام العزابة بالمغرب ذات أهمية كبيرة، وبالأخص حديثه عن حلقة وارجلان التي انتسب إليها طالبا مدة سنتين، إذ كان حديثه من واقع تجربة عايشها، فقد تحدث عن هيكلية هذا النظام، والمجالات التي تُشرف عليها حلقة العزابة، ونظامها التعليمي، وفكرها التربوي”.

يذكر أن علي الريامي أكاديمي بجامعة السلطان قابوس، ورئيس قسم التاريخ فيها منذ عام 2020، وهو عضو جمعية التاريخ والآثار بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وصدر له “قضية عزل الإمام الصلت بن مالك الخروصي”، و”التاريخ: مسارات الوعي وإعادة الكتابة”، و”حركة ألفاظ الحضارة العربية.. من بيان الجاحظ إلى عقد ابن عبد ربه”.

12