طاولة المفاوضات تنتقل إلى طهران: رئيس الوزراء القطري يزور إيران

الدوحة- سيزور رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني إيران خلال الأيام المقبلة بعد أن فشلت جولة المفاوضات، التي عقدت في الدوحة، في التوصل إلى هدنة بسبب غياب حركة حماس وعجز قطر عن تسليط ضغوط على القيادة الحالية للحركة لتقديم تنازلات تفضي إلى إيقاف الحرب.
ورغم أن إيران مستبعدة من المفاوضات ظلت طرفا مباشرا فيها ولو من وراء الستار، وهو ما يفسر الاتصالات القطرية المتواصلة معها خلال كل جولة أو بعدها.
ومن خلال برمجة زيارته إلى إيران بدا الشيخ محمد بن عبدالرحمن كمن ينقل طاولة المفاوضات إلى طهران بحثا عن مساعدة لتجاوز العقبات، خاصة أن قطر تتعرض بسبب هذه العقبات لضغوط أميركية بدت جلية من خلال زيارة وزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى الدوحة والمكالمات التي تلتها بين أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني والرئيس الأميركي جو بايدن.
وقبل أسبوع أجرى رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري اتصالين خلال 24 ساعة مع وزير خارجية إيران بالوكالة علي باقري كني، تضمنا تأكيدا على ضرورة التهدئة وخفض التصعيد في المنطقة، وهو ما ربطته أوساط خليجية بطلب الدوحة من طهران ممارسة ضغوط على حركة حماس لتقديم تنازلات خلال المحادثات بشأن الهدنة.
وتمتلك إيران قنوات تواصل مع حماس أكثر وأمتن مما تملكه قطر، خاصة بعد مقتل إسماعيل هنية وتهميش قيادات حماس في الخارج بتجميع السلطات السياسية والعسكرية وصلاحيات الحرب والسلم في يد زعيم الحركة الجديد يحيى السنوار.
وليس خافيا أن إيران تمتلك علاقات وثيقة مع قادة كتائب القسام، الذراع العسكرية لحماس، سواء بشكل مباشر أو من خلال حزب الله، وهو ما يفسر الزيارات المتتالية التي يقوم بها أبرز قادة القسام إلى بيروت، مثلما كشفت عن ذلك التصفيات التي نفذتها إسرائيل ضدهم في مناطق سيطرة الحزب في لبنان.
وليس من المعروف ماذا سيحمل الشيخ محمد بن عبدالرحمن إلى طهران من تعهدات أو تطمينات بشأن التصعيد الإقليمي بشكل يسمح لها بأن تطلب من حماس القبول بتنازلات كانت ترفضها بشكل مطلق، ومن بينها بقاء القوات الإسرائيلية في نقاط إستراتيجية بقطاع غزة مثل ممر فيلادلفيا أو ممر نتساريم.
◄ الشيخ محمد بن عبدالرحمن يبحث في طهران إزالة عقبات تضعها حماس أمام الهدنة وتعرض قطر لضغوط أميركية
وتعتقد الولايات المتحدة أن التوصل إلى هدنة بين حماس وإسرائيل ووقف إطلاق النار، ولو بشكل مؤقت، قد يكون خطوة ملائمة لإقناع إيران بتأجيل ردها على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية. لكن الإيرانيين يرفضون الربط بين المسألتين ويلوحون بتنفيذ الرد وإن طال الوقت كما جاء على لسان المتحدث باسم الحرس الثوري الإيراني علي محمد نائيني، وتحويل هذا الإبطاء إلى ورقة ضغط.
ولا يريد الإيرانيون المغامرة بالرد السريع في وقت تعيش فيه إسرائيل حالة استنفار وتأهب، وكذلك تتجهز الولايات المتحدة للرد من مواقع مختلفة في الشرق الأوسط على أي استهداف إيراني لأهداف إسرائيلية، لذلك تعمل طهران على استنزاف الإسرائيليين وحلفائهم بالترقب.
ويتخوّف المجتمع الدولي من تصعيد عسكري إقليمي أكبر بعد تهديدات إيران وحزب الله بالردّ على اغتيال هنية في 31 يوليو بطهران المنسوب إلى إسرائيل، واغتيال القائد العسكري في حزب الله فؤاد شكر بالضاحية الجنوبية لبيروت في ضربة إسرائيلية.
وفي ختام جولة جديدة في المنطقة قام بها بلينكن، ولم تؤد إلى حدوث انفراج، أكّد الرئيس الأميركي مساء الأربعاء في اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “الضرورة الملحّة لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن”.
وقالت المبعوثة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد لمجلس الأمن الخميس إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن “يلوح في الأفق” بينما حثت المجلس المكون من 15 عضوا على الضغط على حماس لقبول اقتراح لسد الفجوات في مواقف الجانبين.
وأضافت “إنها لحظة حاسمة لمحادثات وقف إطلاق النار وللمنطقة، وبالتالي يجب على كل عضو في هذا المجلس أن يستمر في إرسال رسائل قوية إلى الجهات الفاعلة الأخرى في المنطقة لتجنب الإجراءات التي قد تبعدنا عن إنجاز هذا الاتفاق”.
وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن نتنياهو يتمسّك بإبقاء الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، وهو شريط يمتد على طول الحدود بين قطاع غزة ومصر.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية الخميس “إن الأميركيين أدركوا أن بلينكن ارتكب خطأ بإعلانه موافقة نتنياهو على اقتراح التسوية وبأن الكرة الآن في ملعب حماس. وهم يحاولون الآن إنقاذ الاتفاق”.
وأشارت إلى أن المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط أُرسل إلى القاهرة لـ”محاولة حلّ مشكلة محور فيلادلفيا”.
على الأرض يكثّف الجيش الإسرائيلي عملياته في مناطق رفح وخان يونس في جنوب قطاع غزة، ودير البلح في وسطه، فيما يواجه السكان البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة كارثة إنسانية.
وأعلن الجيش أنه قام خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية بـ”تفكيك العشرات من مواقع البنى التحتية الإرهابية” و”تصفية أكثر من 50 إرهابيا”.
وأفاد متحدث باسم الدفاع المدني في غزة الخميس بوقوع غارات في مخيمي النصيرات والمغازي (وسط). كما أفاد شهود بأن مواجهات اندلعت بين مقاتلين فلسطينيين والقوات الإسرائيلية جنوب مدينة غزة (شمال).
وتؤجج الحرب التوترات بين إسرائيل وحزب الله اللبناني المدعوم من إيران، والذي فتح “جبهة إسناد” على حدود البلدين بالتزامن مع بدء الحرب في غزة.
وكثّفت إسرائيل ضرباتها على لبنان خلال الأيام الماضية، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص الأربعاء، وفق السلطات اللبنانية، من بينهم القائد العسكري في حركة فتح الفلسطينية خليل المقدح الذي اتهمته إسرائيل بالعمل لصالح إيران وتنسيق الهجمات ضدها في الضفة الغربية المحتلة.
واتهمت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس محمود عباس إسرائيل بالسعي إلى “إشعال المنطقة”.
وأعلن حزب الله أنه نفّذ نحو عشر هجمات الأربعاء ضد مواقع عسكرية في شمال إسرائيل وفي الجولان السوري الذي تحتله إسرائيل بصواريخ وطائرات مسيّرة متفجرة.
وقال نتنياهو مجددا خلال زيارة إلى قاعدة في شمال إسرائيل “نحن مستعدون لمواجهة أي سيناريو، دفاعيّا وهجوميّا”.